لعل أكثر ما يميز خليفة السويدي في الوسط الإعلامي العربي والخليجي خصوصاً، هو انه من القلائل الذين نجحوا في تحقيق التوليف والتكامل بين خلفيتهم الأكاديمية وتجربتهم الإعلامية. فالرجل الذي يعد من أعلام التربية والتعليم في الإمارات، اقتحم الشاشة الصغيرة عبر برنامج «خطوة» على «قناة أبو ظبي» ليترجم أفكاره على ارض الواقع التلفزيوني، وليعمل «مبضعه» الأكاديمي في قضايا الناس وفق منهجية عقلانية تفكيكية تتوخى المساهمة ولو بخطوة في طريق اجتراح حلول ناجعة لكثر من الظواهر والآفات الاجتماعية والسلوكية المزمنة. بل أن البرنامج في سياق رؤيته المعرفية الطموحة، لا يتوانى عن الإطلالة على تجارب المجتمعات المتقدمة للإفادة منها والاهتداء بها كما الحال مع حلقات «اليابان: النهوض بعد السقوط». بين الفضاء التلفزيوني وحلقات البحث الأكاديمي أين يجد الدكتور السويدي نفسه أكثر؟ وهل يمكن أن يقدم برامج غير اجتماعية كالسياسية أو المنوعة؟ يجيب: «البحث العلمي هو من أهم سمات الأستاذ الجامعي ومن تركه فقد انتحر أكاديمياً لذلك لي ولله الحمد أربعة كتب بتأليف مشترك أو فردي، وهناك خمسة كتب أخرى تحت الإعداد. كما أنجزت أكثر من 15 دراسة علمية نُشرت في دوريات محلية وعربية وعالمية، ولهذا رُصد اسمي في قائمة Who's Who in the world الأميركية في نسختها لعام 2009. كل هذا حفزني وأهّلني لإعداد وتقديم «خطوة»، وهو برنامج في التنمية الذاتية حيث أجد نفسي. من هنا واحتراماً مني لتخصصي لا أميل للبرامج السياسية أو غيرها لأنها تبحر بي بعيداً من مجالي». وعلى رغم سيطرة المحطات الخليجية على الفضاء التلفزيوني العربي، الملاحظ أن ثمة نقصاً في الكوادر الإعلامية الخليجية. ويفسر السويدي هذه المفارقة قائلاً: «لا يوجد نقص في الكوادر المحلية في الإعلام الخليجي، وثمة جانبان للموضوع، أولهما يكمن في تواضع بعض أصحاب الاختصاص وتقاعسهم في التواصل مع أهل الإعلام. ففي اعتقاد البعض ان الجواهر لا بد من أن تكتشف، وفي تصوري الشخصي هذا خلل في الفكر. فالمطلوب من أصحاب المواهب السعي كي يعرفهم أهل الإعلام. أما الجانب الآخر من المسألة فيكمن في القناعات الشخصية لبعض أصحاب القرار في المحطات الخليجية الذين يميلون إلى التنويع ولو كان على حساب الجودة». وعما يميز برنامج «خطوة» يقول: «لعل أبرز ما يميز «خطوة» هو أن معد ومقدم هذا البرنامج أكاديمي لديه خبرة ممتدة على مدى 15 سنة في التدريس الجامعي ومتخصص في التربية وعلم النفس، وإن كان يلعب دور المقدم التلفزيوني. كما أننا في كل حلقة لدينا أكثر من ضيف لمعالجة قضية الحوار من أكثر من زاوية احتراماً منا للتخصص الدقيق. وفي حلقاتنا تجد أننا نسلط الضوء على حالات واقعية تحتاج الى علاج وتطوير وعلى نماذج ناجحة كي نربط النظرية بالواقع ونزاوج ما يقوله الخبراء بحديث الشارع. ومن سمات هذا البرنامج أيضاً، أننا نعلن عن الحلقة قبل أسبوع كي نتلقى تساؤلات الناس من مختلف القارات، وهذا يضمن لنا الواقعية في الطرح». ورداً على ما يقال ان برامج الحوار الاجتماعي غدت كنظيرتها السياسية تدور في فلك الرتابة والتكرار، يقول السويدي: «لا نعرف في برنامج «خطوة» الرتابة والتكرار. ففي كل دورة إعلامية لدينا الجديد والمفيد للمشاهد العربي أينما كان. وهذا ما جعل البرنامج في سنته الأولى يفوز بالجائزة الذهبية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون. ثم ان طبيعة البرنامج وسر تميزه يكمنان في أننا لا نطرح القضية ونقف عند حد الإثارة كما يفعل بعضهم في الإعلام العربي، لكننا نتحاور كي نصل الى حلول علمية وعملية. من هنا جاءت فكرة برنامج «خطوة» الذي يقدم للمشاهد خطوات قابلة للتطبيق ومن جربها في حياته وجد التغيير الإيجابي. وهنا أشير مثلاً إلى نهاية حلقة «ماذا يريد الزوج من زوجته وماذا تريد الزوجة من زوجها» حيث تلقيت مكالمة من رجل مضى على حياته الزوجية 20 سنة ليقول لي: «لم أجد السعادة خلال كل هذه السنين لكنني وزوجتي عندما تابعنا برنامح «خطوة» وطبقنا ما نصحتم به ذقنا للمرة الأولى معنى الحياة الزوجية السعيدة». وعن التجربة اليابانية في «خطوة»، وعما إذا كان مؤمناً بالإفادة من تجارب المجتمعات الأخرى لإصلاح مجتمعاتنا وتطويرها، يقول السويدي: «تجربة اليابان كانت من الحلقات المميزة وهي ضمن سلسلة سنقوم خلالها بزيارة بعض الدول كي نقطف الحكمة أينما كانت. فالحكمة ضالتنا ونسعى لها أينما كانت. ولدى المجتمعات المختلفة حولنا تجارب آن لنا نحن العرب أن نتعرف إليها وننقلها الى مجتمعاتنا بما لا يعارض ثوابت قيمنا وأخلاقنا فهناك فرق بين استنساخ ثقافة الآخر وبين الإفادة من نجاحاته