توفي رئيس مجلس شورى «الجماعة الإسلامية» في مصر عصام دربالة في محبسه في سجن العقرب، مساء أول من أمس، نتيجة أزمة طبية، حسب ما أعلنت وزارة الداخلية في بيان. وتسلمت أسرة دربالة جثمانه، بعدما حررت محضراً رسمياً ب «وجود كدمات في جسده»، حسب قيادي في الجماعة. وسيوارى الجثمان الثرى في قرية دربالة في محافظة المنيا (جنوب مصر)، وهي معقل «الجماعة الإسلامية» التي خاضت صراعاً مسلحاً ضد الدولة في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. وتنذر وفاة دربالة بتصعيد العنف لما له من ثقل بين شباب الجماعة، خصوصاً المؤيدين منهم لجماعة «الإخوان المسلمين». وسُجن دربالة في العام 1981 بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات بتهمة المشاركة في أعمال عنف في أسيوط يوم الاغتيال، وأطلق من محبسه في العام 2006، بعدما وافق على «مبادرة نبذ العنف». وبعد الثورة في العام 2011، أطلق من السجون قياديون كانوا يرفضون المبادرة، وحدث انشقاق كبير في «الجماعة الإسلامية» بعد انتخابات مجلس شورى جديد شهد تصعيد صقور الجماعة، وإقصاء القيادات التي أشرفت على تلك المبادرة. وتولى دربالة رئاسة مجلس شورى الجماعة خلفاً لكرم زهدي في تلك الانتخابات. وبعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ناصرت «الجماعة الإسلامية» جماعة «الإخوان»، وظلت أبرز مكونات «تحالف دعم الشرعية» الذي يقوده «الإخوان». وإزاء تصاعد المواجهة بين الدولة وأنصار مرسي، طلب شباب في الجماعة الخروج من التحالف، على اعتبار أن جماعة «الإخوان» لم تناصر «الجماعة الإسلامية» إبان صراعها مع نظام الرئيس السابق حسني مبارك، لكن جرى استطلاع داخلي في الجماعة رجح الاستمرار في التحالف. وألقي القبض على دربالة في أيار (مايو) الماضي، بعد لقاء مع أنصار الجماعة في مسجد في محافظة قنا (صعيد مصر). ورغم محاولة «الإخوان» و «الجماعة الإسلامية» النأي بأنصارهما عن الهجمات العنيفة التي تستهدف الجيش والشرطة والمنشآت الخدمية، إلا أن ثمة أدلة متزايدة على تورط شبان من الجماعتين في تلك الاعتداءات، حتى ولو في شكل فردي. ومن شأن وفاة دربالة زيادة نفوذ المتشددين داخل «الجماعة الإسلامية»، خصوصاً أن الجماعة حملت في بيان رسمي السلطات مسؤولية وفاته التي اعتبرته «قتلاً متعمداً»، فضلاً عن وفاة القيادي في الجماعة عزت السلاموني قبل أيام، والقيادي الجهادي نبيل مغربي قبل أشهر في محبسيهما. وقالت وزارة الداخلية في بيان إن دربالة متهم ب «الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون»، وتوفي في محبسه في سجن العقرب شديد الحراسة، في منطقة سجون طرة، «بعدما شعر بحال إعياء عقب عودته من إحدى جلسات محاكمته (أول من) أمس، وبتوقيع الكشف الطبي عليه تبين أنه كان يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة وانخفاض في ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم، وعلى الفور تم عمل الإسعافات الأولية اللازمة». وأضافت أنه «أثناء نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج حدث نزيف من الأنف وهبوط بالدورة الدموية والتنفسية أديا إلى وفاته»، لافتة إلى أن لدربالة «تاريخاً مرضياً سابقاً». لكن «الجماعة الإسلامية» اتهمت في بيان السلطات ب «قتل دربالة بمنع العلاج عنه، ما أدى إلى دخوله في غيبوبة كاملة سببت الوفاة». وقالت إنها «تحمل الجهات السياسية والأمنية المسؤولية الكاملة عن استشهاد دربالة الذي يعد قتلاً متعمداً بعدما منعت عنه إدارة السجن الدواء والرعاية الصحية على مدار الأشهر الماضية». ونعى حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية للجماعة، دربالة وطالب الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية ب «التدخل لإجراء تحقيق سريع في وفاته». وقال ل «الحياة» محامي «الجماعة الإسلامية» محمد ياسين إن دربالة كان متهماً في 3 قضايا «كلها قيد التحقيق في النيابة العامة، ولم تحل على محاكمات، إحداها التحريض على العصيان من خلال تأليف كتاب اسمه: لا لقتل المتظاهرين، كان بصدد طبعه استنبطت جهات التحقيق منه أنه يحرض ضد الدولة»، لافتاً إلى أنه «خضع لتحقيق في النيابة العامة في تلك القضية قبل وفاته بساعات، والقضية الثانية التحريض على العنف من خلال المشاركة في غرفة عمليات رابعة، وتلك القضية قيد التحقيق، وتختلف عن التي حُكم فيها بإعدام وسجن عدد من قيادات الإخوان، بالاتهامات نفسها، أما الاتهام الأخير فيتعلق بالانضمام إلى تحالف دعم الشرعية» المؤيد لمرسي. وأضاف أن «أسرة دربالة تسلمت الجثمان من ليمان طرة، بعدما أثبت شقيقه نائب رئيس محكمة النقض السابق ناجي دربالة أمام محققين في النيابة حضروا إلى السجن وجود كدمات في جسده». وأحيل ناجي دربالة على الصلاحية ضمن مجموعة من القضاة دينوا ب «دعم الإخوان» بعد عزل مرسي. وأوضح ياسين أن «أجواء من الحزن والاحتقان سادت بين ذوي دربالة وأعضاء الجماعة الذين تجمعوا أمام السجن لإنهاء إجراءات تسلم الجثمان»، لافتاً إلى أن «الجثمان سيشيع من قرية بني خالد في مركز ملوي في المنيا». وشهد المركز وقراه، خصوصاً قرية «بني خالد»، إجراءات أمنية مكثفة، وتم الدفع بأعداد كبيرة من الشرطة فيها لمنع حدوث أعمال عنف بعد مراسم الدفن. ورجح مراقب لنشاط الإسلاميين فضل عدم ذكر اسمه أن تزيد وفاة دربالة ومن قبله قيادات تعتبر مرجعيات فكرية ل «العمل الجهادي»، الميل إلى العنف بين تلاميذهم. وأضاف: «اعتبر أن اغتيال النائب العام السابق هشام بركات كان رداً على وفاة نبيل المغربي في محسبه، فهو المرجعية الفكرية للمجموعة التي شكلت تنظيم أجناد مصر التي أرجح تنفيذها عملية الاغتيال».