أعلنت الحكومة الفلسطينية المُقالة التي تديرها حركة «حماس» في قطاع غزة، أنها ستسلم الأممالمتحدة قريباً ردها على تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة لها برئاسة القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون عن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، لكنها لن تشكل اللجنة التي طالب التقرير بها لإجراء «تحقيقات ذات صدقية» في الاتهامات للحركة بارتكاب «جرائم حرب» خلال العدوان الإسرائيلي. وجاء موقف «حماس» بعد تأكيد إسرائيل أول من أمس أنها لن تشكل لجنة للتحقيق في الاتهامات التي تضمنها التقرير لها بارتكاب «جرائم حرب» في غزة، وانها ستكتفي بتحقيقات داخلية أجراها الجيش وشككت الأممالمتحدة في صدقيتها. وكان التقرير أوصى بإحالة الاتهامات للطرفين على المحكمة الجنائية الدولية، ما لم يلتزم الطرفان إجراء «تحقيقات ذات صدقية وفقاً للمعايير الدولية» قبل نهاية مهلة ستة أشهر. وقال وزير العدل في الحكومة المُقالة محمد فرج الغول خلال مؤتمر صحافي في غزة أمس، إن الحكومة ستسلم الأممالمتحدة قريباً رداً «مهنياً ويراعي المعايير الدولية» على تقرير غولدستون. وأضاف أنها «شكلت لجنة تحقيق داخلية للتحقيق في أي انتهاكات مزعومة (أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة) عملت على مدار الساعة لكشف الحقائق»، ولم تثبت انتهاكات. وأشار إلى أن الرد الذي جاء في 52 صفحة سيسلم إلى مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مدينة غزة قبل الخامس من الشهر المقبل، وهي نهاية المهلة القانونية المتاحة بحسب التقرير. واتهم إسرائيل «بتحدي القانون الدولي الإنساني والأمموالمتحدة ومجلس حقوق الإنسان وبعثة غولدستون»، وبأنها «مصرة على غيها وعنجهيتها وإجرامها مع سبق الإصرار والترصد في عدم الاعتراف ببعثة غولدستون الأممية الدولية، ورفضها التعامل معها أو تسهيل مهامها، أو حتى الإقرار بنتائجها وتقريرها». ورأى أن «الاحتلال النازي ذهب أبعد من ذلك عندما استمر في ارتكابه جرائم حرب الحصار، متحدياً بذلك الأسرة الدولية وكأنه فوق المحاسبة وفوق القانون الدولي... ولم يطبق أي توصية من التوصيات الواردة في تقرير غولدستون ليعلن أخيراً أمرين متناقضين، بل والتناقض في الأمر الواحد نفسه، الأول: يقر بأنه دفع مبلغاً وقدره 10,5 مليون دولار كتعويض لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عن الأضرار التي لحقت بها جراء القصف الصهيوني لمقراتها ومدارسها وإصابة موظفيها أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة، وينكر في الوقت نفسه - في تناقض عجيب - المسؤولية القانونية عن التسبب بهذه الأضرار في محاولة لتحييد أونروا كجهة دولية وشاهدة على العدوان والمحرقة التي ارتكبها الاحتلال في غزة بابتزاز سياسي رخيص». واعتبر أن «دفع هذا المبلغ لوكالة الغوث هو إقرار واعتراف عملي وصريح وواضح بارتكاب الاحتلال جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة فوق اعتراف جنوده وضباطه وقادته بارتكابهم هذه الجرائم»، داعياً الوكالة إلى «أن لا تقبل هذه الرشوة السياسية وأن تبقى على عهدها مصرة على مقاضاة الاحتلال الصهيوني وملاحقته كمجرم حرب أمام المحاكم الدولية، وأن لا تكتم الشهادة على هذه المحرقة وأن لا تضّيع حقوق آلاف الضحايا والمتضررين من أبناء الشعب الفلسطيني». ولفت إلى أن «الاحتلال يعلن أنه لن يعترف بتقرير غولدستون ولن يجري أي تحقيقات جديدة، وفي الوقت نفسه وفي تناقض عجيب أيضاً يقر بأنه سيكتفي بتحقيقات الجيش... بغض النظر عن ملاحظاتنا على بعض ما جاء في تقرير بعثة غولدستون، ومطالبة الجانب الفلسطيني بتنفيذ بعض التوصيات... وعلى رغم علمنا الأكيد بأن التوصيات الرسمية الأولى لمجلس حقوق الإنسان لم تطلب من الجانب الفلسطيني أي متابعات إيماناً من بعثة غولدستون بأن الشعب الفلسطيني هو الضحية، وأن الاحتلال هو الجلاد والمجرم النازي الذي يجب أن يُحاسب ويحاكم، فإن الحكومة شكلت أيضاً لجنة برئاسة وزير العدل لمتابعة توصيات تقرير غولدستون، والرد على أسئلة المفوض السامي»، علاوة على أنها «شكلت لجنة تحقيق داخلية للتحقيق في أي انتهاكات مزعومة، وعملت اللجنة على مدار الساعة لكشف الحقائق». وشدد على أنه «على رغم اليقين بعدم وجود أي انتهاكات للقانون الدولي الإنساني أو لقانون حقوق الإنسان الدولي ترقى إلى جرائم حرب، فإنها (الحكومة المُقالة) مع ذلك فتحت أبوابها على مصراعيها لتلقي شكاوى المواطنين، والتحقيق فيها لأبعد مدى وملاحقة ومحاكمة المتجاوزين بحسب القانون الفلسطيني». وأشار إلى أن الحكومة «شكلت لجنة لرصد وتوثيق جرائم الحرب الصهيونية، وفتحت قطاع غزة لكل الوفود والبعثات واللجان الدولية لمشاهدة آثار جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال في القطاع، ورحبت وعلى وجه الخصوص ببعثة غولدستون وسهلت لها مهامها كاملة، في وقت رفض الاحتلال الاعتراف بها أو التعاون معها». وذكر بأن «الحكومة رحبت بقرارات مجلس حقوق الإنسان على رغم وجود بعض الملاحظات عليه، ورحبت بقرارات الجمعية العامة مع التحفظات السابقة نفسها... وشكلت لجنة خبراء مراقبة وإرشاد دولية لمتابعتنا في تنفيذ توصيات تقرير غولدستون وفقاً للمعايير الدولية، وواصلت هذه اللجان عملها الدؤوب ووصلت الليل بالنهار وأنجزت الكثير مما هو مطلوب محلياً ودولياً، ولا تزال تعمل على قدم وساق، وطالبت وبشدة بتطبيق قرارات بعثة غولدستون وملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة ونادت بأن لا يفلت مجرمو الحرب الصهاينة من العقاب»، فضلاً عن أنها «استنكرت التدخل الأميركي الذي يرى بعين واحدة ويقف مع الاحتلال ويدافع عنه ويدعمه في جرائمه ضد الإنسانية في شراكة إجرامية عجيبة». واعتبر أن «تقرير غولدستون لم يرصد إلا القليل من جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي وبنى تقريره على 36 جريمة حرب فقط لا غير». وأشار إلى أن الحكومة «تعكف على إعداد التقرير الشامل والكامل لأكثر من 1500 جريمة حرب تشمل جميع الجرائم التي نص عليها ميثاق روما (جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية، جرائم إبادة جماعية، جريمة العدوان)، وكلها تم رصدها وتوثيقها بالكامل وفقاً للمعايير الدولية التي ستفاجئ الاحتلال بأكثر مما كان يتوقع وأنه لن يفلت من العقاب».