أكد زعيم حركة «طالبان» الملا محمد عمر أمس، دعمه محادثات سلام بين الحركة والحكومة الأفغانية، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الكلام عن لقاءات بين الجانبين بوساطة خارجية. ووصف الملا عمر المحادثات بأنها «شرعية»، في تطور من شأنه أن يمهد لتسوية في الحرب الدائرة منذ تدخل حلف الأطلسي الذي أطاح نظام الحركة غداة 11 أيلول (سبتمبر) 2001. وتشكل مباركة زعيم «طالبان» للمحادثات خطوة مهمة نحو التقارب مع حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غاني الذي حدد المصالحة الوطنية ركناً أساسياً في سياسته منذ توليه مهام منصبه أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي. وأتى موقف الملا عمر في رسالة نشرها موقع قريب من الحركة، وذلك تعليقاً على محادثات بين وفدين من «طالبان» والحكومة الأفغانية بدأت في إسلام آباد الأسبوع الماضي، برعاية صينية وأميركية. وورد في الرسالة الصادرة بمناسبة عيد الفطر، إن «طالبان تحتفظ بحقها القانوني في الاجتماع بمسؤولين أفغان وأجانب، طالما أتى ذلك في إطار التقيّد بتعاليم الشريعة»، باعتبار أنها «لا تحظر التواصل السلمي مع العدو». وأكد زعيم «طالبان» في رسالته، أنه «في موازاة الجهاد المسلح، تشكل الجهود السياسية والطرق السلمية مبدأ إسلامياً شرعياً». وأكدت الرسالة ثوابت «طالبان»، بإشارتها إلى أن «هدف المساعي السلمية هو إنهاء الاحتلال»، في إشارة إلى شروط الحركة المطالبة بانسحاب القوات الأجنبية من الأراضي الأفغانية، علماً أن العدد الأكبر من هذه القوات انسحب في نهاية العام الماضي، وبقي 13 ألف جندي متمركزين في قواعد أفغانية لتدريب القوات المحلية. وقال مراقبون أفغان إن رسالة الملا عمر تهدف إلى حسم خلافات نشأت داخل الحركة بين جناح محسوب على الباكستانيين يشدد على ضرورة الانفتاح على الوساطات والتوصل إلى تسوية مقبولة، وجناح آخر يدعو إلى مواصلة القتال لإطاحة الحكومة الأفغانية وإعادة نظام الإمارة الإسلامية. ورأى المراقبون أن الملا عمر ربما يريد تغليب كفة الجناح المعتدل، آخذاً في الاعتبار تهديدات تواجهها الحركة من منافسة تنظيم «داعش» إياها وسعيه إلى كسب قواعدها، خصوصاً في مناطق القبائل على الحدود الأفغانية– الباكستانية، حيث صعّدت «طالبان باكستان» حربها مع الجيش الباكستاني بعد إعلان عدد من قادتها مبايعتهم زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي. ويأتي موقف الملا عمر بعد تأكيد كابول وإسلام آباد أن محادثات الأسبوع الماضي كانت أول اجتماع رسمي بين ممثلي الحركة والحكومة الأفغانية، الذين اتفقوا على مواصلة لقاءاتهم. وتجلى الانقسام داخل الحركة في تأييد الناطق باسم زعيمها أختر محمد منصور المحادثات، في حين عارضها قادة ميدانيون، أبرزهم عبد القيوم ذاكر، المقرب من «طالبان باكستان».