قطر تستضيف كأس العرب 2025 ديسمبر المقبل    تركي آل الشيخ وTKO يعلنان إطلاق منظمة جديدة للملاكمة بالشراكة مع صلة    محافظ جدة يُشارك أبناءَه الأيتام مأدبة الإفطار    لغة الفن السعودي تجسد روحانية رمضان    7519 بلاغا إسعافيا بالشرقية    القادسية والاتحاد قمة مفصلية    ولي العهد يهنئ مستشار النمسا    أربع وزراء أندونيسيين يحضرون توزيع هدايا المملكة من المصاحف والتمور وإفطار الصائمين    انطلاق أعمال مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية    اجتماع خليجي بمشاركة عربية في مكة غدا    40 جولة لتعطير وتطييب المسجد النبوي    السعودية للاستثمار الجريء تستثمر في صندوق ارتال لفرص النمو    ماكرون: التهديد الروسي لا يعرف حدوداً    سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد الخاص بالأسلحة الكيماوية    الحرمان الشريفان يفتحان أبواب الاعتكاف إلكترونيًا    أمير المدينة المنورة يشارك رجال الأمن إفطارهم في ساحة المسجد النبوي    كيف نتناول الأدوية في رمضان؟    "مشروع الأمير محمد بن سلمان" يجدد مسجد القلعة    استمرار إغلاق المعابر    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن الإفطار في الميدان    النفط يستقر مع ترقب السوق لزيادة إنتاج أوبك+ والرسوم الجمركية    منظومة إنسانية وإغاثية تقدمها المملكة في شتى بقاع الأرض    نائب أمير الشرقية يستعرض مبادرات تأهيل الشباب والشابات    فيصل بن مشعل يستقبل محافظ الأسياح ويتسلم التقرير الختامي لمهرجان الصقور    أمانة الطائف تنفذ خطة رقابية مكثفة بالأسواق والشوارع التجارية    «الزكاة والضريبة والجمارك» تدعو المنشآت الخاضعة للضريبة لتقديم نماذج الاستقطاع الضريبية لشهر فبراير    «الأسمري» نائباً لرئيس الرقمنة وذكاء الأعمال    المظالم يطلق مبادئ وأحكام باللغة الصينية    لأول مرة طالبة من تعليم الطائف تتأهل إلى مسابقة آيسف على مستوى المملكة    غرفة تبوك تدعو رجال وسيدات الأعمال بالمنطقة لافتتاح ديوانية الغرفة    فقيه للرعاية الصحية تحقق إيرادات 2.8 مليار ريال في العام المالي 2024 بنمو بنسبة 20% وتسجل صافي ربح عائد 287.6 مليون ريال    في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. ليفربول ضيفًا على باريس    وزير الدفاع ونظيره السلوفاكي يناقشان المستجدات الدولية    تنويع الاقتصاد وتطوير الأسواق المالية.. "السيادي" يعزز الاستثمار في السعودية ودول الخليج    تأكيد بسط الدولة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية    طارق طلبة مديراً لمكتب «عكاظ» بالقاهرة    تكريم الفائزين بمسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن    الشرع ورئيس المجلس الأوروبي يبحثان سبل دعم سوريا    في ذهاب ربع نهائي آسيا 2.. التعاون يعود بتعادل ثمين من ميدان تراكتور    ولي العهد مترئساً مجلس الوزراء: نعتز بخدمة الحرمين    حائل: القبض على مرتكبي واقعة تصادم بين مركبتين لخلاف بينهما    14 دبلوماً لتعزيز مهارات أفراد العدالة    5 نصائح لضبط أعصابك في العمل    ولادة طفل بريطاني بعين واحدة    وفاة" الذراع الذهبية" منقذ ملايين الأطفال    نهائيات كأس آسيا تحت 17 عامًا في جدة والطائف    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    الأهلي يهزم الريان ويرفع الراس    أوكرانيا في مأزق بعد تعليق المساعدات الأمريكية    سفرة رمضانية في مناوبة ليلية    التسامح.. سمة سعودية !    الحكومة اليمنية: تصنيف الحوثي إرهابياً خطوة مهمة لمواجهة التهديدات    الحقيقة !    سماء العُلا يعود في أبريل    4 ملايين فحص لنقل الدم بالمناطق    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    محافظ الطائف يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية بالمحافظة الإفطار الرمضاني    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من جهاد «الكفار» إلى جهاد «المنافقين»
نشر في الحياة يوم 02 - 02 - 2010

بدأت تتلاشى في السنوات الأخيرة سماع أصوات أعيرة التصريح بالتكفير، وذلك منذ أن انكشف لدى الجميع اعتماد الجماعات الإرهابية في عدوانهم على جملة من المقولات والتأصيلات التكفيرية حتى أصبحت أي دعوى لخطاب تكفيري تجاه الآخرين مدعاة لنفور معظم أفراد المجتمع منه، التي باتت تدرك تماماً، وبفضل جهود الخطاب التنويري والثقافي المتسامح، العواقب الوخيمة لمثل تلك الخطابات والدعوات التكفيرية الصريحة التي باتت موضع رفض جماهيري وشعبي لها، أياً كانت مكانة أو شهرة قائلها، حتى باتت تلك التيارات الدينية المتشددة، ونظراً إلى ظروف المرحلة تسعى جاهدة لكبح جماح خطابها التكفيري وتفضيل الصمت المرحلي ليس عن قناعة مطلقة بخطورة وشناعة التكفير وآثاره وإنما من اجل الحفاظ على ما تبقى من مكتسبات على ارض الواقع، ولكن وفي المقابل ومع إدراكهم تماماً بحجم الخسائر والتراجع الشعبي بسبب ما قد يحصل، أو يقع من بعض الفلتات والتجاوزات المنبرية التكفيرية من حين لآخر التي تستدعي عقلاً ومنطقاً منهم تقويمها وردها لجادة الطريق تجدهم وللأسف ونظراً إلى ضعف إيمانهم وقناعتهم بخطورة القضية سرعان ما يصطفون للدفاع عن مثل تلك الفلتات، ولا أدل على ذلك من موقفهم من الخطاب التكفيري الأخير من الداعية العريفي الذي لم يحظَ بتأييد من عامة أفراد المجتمع.
لقد دعا أحد أبرز رموز الصحوة، وهو المشرف على موقع المسلم، الشيخ الدكتور ناصر العمر، في محاضرة ألقاها في الأسبوع الماضي تحت عنوان «منهج التفكير ضوابط ومحاذير» الشباب إلى ما هو أعظم من جهاد الكفار في ارض العراق وأفغانستان، إذ قال «يأتيني بعض الشباب وهم يرغبون بالذهاب إلى أفغانستان والعراق للجهاد في سبيل الله، فأقول لهم تلك البلاد، حتى ولو كانت ارض جهاد، فلا تذهبوا للجهاد هناك، فأمامكم الجهاد هنا وهو جهاد المنافقين من العلمانيين والليبراليين، وذلك كل بحسب قدرته وطاقته»، واصفاً جهاد المنافقين بأنه «أصعب من جهاد الكفار، وهو جهاد الخواص لهذه الأمة وورثة الرسل، والقائمون به أفراد في العالم والمشاركون فيه والمعاونون عليه، وإن كانوا هم الأقلون فهم الأعظم قدراً عند الله جل وعلا»، إن مثل الدعوى إلى مجاهدة الكتاب والمثقفين والإعلاميين الليبراليين والعلمانيين وجميع التيارات المخالفة والمناهضة لأفكارهم، سواء الليبرالية أو الحداثية وغيرها تحت إطلاق مسمى ووصف النفاق، هو تكتيك حديث لما يمكن لنا تأطيره تحت مسمى «التكفير بالتورية» وهو الاكتفاء بالتلميح من دون التصريح، فهم حينما يطلقون مثل هذا الوصف على أولئك فليس مقصودهم حتماً النفاق العملي أو الاجتماعي.
وإنما قصدهم هو النفاق الاعتقادي الذي يعتبر من اشد صور الكفر، ليس ذلك فحسب بل إن صاحبه (في الدرك الأسفل من النار) لذلك فبعد أن أصبحت قضية الرمي بالتكفير واتهام الناس به أمراً مرفوضاً دينياً واجتماعياً ويترتب على قائلها الكثير من المفاسد، لاسيما في هذه المرحلة، فقد أوجدت تلك التيارات المتشددة لها المخرج والمتنفس والبديل من خلال ترويج تهمة النفاق، خصوصاً أن هذه التهمة من السهل إطلاقها وتوجيهها لفئات كثيرة جداً وتوسيع دائرة استيعابها وذلك بسبب هلاميتها في مقابل مفردة التكفير التي تستلزم مستلزمات عدة، حتى طالت تلك التهمة من يختلف معهم في تصور قضايا فقهية خلافية كالاختلاط وغيرها، فالنفاق كونه أمراً يتعلق بالضمائر والقلوب أصبح من السهل إطلاقه وتوزيعه على الناس من غير أي اكتراث له ولعواقبه، خصوصاً أن المجتمع حتى هذه اللحظة لا يملك موقفاً رافضاً ونافراً من إطلاق الحكم والوصف على الآخرين بالنفاق والزندقة بمثل رفضه ونفوره من قضية التكفير.
لقد أوضح حقيقة ونتيجة هذه الدعوى احد أبرز العلماء المتخصصين لدينا في علم العقيدة بقوله: «إن النفاق كان يطلق في عهد النبي على من كان يُظهر الإسلام ويبطن الكفر، ثم بعد ذلك صار يسمى زنديقاً، وفي زمننا هذا يسمى علمانياً، فالعلمانيون هم الزنادقة، وهم المنافقون، فالعلمانيون الذين يطعنون في الإسلام ويطعنون في الدين، ويتسترون باسم الإسلام هم منافقون وهم زنادقة، لأن أعمالهم وأفعالهم وأقوالهم تدل على كفرهم»، إنني لا ادعو إلى مصادرة حق أي احد في التعبير عن رأيه وموقفه تجاه أي قضية، فذلك حق يجب أن يكون مكفولاً لشرائح المجتمع كافة باختلاف تياراتهم وأفكارهم ولكن أن تجير تلك الاختلافات إلى اتهام الناس في مكنونات ضمائرهم وقلوبهم من خلال إسقاط تهمة النفاق والزندقة وتنزيل الآيات التي نزلت في المنافقين على أناس هم من أبناء هذا المجتمع وينتمون إلى هذا الوطن وشحن الشباب تجاههم لمجرد الاختلاف معهم في بعض القضايا فهو أمر لاشك في خطورة عواقبه وآثاره، ليس الآن ولكن على المدى البعيد، وهو ما يجعلنا نعيد التساؤل مجدداً سواء الآن أو لاحقاً: من أين وكيف تسرب فكر التكفير لدى أبنائنا؟ وهل هو فكر دخيل علينا؟!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.