أصدرت محكمة الاستئناف في طرابلس امس، وجبة اعدامات بحق سيف الاسلام القذافي المعتقل في الزنتان، وثمانية مسؤولين في عهد والده العقيد معمر القذافي. ونصت الاحكام، القابلة للطعن، على الاعدام رمياً بالرصاص، وذلك لإدانة المحكومين بالتورط في قمع دموي للانتفاضة التي أسقطت النظام السابق عام 2011. وانسحبت على المحاكمة اجواء المناكفات السياسية في البلاد، إذ سارع البرلمان المعترف به دولياً الذي يتخد من طبرق مقراً له، الى اصدار قانون للعفو العام ترافق مع التشكيك بمشروعية المحاكمات في طرابلس. وإضافة الى سيف الاسلام الذي حكم عليه غيابياً، شملت احكام الاعدام بالرصاص الصادرة عن دائرة الجنايات في محكمة طرابلس برئاسة القاضي ناجي الامين، كلاً من عبدالله السنوسي، مدير الاستخبارات السابق وصهر القذافي، والبغدادي المحمودي، آخر رئيس حكومة في عهده، اضافة الى ابو زيد دوردة آخر رئيس لجهاز الامن الخارجي، ومنصور ضو (الأمن الداخلي) وميلاد دامان (جهاز مكافحة الزندقة) وعبدالحميد عمار ومنذر الغنيمي وعويدات غندور. وبرأت المحكمة 4 متهمين، أبرزهم عبدالعاطي العبيدي، آخر وزير خارجية في نظام القذافي، الى جانب علي الزاوي وعادل العباني ومحمد الواعر الذين بوشرت اجراءات الافراج عنهم فوراً، فيما أوقفت محاكمة المتهم الهادي الجطلاوي (مسؤول امني سابق) لاحالته الى مصحة للامراض العقلية. كما صدرت احكام بالسجن المؤبد والحرمان من الحقوق المدنية بحق سبعة متهمين، ابرزهم، حسني الوحيشي الصادق، آخر أمين للشؤون القانونية في مؤتمر الشعب العام (البرلمان السابق)، اضافة الى بشير علي حميدان والمبروك مسعود وعمران الفرجاني ومحمد الحناشي ورضوان الهمالي وعامر الدليو. اما محمد بلقاسم الزوي، آخر رئيس لمؤتمر الشعب العام، فحكم بالسجن ل12 سنة، فيما صدرت احكام بالسجن لفترات متفاوتة، بحق محمد احمد الشريف (امين جمعية الدعوة الاسلامية) وعلي الشاهد ومحسن اللموشي وجبريل الكاديكي وسعيد الغرياني وعبدالله الشعلاني وآخرين من معاوني القذافي البارزين. وتضمنت الأحكام فرض غرامات مالية تصل قيمتها الى عشرة ملايين دينار ليبي، بحق مدانين، لتورطهم في اختلاسات وإهدار اموال عامة. وبذلك انهت المحكمة مرحلة أولى من المحاكمات بحق 38 متهماً من بينهم سيف الاسلام الذي لم يعد يعرف مكانه منذ تغيّبه عن حضور الجلسات عبر الدائرة التلفزيوينة المغلقة من الزنتان حيث يفترض انه كان موقوفاً لدى ميليشيا محلية. وفي موقف لافت، دانت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة الاحكام. وقالت الناطقة باسم المفوضية رافينا شامداساني في بيان نشر في جنيف ان «الاممالمتحدة تعارض عقوبة الاعدام في كل الظروف. وفي هذه الحال ندينها لأن معايير محاكمة عادلة لم تتحقق في شكل واضح». وأوردت الناطقة باسم المفوضية في بيانها، ان «المحكمة الليبية لم تتمكن من اثبات المسؤولية الجنائية الفردية للمدانين في جرائم محددة». كما عبرت المفوضية عن استيائها ل «صعوبة حصول المتهمين على محامين»، اضافة الى «معلومات عن اساءة معاملتهم». بالتزامن، دان المحامي البريطاني جون جونز بصفته وكيلاً لسيف الاسلام القذافي، المحاكمة التي وصفها بالصورية، وأشار جونز الى موقف المبروك قريرة وزير العدل في الحكومة المعترف بها دولياً (في طبرق) والذي اعتبر ان «المحاكمة غير قانونية». وقال جونز الذي سعى الى محاكمة سيف الاسلام أمام المحكمة الدولية في لاهاي حيث لا يمكن الحكم عليه بالإعدام، ان «الأمر برمته غير قانوني، إنه قتل بأمر من القضاء». في المقابل، أبلغ خبراء قانونيون في طرابلس «الحياة» ان المحاكمة تمت وفق المعايير القانونية الليبية لجهة التحقيق مع المتهمين في الجرائم الجنائية امام غرفة الاتهام التي تحيلهم الى محكمة الاستئناف. ورداً على موقف برلمان طبرق و تصريحات وزير العدل في الحكومة التي يرأسها عبدالله الثني، لفت مصدر قانوني بارز في طرابلس الى ان هذا الموقف «منطلق من كيدية سياسية لا علاقة لها بالقانون، ذلك ان أي اعتراض على المحكمة لم يُسجل عند بدء عملها في ظل حكومة الثني، قبل انتقال الأخيرة الى شرق ليبيا». وقال ل»الحياة» أحمد نشّاد محامي دوردة انه «سيتقدم بناء على القانون الليبي، بطعن في الحكم امام دائرة النقض في المحكمة العليا التي ستنظر في تطابق الحكم مع النصوص القانونية السائدة في ليبيا، وذلك في خلال مهلة الطعن التي يحددها القانون».