تنظر محكمة النقض في مصر صباح غد الخميس في الطعن المقدم من رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى، وضابط الشرطة السابق محسن السكري، ضد الحكم بإعدامهما بعدما دانتهما محكمة جنايات القاهرة في حزيران (يونيو) الماضي بقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم. وأوضحت مصادر قضائية أن المحكمة ستستمع غداً إلى ملخص للطعن يتولى تلاوته العضو المقرر في محكمة النقض، ثم يدلي ممثل النيابة برأيه، على أن تستمع المحكمة إلى الدفاع عن المتهمين لدقائق عدة استناداً إلى أن الأصل في مهمات الدفاع أمام محكمة النقض «عدم التركيز على المرافعة الشفوية بقدر الاهتمام بأسباب نقض الحكم الواردة في مذكرات الدفاع»، إلى جانب أنه لا يجوز للدفاع أو النيابة إبداء دفوع جديدة يوم الجلسة، فيما يقتصر دور كل منهما على الإيجاز الشديد في عرض أسبابه لإبراز العيوب القانونية في الحكم الصادر من جانب كل منهما بغية نقضه. وأشارت إلى أن المحكمة ستدلي برأيها في ختام الجلسة إما بقبول نقض الحكم بإعدام طلعت مصطفى والسكري أو بتحديد جلسة أخرى، على أقصى تقدير، للنطق بالحكم. وكانت نيابة النقض، والتي يُعد رأيها استشارياً بالنسبة إلى المحكمة، قبلت قبل أيام مذكرة الطعن المقدم من هيئة الدفاع عن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى لسببين جوهريين، وهما القصور في البيان المؤدي إلى الدليل المستمد من شهادة والد المجني عليها سوزان تميم والتقرير الذي أعده أحد الضباط من شهود الإثبات. وأودعت النيابة رأيها - غير الملزم لمحكمة النقض - في مذكرات الدفاع المقدمة في القضية والتي تربو على نحو 346 صفحة انتهت فيها إلى قبول الوجه الأول والوجه الثاني من أسباب الطعن المقدمة من دفاع هشام طلعت والمؤسسة على القصور في البيان لأنها عوّلت على الدليل المستمد من شهادة والد المجني عليها في تحقيقات دبي وأيضاً شهادته التي أدلى بها في الإنابة القضائية في بيروت، من دون أن يورد مؤدى هذين الدليلين. وسيكون أمام محكمة النقض - أعلى سلطة قضائية في مصر - عند نطقها بالحكم في القضية أحد خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تؤيد الحكم بإعدامهما والذي سيعد في هذه الحالة باتاً ونهائياً وينتظر التنفيذ، وإما أن تصدر حُكمها بنقض الحكم وإعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة أخرى من دوائر محكمة جنايات القاهرة. ويملك المتهمان في حال إعادة محاكمتهما مرة أخرى وصدور حكم جديد ضدهما الحق في أن يطعنا للمرة الأخيرة في الحكم الجديد أمام محكمة النقض، التي يتمثل دورها في هذه الحالة إما بتأييد الحكم الأخير ليعد باتاً ونهائياً، أو الحكم بنقضه على أن تباشر وقتها محكمة النقض بنفسها المحاكمة الجنائية للمتهمين ليكون القول الفصل وإسدال الستار على القضية بصورة نهائية. وأكدت هيئة الدفاع عن هشام طلعت مصطفى التي تتكون من ثمانية من كبار المحامين يتقدمهم بهاء الدين أبو شقة ووكيل البرلمان المصري الدكتورة آمال عثمان، في مذكراتهم لطلب النقض، أن هناك أسباباً كثيرة لذلك في مقدمها قصور في الأسباب وفساد في الاستدلال وخطأ من جانب المحكمة في إسناد التهم إلى المتهم من خلال فهمها لأقوال الشهود على نحو مغاير لمقاصدهم وعدم استجابتها بعض مطالب الدفاع. أما الدفاع عن السكري فقال إن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون في شأنه ولم تفنّد التقارير الفنية المقدمة ضده، معتبراً أن المحكمة أخلّت بحق الدفاع بسبب عدم استجابتها طلبه الانتقال إلى موقع الحادث في دبي لمعاينة مسرح الجريمة، مؤكداً أن الحكم شابه الخطأ في استدلاله بأقوال ضابط الانتربول المصري الذي تولى التحقيق في القضية. واعتبر المستشار عادل عبدالحميد رئيس محكمة النقض الذي يباشر بنفسه رئاسة الدائرة التي ستنظر دعوى النقض، أن هذه القضية بالنسبة إليه وإلى المحكمة هي قضية عادية شأنها شأن سائر القضايا التي تباشرها المحكمة لأنها لا تُعنى سوى بالاعتبارات القانونية في الدعوى وأنها غير مكترثة بما إذا كانت هذه القضية أو غيرها محل اهتمام واسع لدى الرأي العام. وتحظى قضية مقتل المغنّية اللبنانية سوزان تميم باهتمام إعلامي غير مسبوق في تاريخ المحاكمات المصرية، وشهدت وقائع جلسات المحاكمة فيها حضوراً صحافياً وإعلامياً لأكثر من ممثلي 500 من الصحف والقنوات الفضائية ووكالات الأنباء المصرية والعربية والعالمية. وأصدرت محكمة النقض 300 تصريح لممثلي وسائل الإعلام لحضور جلسة الاستئناف. وفسّر مراقبون انخفاض عدد الإعلاميين في جلسة الاستئناف بعدم حضور هشام طلعت والسكري من الحبس، خصوصاً أن القانون لا يلزمهما الحضور حيث يكتفى بحضور الدفاع عنهما. وكانت محاكمة هشام طلعت ومحسن السكري أمام محكمة جنايات القاهرة استغرقت 29 جلسة على مدى 8 أشهر تقريباً بدءاً من تشرين الأول (أكتوبر) 2008. ونفى المتهمان في الجلسة الأولى لمحاكمتهما ما هو منسوب إليهما من اتهامات، لكن النيابة العامة طالبت بعقوبة الإعدام لهما وهو ما وافقت عليه محكمة الجنايات.