في إقامة إدريس البصري، الوزير المتنفذ في الداخلية في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، سمع العربي بلخير طرفة عن الانتخابات. قال البصري مازحاً: «لا أفضل من القسمة على ثلاثة»، وشرح ذلك بالقول إن «لا بأس من أن تحوز جبهة الإنقاذ الإسلامية على ثلث أصوات الناخبين، ويُعهد بالثلث الآخر إلى جبهة التحرير، فيما يُوزّع الثلث الباقي على نُخب موالية ومعارضة». وقبل أن يُكمل البصري كلامه الذي اتخذ طابع المزاح، رد عليه بلخير «تعال إلى الجزائر للإشراف على الانتخابات». وضحك الرجلان معاً في جلسة لم تكن الأولى والأخيرة التي جمعتهما على طاولة محادثات عرضت لإشكالات العلاقات المغربية - الجزائرية. بل انه في ذروة تأزم علاقات الجارين كان البصري يُفاخر بأنه يستقبل أبناء وأقارب مسؤولين جزائريين يزورون المغرب للسياحة. بيد أن المهمة التي عهد بها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة إلى العربي بلخير سفيراً لبلاده في الرباط، ترافقت وإزاحة البصري من الواجهة بعد إقالة مدوّية في تشرين الثاني (نوفمبر) 1999، بعد ثلاثة أشهر من اعتلاء العاهل المغربي الملك محمد السادس عرش بلاده. وصادف أن آخر احتفال أقامته السفارة الجزائرية في الرباط في مناسبة العيد الوطني الجزائري غاب عنه المسؤولون المغاربة وزعماء الأحزاب السياسية في الموالاة والمعارضة، كما غاب عنه العربي بلخير نفسه. العاهل المغربي الملك محمد السادس اختار ديبلوماسية التعازي لتأكيد مشاعر المواساة في فقدان الراحل العربي بلخير، وجاء في برقية وجهها الى الرئيس بوتفليقة أن «الرحيل المفجع للفقيد الكبير يُعد خسارة فادحة للجزائر التي فقدت أحد كبار رجالاتها»، واعتبر أن رحيله ترك «بالغ الألم» بالمغرب كما في الجزائر. وأوفد الملك محمد السادس وفداً رفيع المستوى يضم المستشار محمد معتصم ووزير الخارجية الطيب الفاسي الفهوي والمستشارة زليخة نصري إلى الجزائر لتقديم التعازي في وفاة الفقيد بلخير، في ما يعتبر أول زيارة لوفد مغربي إلى الجزائر منذ تأزم علاقات البلدين الجارين. إلى ذلك، اتهم الوزير الفاسي الفهري الجزائر و «بوليساريو» بعرقلة مساعي استئناف مفاوضات الصحراء. وقال في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أول من أمس، إن المملكة المغربية «تسجل اليوم ان الطرفين الجزائر وبوليساريو يواصلان الاستراتيجية التي ينتهجانها في عرقلة ووضع الشروط وتحريف مسلسل المفاوضات عن مساره». وأضافت الرسالة أن السلطات الجزائرية ترهن تطبيع علاقاتها مع المغرب وبناء المغرب العربي بتسوية قضية الصحراء «التي لا تراها إلا من خلال الاستفتاء كخيار أقصى، مع انها تعلم جيداً طابعه المتجاوز غير القابل للتنفيذ». وقال الفاسي الفهري: «من الأهمية عدم الزيغ عن الهدف الأساسي. وهو الالتزام، بحسن نية، باستئناف المفاوضات الرامية الى إيجاد حل سياسي للنزاع الإقليمي»، مجدداً استعداد بلاده الكامل للمفاوضات، وإرادتها في المضي قدماً نحو حل سياسي وفاقي، انطلاقاً من مبادرة الحكم الذاتي. وقال إن التقدم في المفاوضات «يتوقف على الموقف الذي يتخذه الطرفان الجزائر وبوليساريو». كما دعا إلى السماح لمفوضية اللاجئين بإحصاء سكان مخيمات تندوف في جنوب غربي الجزائر.