حرص وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف على تأكيد وقوف بلاده «الى جانب الشعب اللبناني وشعوب المنطقة»، واصفاً ايران بأنها «قوة تساهم وتساعد في تحقيق السلام والاستقرار في هذه المنطقة وستبقى على هذا النهج». وقال في اليوم الثاني من زيارته لبنان، المحطة الاولى في جولته الاقليمية الاولى بعد توقيع ايران الاتفاق النووي مع دول مجموعة (5+1) انه «بمعالجة الملف النووي توافرت وتتوافر الأرضية الصالحة للمزيد من التعاون بين الدول الاسلامية في هذه المنطقة، اذ ان الخلافات الطائفية الداخلية والتطرف تعتبر من التحديات الكبيرة في هذه المنطقة ولا يمكن القضاء عليها إلاّ بمزيد من التعاون بين الدول فيها. وكل الشعوب في المنطقة تتوقع منّا هذا الأمر ونعتقد ان لا بدّ لكل الجيران والدول الجارة ان تتبنّى الحوار والتعاون ويكونا مدار اهتمام هذه الدول لتحقيق المصالح المشتركة». وزار ظريف رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري مع الوفد المرافق والسفير الايراني لدى لبنان محمد فتحعلي. وعُقد اجتماع دام ثلاثة ارباع الساعة بين الجانبين في حضور الوفد الايراني، ثم عقدت خلوة ثنائية حضرها فتحعلي. وتركزت المحادثات، بحسب المكتب الاعلامي لبري، على «التطورات في لبنان والمنطقة والاتفاق النووي والمرحلة المقبلة». وقال ظريف: «تباحثنا في الشأن الاقليمي والتعاون في ما بيننا في خصوص تحقيق السلام والاستقرار والتقدم في لبنان. ونظراً الى الحكمة والحنكة والدور البارز للرئيس بري في دعم المقاومة ودعم الاستقرار نتمنى ان نستفيد من هذا الدور الكبير حتى تتجه الاوضاع في لبنان والمنطقة الى مزيد من الهدوء والامن والاستقرار». ولاحقاً، أشاد بري امام زواره من النواب ب»المواقف التي ادلى بها ظريف تجاه لبنان وحرص ايران على الوضع الداخلي اللبناني واستقراره، وعلى كل ما يتفق عليه اللبنانيون في كل الاستحقاقات». ونقل النواب عن بري قوله ان ظريف أبلغه ان ايران ملتزمة عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وانها حريصة على كل ما يساهم في دعم ومساعدة لبنان في هذه الظروف الدقيقة. وأشار النواب الى ان «جانباً مهماً من اللقاء بين بري وظريف تناول الاتفاق النووي ومرحلة ما بعده، ونقلوا عن بري قوله ان 14 تموز يوم توقيع الاتفاق يشكل نقطة تحول تاريخي ودولي سينعكس على المنطقة». مقبل والفصائل الفلسطينية وكان ظريف التقى في مقر اقامته في فندق «فينيسيا» نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل الذي أوضح أن الحديث تناول «ما يخص التصرف الايجابي لمصلحة لبنان». وعن الهبة الايرانية لتسليح الجيش، قال مقبل: «لم نتحدث عن تسليح الجيش ولكن الجيش اليوم في جاهزية وقوة وتماسك كامل. وتأتي عملية التسلح في المرحلة التالية ويعالج في حينه موضوع الهبة الايرانية». ولاحقاً، قال مقبل من الديمان بعد زيارته البطريرك الماروني بشارة الراعي عن لقائه ظريف: «تحدثنا عن أوضاع الجيش اللبناني وقدرته العسكرية وأكدت له أنه جيش متماسك قوي ومجهز وحاضر، ولم نبحث أبداً في موضوع الهبة الإيرانية للجيش»، وانه طلب منه «المساعدة في تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين وافهامهم انه لا يمكن الوصول الى أي حل إلا عبر الحوار بينهم، وان من يتوصل الى حل مع أميركا حول النووي الإيراني بإمكانه أن يساعدنا في لبنان»، مشيراً الى انه «لمس منه كل تجاوب وإيجابية». والتقى ظريف في مقره ايضاً ممثلي فصائل فلسطينية في لبنان. وأكد امامهم «الالتزام بالنصر الذي حققته المقاومة في لبنان في مثل هذه الايام وايران تقف بفخر مع المقاومة ضد الاجرام الصهيوني ونحن باقون على هذا النهج». وقال: «ان حل القضية النووية السلمية نصر للجميع في المنطقة، وكانت هناك لعبة خطيرة من قبل الكيان الصهيوني ولكنها خاسرة ولن يجد نتنياهو اي حجة للاستمرار بالاجرام والقتل». وأضاف: «نمد يد التعاون لدول المنطقة والشرفاء لبناء افضل العلاقات لاننا نواجه خطراً داخلياً يتمثل بالتطرف والطائفية، ولا بد لنا من الوحدة لمواجهتها». وكانت مداخلات لعضو المجلس السياسي في «حزب الله» حسن حب الله كونه المسؤول عن الملف الفلسطيني في الحزب وامين سر منظمة التحرير الفلسطينية فتحي ابو العردات، ومسؤول «حماس» في لبنان علي بركة، ورئيس المجلس الاسلامي الفلسطيني في لبنان الشيخ محمد نمر زغموت ورئيس جمعية الصداقة الفلسطينية - الايرانية في لبنان حمزة البشتاوي. الخارجية والمحطة الاخيرة لظريف في بيروت قبل مغادرته الى دمشق كانت في وزارة الخارجية حيث اجرى محادثات مع نظيره اللبناني جبران باسيل وعقدا في نهايتها مؤتمراً صحافياً.وقال ظريف ان بلاده حاولت «ان تبرز للعالم ان العقوبات والضغط لا يمكن ان تعالج المشاكل في العالم، بل التعاون البناء والحوار المبني على الاحترام». وجدد القول ان «لبنان مثال للمقاومة ورمز للحوار البناء بين مختلف القوميات والطوائف والاعراق، وهناك فرصة جديدة لدول المنطقة تتمثل برؤية جديدة قائمة على الحوار وتطوير مبدأ السلام والاستقرار للوقوف في وجه الارهاب واسرائيل». وعن انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، اكتفى ظريف بالقول: «نحن مسرورون لسماعنا الاخبار عن الحوار في لبنان في ما خص القضايا المهمة، وايران لا تتدخل في الشؤون الداخلية ونعتقد أن لبنان لا يجب أن يكون ساحة لتلاعب الدول الأخرى، ونعتبر أنها قضايا داخلية ولا بد من معالجتها من الشعب اللبناني. ونتوقع من اللاعبين السعوديين الآخرين ألا يعرقلوا الوصول إلى النتيجة بل أن يسهلوا الأمر». وعن إمكان إجراء حوار سعودي - إيراني لحل قضايا المنطقة، قال: «أنا مسرور جداً لأنني زرت قطر، وكان هناك اهتمام من إيران باقتراح قدم في الحوار بينها وبين دول مجلس التعاون، وإن شاء الله هذا الحوار سيستمر، ويسير الاقتراح إلى الأمام ونحن مستعدون دائماً للحوار والتفاوض مع جيراننا، ولا نشعر بأن هناك أي مانع في هذا المجال». اما باسيل فرأى ان ضيفه «يحمل معه لغة ديبلوماسية والحوار الذي كرسه الاتفاق النووي على حساب منطق العزل». وقال: «استشعرنا مع ايران خطر الارهاب اللانساني ونبهنا من استبعادها عن مواجهة الارهاب. وسورية استقطبت مغناطيسياً العناصر الارهابية ولبنان يعاني من تصدير الارهاب من سورية اليه». وقال: «بلدنا يعول على مساعدة ايران في الحفاظ على التعددية». وأمل باسيل بأن «ينعكس الاتفاق النووي ايجاباً على منطقتنا»، وقال: «عودة النازحين السوريين الى ارضهم يمكن ان تكون المقدمة لأي حل سياسي في سورية». لقاء نصر الله وكان ظريف زار الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله، مع الوفد المرافق له، في حضور فتحعلي، وتركز البحث، بحسب اعلام الحزب على «التطورات في لبنان والمنطقة والمساعي للبحث عن حلول في أكثر من ساحة وبلد، ونتائج وآثار الاتفاق النووي على مجمل الأوضاع العامة». 14 آذار تعترض على لقاء لظريف في المقابل، استهجنت الأمانة العامة ل«قوى 14 آذار» «لقاء ظريف مع منظمات فلسطينية مقرها في دمشق، ويستخدمها النظام ضد الشعب السوري». وسألت: «هل قررت دولة ايران استخدام الوجود الفلسطيني في لبنان ورقة من بين أوراقها المستخدمة في نصرة النظام السوري؟». واعتبرت ان اعتراض رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النيابي ميشال عون على تأجيل تسريح القيادات العسكرية السياسي «حق يحفظه الدستور وترعاه القوانين وفقاً للأصول»، لكنها حذرت من أن «يتحول اعتراض على تدبير إداري إلى أزمة وطنية مفتوحة»، متعهدة «الدفاع عن المؤسسات الدستورية والعسكرية والتمسك بالدستور اللبناني نصاً وروحاً منعاً لانزلاق لبنان نحو المجهول». واستغربت الأمانة العامة بعد اجتماعها الدوري برئاسة منسقها العام فارس سعيد «تهجم قائد سابق للجيش على قائد حالي (العماد جان قهوجي) وذهاب العماد عون إلى حد اتهام الجيش بالتقاعس عن مهماته الوطنية التي، على حد قوله، «أخذها «حزب الله» على عاتقه مشكوراً». ورأت ان موقف عون «يضرب هيبة مؤسسة عريقة تضحي بأغلى ما لديها من أجل الحفاظ على لبنان، ويفتح الباب عريضاً امام التطاول عليها من أعدائها». وتوقفت عند «اعتداءات وجرائم خطف لمواطنين لبنانيين ورعايا من الجنسية التشيخية على رغم الكلام الرسمي على خطة أمنية»، معتبرة ان «هذه الأحداث تحظى بغطاء من «حزب الله» وإلا لما كانت لتحصل».