كتبت الأسبوع الماضي، مشيرة، إلى الحملة الإعلامية لمعالجة السلوك «الاسترجالي» للفتيات في جامعة أم القرى. «قلت» إن استبدال نعت «الشاذات» ب «السلوك الاسترجالي لدى الفتيات»، يُظهر «وعياً جديداً» في الخطاب مع هذه الفئة، ووعياً جديداً في الخطاب مع «الآخرين» في مجتمعنا. وإن إطلاق حملة إعلامية رسمية هي «أعتز بأنوثتي» في مركز الدراسات الجامعية للطالبات وفي جامعة رسمية هي «أم القرى»، لهو نقلة نوعية على مستوى الخطاب الاجتماعي «المعلن». فمفردات في «الخطاب القديم» مثل «شذوذ» وتغيرت إلى «سلوك استرجالي»، في «الخطاب الجديد»، وفي ذلك نقطة تحول عظيمة. لكن يبدو أن الرغبة في استبدال لغة «الخطاب القديم»، بلغة جديدة، ليست سوى «نطفة» لم تصل حتى إلى مستوى «مخاض». ولا تقف المشكلة عند حد أن الحملة الأولى المعلنة تتعاطى مع «السلوك الاسترجالي» الذي لا يشمل كل «المثليات»، فالأخيرات مفهومهن أشمل وأوسع، إذ إن معظم المثليات يبدون في الظاهر طبيعيات. وما دعاني إلى استعادة رمز «الآخرون» أو قضية «المثليات» مرة أخرى، هي حلقة عرضت أول هذا الأسبوع، من برنامج يقدمه شاب سعودي، على قناة فضائية، تناولت الموضوع من إحدى «زواياه». وفي تلك الحلقة ظهرت فتاة – صوتياً عبر الهاتف - «تزعم» أن أكثر من 85 في المئة من طالبات الجامعة التي تدرس فيها «مثليات»! على أي حال، ليس موضوعنا الفتاة، التي تقول إنها قررت التوقف عن أن تكون «مثلية»، بسبب حلقة تلفزيونية - من برنامج ما - ناقشت الموضوع، بل إن هذا المقال يتمحور تحديداً في شأن هجوم هاتفي شنه «داعية سعودي» على من اعتبر ال «مثليات» مجرد ضحايا مجتمع ولابد من «علاجهن» لا معاقبتهن! برأيي مشكلة هذا الداعية وسواه، ممن يتفق معه في هذا الأمر، أنهم لا يدركون أن نعت فئة معينة بالشاذين وكلمات أخرى، أو حتى تهديدهم بالعقاب لن يغيرهم، بل سيزيدهم شططاً، وسيجعلهم يُظهرون «مثليتهم» بعنف أو بطريقة صادمة، أو حتى يخفونها، ويعيشونها بعيداً من أعين المعاقبين، الذين لن يكتشفونهم حتماً. إن الاستفزاز والتصلب تجاه هذه الفئة، لن يفيد، كما أن تجاهل وجودهم أو إنكاره على طريقة «النعام»، سيجعلهم «يتكاثرون»، خصوصاً أن إنكار وجودهم يعني عدم البحث وراء «الجذور». عصير الكلام الشيء الذي يليق بنا اليوم هو أن «نقلق»، لأننا كلما سمعنا أصواتاً تحاول تغيير مفردات لغة «الخطاب القديم» الاستفزازية ل «الآخرين» – الرمز لا المفردة، نجد أن هناك من يخرج بلغة «خطاب» لها مفردات أكثر استفزازية من مفردات «الخطاب القديم» ذاته... فهل نقول على مفهوم الحوار مع «الآخرين» بأشكالهم «السلام»؟! [email protected]