في العاصمة الأولى للسعودية محافظة الدرعية عقدت الهيئة العليا لتطوير الرياض فعاليات عيد الفطر، وأخذت بأيدي زائريها ليعيشوا بأحاسيسهم بعيداً عن المنطق والتفكير، فهي تعود بهم إلى 295 عاماً مضت من التراث، محتضنة في طرفها وادي حنيفة الذي استوطنت ضفافه منذ القدم قبائل عملت بالزراعة، والتجارة، والحرف اليدوية. حي البجيري.. حيث امتزج الحاضر والماضي ب«لبنات» طينية تروي قصتها من دون أن تهمس بكلمة، حين تمر في أزقتها وتجوب عيناك في أرجائها، تتسابق الأسئلة إلى ذهنك في محاولة لفهم وتفسير كل ركن مر ناظرك عليه. بيوت طينية احتضنت محال عالمية حديثة، نظرة الترف هناك محصورة، فعند خروجك من «الدكان» حاملاً «قارورة» ماء بارد، لا تلبث أن تجد أمامك أخشاباً وضعت بطريقة بدائية تتخللها نفحات هندسية، لاستخراج الماء «الدافئ»، فيقفز العقل في مفارقات عدة، عن مشقة كانوا يعانونها وترف يعيشه الآن. في قلب الحي، فن معماري بطابع تقليدي يسرق نظر المتجول، هناك يقع مسجد الشيخ محمد بن عبدالوهاب التاريخي، الذي يعد من أبرز المعالم السياحية في منطقة الرياض، وتحديداً في محافظة الدرعية، ويعود إنشاؤه في الدولة السعودية الأولى عام 1157 ه. خارج المسجد توجد «مسقاة» للوضوء، ومسطحات خضراء مطلة على وادي حنيفة، ويجاور ذلك المسجد متحف تاريخي يحتضن في قلبه مخطوطات وآثاراً تعود إلى الإمام. الأمر الذي حمل عدداً من المواطنين على مطالبة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بتكثيف الفعاليات والأنشطة بين الحين والآخر داخل الحي، معتبرين الإمكانات والتخطيط والتنظيم يسهمان في إنجاح أنشطة يتطلع إليها الزائر. وحضرت «جلسات السامري» بقوة في فعاليات «البجيري»، الذي اشتهرت كل منطقة من مناطق السعودية بإيقاعات، وألحان خاصة له، ورقصات تميزها عن الأخرى. ولم يقتصر الحضور على المواطنين فقط، بل إن عدداً كبيراً من الجاليات والمقيمين قصدوا هذا المعلم، الذي يعد المعلم الأبرز في العاصمة الرياض، مستمتعين بالتجول في أركانه وتسجيل اللحظات التي يقضونها بصحبة عائلاتهم وأصحابهم. عبر مواقع الشبكة العنكبوتية قرأت باتريسيا، وهي فيليبينية الجنسية، عن حي البجيري الشعبي وما يقدمه من فعاليات في أيام عيد الفطر المبارك، لتقرر أن تزور هذا الموقع هي وزوجها وأطفالها، وتحدثت باتريسيا عن «البجيري» قائلة: «هنا الجو جميل، و أمتعنا ما يقدم من ألعاب ترفيهية للصغار والمحال الموجودة فيه، إنني أشعر بسعادة في هذا الحي»، مؤكدة أنها ستزور الحي بين فترة وأخرى لأنها ترى فيه أسلوباً حضارياً لعرض تراث المملكة. ومن جهة أخرى قال جاويد شيخ عبدالله، وهو مقيم باكستاني، «سمعت عن افتتاح حي البجيري، وكنت أتشوق لزيارته ولم ألبث أن جاءت مناسبة العيد ليكون وقتاً مثالياً للزيارة، فجميل أن ترى أطفالك يستمتعون بمسرح الطفل وأنت تتناول القهوة مع أصدقائك بأمان».