حرس الحدود: نتابع تحركاتهم ونطبق بحقهم الجزاءات أبدى عدد من صيادي الأسماك في منطقة جازان استياءهم من هيمنة العمالة الوافدة على البحر، واستخدامهم أدوات صيد مضرة بالأسماك في مهنة توارثوها أبا عن جد، وباتوا قاب قوسين أو أدنى من هجرها، معتبرين ما يحدث تهديدا للثروة السمكية، واعتداء على مصدر رزقهم الوحيد، وطالبوا بسرعة تدخل الجهات المعنية ومنع غير السعوديين من العمل في هذا النشاط. «عكاظ» تجولت في مرسى الصيادين في جازان، والتقت بالصيادين الذين أفصحوا عن همومهم ومعاناتهم جراء التجاوزات في استخدام أدوات الصيد المحظورة ونهب خيرات البحر عموما. مصدر رزقي في البداية قال محمد إسماعيل: منذ صغري والبحر مصدر رزقي الوحيد، ولم أعرف صديقا أو مهنة سواه، ويضيف «تقدم بي العمر ولم أعد قادرا على تحمل مشقة الحياة، وأصبح كل همي في الوقت الحالي أن أكون قريبا من البحر، وأن أخرج منه بما يكفيني من قوت يومي». وبعد صمت طويل يواصل إسماعيل الحديث «تقدمت في السن وضعف جسمي، ويرى الأهل والأقارب أنه حان الوقت للتخلي عن هذه المهنة، ولكنني أرفض الفكرة خاصة أن علاقتي بالبحر تمتد ل 50 عاما، وكنت أمكث بداخله أياما وليالي، وكان السمك وقتها وافرا وليس كما هو الآن بعد دخول غرباء لا يهمهم سوى البحث عن المال فتجدهم يستخدمون وسائل صيد غير مسموح بها. أهازيج البحر وقال زميله محمد حسن (72 عاما): إن الصيادين في الزمن السابق كانوا يستخدمون مراكب صيد صغيرة تسمى القارب «الهوري» يتسع لأقل من خمسة أشخاص كانوا يتبادلون العمل داخله، وكنا نحمل زادنا تحسبا لبقائنا داخل البحر لعدة أيام، كنا نصطاد ما رزقنا الله به ونقضي على الوقت بالأهازيج وعندما نعود نبيع ما معنا من صيد وكان وقتها خيرا وفيرا بالرغم من قلته. عزوف الشباب وذكر محمد هادي، أن الصيادين يذهبون للصيد في رحلة تستغرق ما بين ثلاثة إلى خمسة أيام ويستدلون بالنجوم في معرفة الجزر أو في طريق العودة على الديار. وقال كل واحد منا يعرف الآخر لأننا أبناء منطقة واحدة، نسكن بالقرب من بعضنا البعض، أما اليوم فأصبحنا غرباء عن البحر لتقدمنا في السن، وعدم قدرتنا على دخول البحر فيما عزف الشباب امتهان الصيد، مما حدا بنا الاعتماد على العمالة الوافدة التي للأسف أضرت بالبحر والأسماك. الثروة السمكية من جانبه قال ناصر محمد: في السنوات الماضية كان البحارة والصيادون من السعوديين فقط، أما في الوقت الحالي وكما تراهم أصبحوا من جنسيات مختلفة، صحيح أنهم يعملون تحت كفالة مواطنين، لكنهم يستخدمون أدوات صيد تؤثر كثيرا على الثروة السمكية حتى أن السمك لم يعد موجودا كما كان من قبل. الصيد الشخصي أما عطية إبراهيم الذي كان يحمل بيده سمكة صغيرة، بالكاد يمكن مشاهدتها فقال: استيقظ يوميا قبل صلاة الفجر وأتوجه إلى مسجد سوق السمك وبعد أداء صلاة الفجر أدعو الله أن يرزقني قوت يومي، وبعد تسجيل بياناتي لدى حرس الحدود انطلق مبحرا حتى قبل صلاة الظهر، لأعود من حيث انطلقت حاملا معي ما رزقني به الله من بطن البحر، وكما ترى هذه السمكة الصغيرة سأذهب بها إلى منزلي لتطهوها زوجتي لوجبة الغداء، فأنا ولكبر سني وضعف قوتي لم أعد قادرا على دخول البحر من أجل التكسب في الصيد بل من أجل اصطياد ما آكله أنا وزوجتي. أما محمد إبراهيم فيشير إلى أنه عقب صلاة الفجر يدخل البحر ويلقي شباكه من أجل اصطياد سمكة أو اثنتين يبيعهما وبقيمتها ينفق على مصروفه اليومي. متابعة المخالفين إلى ذلك، أكد النقيب علي الكعبي قائد مركز الحافة في حرس حدود جازان، حرص المركز على تسهيل دخول الصيادين والمتنزهين إلى البحر وفق قواعد أنظمة وتعليمات الإبحار والصيد، مع أهمية توفر وسائل السلامة فيها، مشيرا إلى أن عملهم يستمر على مدار الساعة، وأن تصاريح البقاء داخل البحر وتحديد مواقع التواجد فيه تعود إلى الوسيلة البحرية المستخدمة وإلى الموقع المراد التوجه إليها. وأضاف، لا نسمح بالإبحار ما لم تكن كافة أوراق الوسائط البحرية والبحارة مستوفية، مشيرا إلى أن عدد الوسائط البحرية المسجلة بين صغيرة وكبيرة هو 607 واسطات بحرية، 200 قارب نزهة و12 واسطة نقل للركاب، وعدد الرخص الصادرة هو 839 رخصة عمل من صيد ونزهة ونزهة بأجر ونقل ركاب، موضحا أن الوسائل البحرية ومن فيها يخضعون للتفتيش قبل وبعد الإبحار من خلال مفتشي حرس الحدود، مؤكدا عدم السماح لغير السعوديين بممارسة الصيد، وقال «الموجودون على متن قوارب الصيد يعملون عند المواطنين بموجب تصاريح مستخرجة». وختم الكعبي بالقول «لا يسمح استخدام وسائل صيد غير مصرحة ومن يكتشف يطبق بحقه الأنظمة والتعليمات، وسبق أن ضبطنا بعض المخالفين ولكنهم قلة».