وسط أجواء روحانية وبسكينة وخشوع اكتظت الشوارع والطرقات المؤدية إلى الحرم المكي الشريف بجموع الحجاج والمصلين لأداء صلاة العيد والجمعة الأولى بعد الوقوف بعرفات الله، ورصدت الجزيرة الانسيابة الكبيرة في حركة الحجيج بفضل التنسيق المتكامل بين الأجهزة المعنية بتقديم الخدمات لضيوف الرحمن. ولعب رجال المرور يساندهم القوات الأمنية الأخرى دوراً كبيراً في تنظيم الحركة المرورية للحافلات المقلة لضيوف الرحمن من مشعر منى إلى الحرم المكي الشريف والعكس. ووسط أجواء آمنة مطمئنة مفعمة بالخشوع لله سبحانه وتعالى في هذا اليوم الفضيل أدى حجاج بيت الله صباح أمس صلاة عيد الأضحى المبارك في المسجد الحرام. وأمَّ إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب، جموع المصلين من أهالي مكةالمكرمة وحجاج بيت الله الحرام الذين اكتظت بهم ساحات المسجد الحرام منذ ساعات الصباح الأولى لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك، وأوصى فضيلته في مستهل خطبته المسلمين كافة بتقوى الله عز وجل، وأن يتذكروا الحشر برؤية هذه الجموع، ويعدوا ليوم الرجوع، ويتقوا يوماً يرجعون فيه إلى الله عز وجل. وقال فضيلته: حجاج بيت الله وقفتم على مدارج الرسل والأنبياء ومتنزل الوحي من السماء، هنا الإسلام وهذا مركزه، وهنا منتهاه، في هذه الأفياء شرعت الشريعة وأحكمت الأحكام، وعلى هذه الصعودات أكمل دين الإسلام، هنا وُلد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهنا أوحي إليه، هنا ابتدأ دعوته وتلقى الأذى الأول في سبيل ربه فصبر عليه، هنا ختمت في عهده الفتوح، وهنا ودع أصحابه وأمته من هذه الربا وتلك السفوح، وهنا نزلت الآيات الأولى من القرآن الكريم، وهنا تليت فأطرقت لها الأودية والتلال. هذه كعبة الله المعظمة، وهذا مقام إبراهيم، وذاك الصفا والمروة، وهذا زمزم والحطيم، هذه الأرض بشعائرها هي ملهمة المسلمين عبر السنين، وهي أماني العباد والصالحين مهما نأت بهم الديار وتطاولت بهم الأعمار، على هذه الربا تغسل الخطايا ويعود الحاج نقياً كما ولدته أمه، وليس مكان في الدنيا له ميزة كهذا المكان، فقدروا للبيت حرمته وتلمسوا من الزمان والمكان بركته. فيما أمَّ المصلين في صلاة يوم الجمعة بالحرم المكي الشريف إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، الذي أوصى المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن والبعد عن ما نهى عنه سبحانه وتعالى ابتغاء مرضاته عز وجل، داعياً فضيلته المسلمين الى الإكثار من ذكر الله في هذه الأيام المباركة. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بالمسجد الحرام.. حفظ العمر وصيانة الوقت من ضياعها في المحقّرات وكل ما يضر الاشتغال به ويعظم الخسران بالانصراف إليه ديدن الموفقين ونهج أولي الألباب الذين تشتد عنايتهم بمواسم العمر التي هيأها الرب الكريم لهم وحثهم على اغتنام فرصتها ببذل أسباب الزلفى إليه بألوان واستباق الخيرات والتنافس في الباقيات الصالحات، وأن أياماً أمر الله بذكره فيها لهي من أجّل الأيام وأعظمها وأشرفها وأحراها بأن تصرف إليها الجهود وأن تتجه الى عمارتها القلوب والجوارح بخير ما تعمر به، إنها يا عباد الله الأيام المعدودات التى ذكرها الله بقوله {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}، وهي أيام التشريق الثلاثه التالية ليوم النحر التي وصفها رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه بقوله (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل)، إنها الأيام المباركة التي اجتمع للمسلم فيها نعيمان نعيم القلب بالذكر والشكر ونعيم البدن بالأكل والشرب والتمتع بالمباحات التي حرمت على الحاج وقت إحرامه.