تدهورت أوضاع سوق العمل في بعض الكانتونات السويسرية أخيراً. وأثارت حكومة برن سخط بروكسيل نظراً إلى طريقتها في معاملة العمال الأوروبيين، مهددة بمعاملة المواطنين السويسريين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي بالأسلوب ذاته. ويعاني العمال الإيطاليون من موجة تمييز في سويسرا تميل إلى العنصرية المتشددة، خصوصاً في كانتون تيتشينو جنوباً. وتختار غالبية العمال الإيطاليين العمل في هذا الكانتون لأسباب تتصل اللغة والجغرافيا، فهو قريب منهم ويعتمد الإيطالية لغة رسمية. وتتمحور المشكلة الرئيسة حول إلزام العمال الإيطاليين تقديم سجلاتهم العدلية إلى دوائر العمل في كانتون تيتشينو، كي يتمكنوا من الاستمرار في عملهم السابق أو الحصول على وظيفة جديدة لهم. علماً أن عدد العمال الإيطاليين الحدوديين الذين يقصدون سويسرا نهاراً للعمل ويعودون أدراجهم ليلاً، يصل إلى 60 ألفاً وتتواجد غالبيتهم في كانتون «تيتشينو». ولاحظ خبراء أن أسواق العمل المحلية تشهد حرباً خفية بين السويسريين والأوروبيين، إذ في وقت توازي فيه قيمة العمال السويسريين تلك التي يملكها زملاؤهم الأوروبيون في أسواق العمل الأوروبية، تفتقر هذه المعادلة إلى المساواة الإنسانية لدى أرباب عمل سويسريين كثر، إذ باتت اليد العاملة الأوروبية متدنية الكلفة. ونمت اليد العاملة الإيطالية في كانتون تيتشينو بنسبة 4 في المئة سنوياً في الأعوام الثلاثة الأخيرة. كما يوافق العامل الإيطالي على الانخراط في وظائف يقل فيها الراتب بنسبة 50 في المئة عن معاش العامل السويسري. وهكذا تبرز ظاهرة «إغراق» مشابهة لما يحصل مع العمال الآتين خلسة من الصين للعمل في أسواق العمل الأوروبية السوداء، أي غير المُعلن عنها أمام السلطات المحلية. وهذا ما يحصل أيضاً حالياً في أسواق عمل دولية مثل تلك اللبنانية التي غزاها آلاف العمال السوريين. ومهما كانت الظروف، تعمل السلطات السويسرية على تحصيل الضرائب من رواتب العمال الإيطاليين الحدوديين لإرسالها وبموجب اتفاق سابق إلى حكومة روما. وعلى رغم ضرورة إبراز السجل العدلي للعمال الأوروبيين (خصوصاً الإيطاليين) لدى السلطات السويسرية، والذي ربما يتحول قريباً الى «روتين» ما سيولّد حرباً ديبلوماسية بين حكومة برن والاتحاد الأوروبي، إلا أن أكثر من 40 في المئة من خبراء الأسواق الوطنية يرون في السجل العدلي للعامل الأجنبي عموماً، دليلاً على أن الأخير غير متورط في أعمال غير شرعية. إذ يتدفق أوروبيون كثر إلى سويسرا للقيام بأعمال سرقة ونهب واحتيال. وهكذا، ينظر أرباب العمل السويسريون إلى السجل العدلي على أنه طريقة وقاية أمنية تحميهم وتحفظ حقوقهم.