صدر عن مؤتمر مساندة اليمن بلندن بيان مختصر ويعتمد الإلماح. ولكنه وفى، من جهة أخرى، بما تقتضيه الحال. واستجاب الحاجة الى تعاون لين، من غير أن يجرح تحفظ اليمن عن الطعن في إدارته. ولا يغفل البيان عن حال اليمن، وهو البلد المهدد بالانقلاب دولة فاشلة. والحق أن المؤتمر اشترط على الدولة اليمنية، لقاء مساندتها ومساعدتها، التصدي لأسباب ضعفها. و «الحوار الوطني» الذي طالما رفع لواءه الرئيس علي عبدالله صالح، بقي شعاراً حرجاً. وأسهم انقسام المتحاورين المحليين في الحؤول دون بلوغ الحوار غايته. ولا ينكر أن نظام صالح عامل مؤثر في أزمة اليمن. وعلى رغم هذا، أغفل المؤتمر مسألة النظام. وألمح إليها مواربة، ونبه الى ضرورة إصلاح الحكم، وإرساء العدالة، وإلى عرقلة المساعدات السابقة. وهذا كله يشير الى فساد النظام، والى ضرورة تغيير الرئيس نهجه جذرياً. وهو مستحيل. فما يبقي الرئيس في السلطة هو هذا النهج. فلا مناص من جهد دؤوب ودائم. والرئيس ذو باع في المماطلة التي تؤدي الى إرهاق أصدقاء اليمن. وفي وسع «القاعدة» قبول هدنة في انتظار انصراف العالم عن الاهتمام باليمن. والانصراف، وهو يرضي الحكم و «القاعدة» معاً، خطأ كبير يرتكبه المجتمع الدولي. ولا يغيب الأمر عن الوزيرة كلينتون. فهي تدعو الى مراقبة التزام النظام اليمني الإصلاح، ومحاسبته على التزامه. وفي الماضي القريب، اضطر المانحون الى قطع المساعدة عن اليمن جراء ملاحظتهم ضياع أثر المساعدة ومصيرها. ومشكلات اليمن الداخلية لا يجوز عزلها عن المشكلات الإقليمية والدولية. فالانتخابات النيابية أرجئت سنتين تفادياً لملابساتها الأمنية. والإرجاء يؤدي، بدوره، الى تفاقم المشكلات الأمنية. وعلى حين يلزم الدستور الرئيس على التنحي في 2013، لا يشك أحد في سعيه الى الاستمرار حاكماً. وقد يلاقي صالح مصير برويز مشرف الباكستاني. وما يحول دون ملاقاته مصير زميله الباكستاني هو الخوف من مترتبات عزله. ونجله هو الخليفة البارز والمحتمل الوحيد. * معلق، عن «غارديان» البريطانية، 28/1/2010، إعداد م. ن.