لم تفقد قيادة «حزب الله» الأمل بإقناع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون بعدم الدخول في مغامرة انتخابية في جزين عبر اصراره على استبعاد مرشح كتلة «التنمية والتحرير» النائب سمير عازار من لائحة المعارضة ما يرتب انقسام المعارضة الى لائحتين في وجه لائحة ثالثة مدعومة من المستقلين وقوى 14 آذار. وفي معلومات «الحياة» ان قيادة «حزب الله» لم تنقطع في الساعات الأخيرة عن التواصل مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعون، وأوفدت لهذه الغاية المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل ليل أول من أمس الى عون لإقناعه بإعادة النظر في رفضه التعاون مع النائب عازار الذي يعتبر الأقوى في جزين. ولم يتوصل الحزب الى نتائج ايجابية في مسعاه، لكنه قرر المضي في وساطته لعل الأخير يقتنع بصوابية موقف حليفه، أي الحزب، وحليف حليفه الرئيس بري لأن للتحالف الشيعي حسابات دقيقة في شأن ميزان القوى في جزين، تتعارض مع حسابات «الجنرال» الذي ما زال يتصرف وكأنه قادر على حسم الموقف الانتخابي لمصلحته حتى لو قرر عازار تشكيل لائحة ضد لائحته. وقالت مصادر مواكبة للوساطة التي يتولاها «حزب الله» ل «الحياة» ان الحزب نصح عون بعدم المجازفة والذهاب بعيداً في التفريط بعلاقته مع رئيس المجلس والنائب عازار وتمنى عليه الإسراع في أخذ المبادرة لوقف التجاذب الانتخابي في جزين بين قوى المعارضة. ولفتت المصادر الى أن الحزب عازم على انجاح وساطته أياً كان الثمن وانه لن يسمح باستمرار الانقسام بين المعارضة في جزين، خصوصاً ان تصلب عون أخذ يدفع باتجاه المزيد من الإرباك بين أبناء «البيت الواحد» ومن ثم التقليل من اندفاع الناخبين الشيعة والمسيحيين المؤيدين لعازار في حماستهم لتأييد مرشحي «التيار الوطني الحر». وسألت المصادر نفسها: «ماذا يريد عون من اصراره على استبعاد عازار؟» وقالت ان تشكيل اللوائح لا يقوم على تمسك هذا الفريق أو ذاك بمواقف شخصية باتت أقرب الى الغرائزية من مرشح بحجم عازار يتمتع بتأييد واسع في الدائرة. كما سألت عن الأسباب السياسية التي ما زالت تملي على عون رفض التعاون مع عازار وقالت: «هل يعقل لزعيم سياسي من عيار العماد عون أن يستبعد أي مرشح لاعتبارات شخصية بذريعة أنه لم يحشد محازبيه لاستقباله عندما زار جزين أو لم يوعز لرؤساء البلديات والمخاتير بزيارته لتقديم التهاني له في عيد الميلاد؟». وكشفت أن بري قدم كل التسهيلات لعون بالنسبة الى موافقته على قانون الانتخاب الجديد الذي يتعارض وتوجهاته في تقسيم الدوائر الانتخابية يخالف اتفاق الطائف اضافة الى تسهيلات مماثلة أثناء تركيب اللوائح الانتخابية في زحلة وجبيل وبعلبك - الهرمل، وبالأخص في الأخيرة إذ أن عون أصر على استبعاد النائب نادر سكر لمصلحة رئيس حزب «التضامن» اميل رحمه. وأكدت المصادر المواكبة للوساطة ان بري «قرر مراعاة عون، لكن الأخير يصر على تجاوز كل الخطوط الحمر التي تسيء الى التحالف بذريعة أنه يريد توجيه رسالة لمحازبيه بأنه يستطيع أن يأخذ كل ما يريد من حلفائه وأن ينتزع منهم مقاعد نيابية ليكون وحده الزعيم المسيحي الأقوى وبالتالي يتمثل بالثلث الضامن في الحكومة بصرف النظر عن موقف حلفائه». وتعتبر المصادر أن عون «يريد من خلال رفضه لترشح عازار أن يوحي للمسيحيين بأنه الزعيم الوحيد الذي يرأس كتلة انتخابية من كل الطوائف حتى لو كان على حساب حليفه بري الذي يحسب له أن كتلته لا تقتصر على النواب الشيعة وان لديه امتدادات في المناطق الأخرى». وأبدت المصادر مخاوفها من أن تؤدي حماسة عون واصراره على شطب عازار من لائحة جزين الى تفويت فرصة فوز لائحة المعارضة بالكامل وبالتالي فسح المجال أمام خصومها لتسجيل اختراق اذا ما أصر عازار على تشكيل لائحة ثالثة يمكن أن تضمه اضافة الى النائب الكاثوليكي انطوان خوري والمرشح كميل فريد سرحال الذي تصالح وشقيقه المبعد عن لائحة المعارضة النائب بيار سرحال وقررا الابقاء على دارتهما «مفتوحة» سياسياً وعدم اغلاقها اكراماً لهذا الطرف أو ذاك. وأشارت المصادر أيضاً الى أن قيادة «حزب الله» صارحت عون بعدم موافقتها على اقتراحه أن يبادر عازار الى سحب ترشحه لمصلحة نجله المحامي ابراهيم عازار، لأنه ينطوي على موقف شخصي من عازار لا يدافع عنه، اضافة الى انها لم تأخذ باقتراح آخر يقضي باتفاق المعارضة على ترشح اثنين من «التيار الوطني» هما الماروني زياد أسود والكاثوليكي عصام صوايا على أن يترك أمر اختيار المرشح الماروني الثاني للناخبين في جزين. كما تردد ان مثل هذا الاقتراح غير قابل للحياة، «نظراً الى تداعياته وأخطرها أنه يسهم في تطييف العملية الانتخابية بلجوء البعض الى التعاطي مع ترشح عازار وكأنه بطلب من بري خلافاً لميزان القوى الذي يعطيه الأرجحية على المرشحين الآخرين، اضافة الى ان موقف عون من عازار يعيد الى الاذهان ما كان أعلنه في السابق وزير الاتصالات جبران باسيل عن أن زيارة عون لجزين كانت لاستردادها مع أنه زار بري واعتذر له عن ذلك. أما في شأن جهود تشكيل لائحة المعارضة في بعبدا فعلمت «الحياة» بأن انسحاب مرشح حركة «أمل» رئيس مكتب الإعلام فيها طلال حاطوم لمصلحة «حزب الله» لا يعني بالضرورة ان الأخير في وارد تجيير المقعد الشيعي الثاني لمرشح «التيار الوطني» رمزي كنج. ويعود للحزب قرار تسمية المرشح الشيعي الثاني الى جانب مرشحه النائب علي عمار ولا نية للتنازل عنه لمصلحة المرشح كنج لأن للتيار الوطني حصة مميزة في اللائحة باعتبار أن لديه حتى الآن 4 مرشحين ثلاثة موارنة هم حكمت ديب وناجي غاريوس وآلان عون والدرزي فادي الأعور الذي تربطه علاقة مميزة بكل من «حزب الله» والوزير طلال أرسلان وتقرر أن ينضم الى «تكتل التغيير والإصلاح» في حال فوزه في النيابة. وعن عدم موافقة الحزب على التنازل عن المقعد الشيعي الثاني للمرشح كنج تقول المصادر أن الحزب يتأرجح بين دعم ترشح المستقل فادي فخري علامة أو تبني ترشح واحد من المرشحين المنتمين الى الحزب، بلال أسد فرحات أو بسام همدر، وكلاهما من الغبيرة كبرى البلدات الشيعية في قضاء بعبدا. لكن قراره النهائي يأخذ في الاعتبار المعطيات الآتية: - ان تبني ترشح فرحات أو همدر ينطلق من حسابات انتخابية أبرزها ان علامة أقوى من كنج الذي ليس له حضور فاعل في الضاحية الجنوبية اضافة الى أنه في حاجة الى اقامة توازن في الترشح من خلال ضم مرشح من الغبيرة الى مرشحه الثابت عمار من برج البراجنة. - ان ترشح كنج لا يضيف قوة انتخابية الى «حزب الله» الذي في حاجة ماسة الى استنفار محازبيه أو محازبي «أمل» الذين أخذت حماستهم تتراجع بسبب موقف عون من ترشح حاطوم واستبعاده لعازار من جزين والخشية من أن تنسحب على مناطق أخرى في جبيل وزحلة والمتن الشمالي. - ان اصرار عون على أن يكون ابن شقيقته آلان عون المرشح الماروني الثالث عن بعبدا الى جانب حكمت ديب وناجي غاريوس جاء لأسباب عائلية وتنظيمية لاستيعاب الضجة على استبعاده لترشح الأرثوذكسي زياد عبس في بيروت الأولى (الأشرفية) لمصلحة نائب رئيس الحكومة عصام أبو جمرا. واعتبرت المصادر أن استبعاد المتنين الأوسط والأعلى من الترشح لن يكون لمصلحة لائحة المعارضة التي ما زالت تراهن على أن استمرار النائب عبدالله فرحات على الترشح سيؤدي الى حجب أصوات المقترعين في هذه المنطقة عن لائحة قوى 14 آذار والمستقلين. ورأت أن ضم مرشح مباشر من الحزب الى اللائحة يرفع الاقبال الشيعي على صناديق الاقتراع لتفادي ثغرة تفرد عون بتسمية المرشحين الموارنة من المنتمين الى «التيار الوطني».