إلى وقت قريب كانت ثقافة القبائل العربية الأصيلة سواء في اليمن أو في السعودية أو غيرها أن شارب الخمر لا يزوج ولا يعترف به ، ولا قيمة له مهمش اجتماعيا فكيف بالمهرب أو المتاجر فيها ، أما تعاطي الحشيش فيعتبر جريمة تهوي بصاحبها إلى مستوى العدو من القبيلة قبل غيرهم و قد يتم التبرء منه وطرده ، لكن الأمر في وقتنا الحاضر تغير تماما وأصبحوا من الكبار المهمين الاكثر مكانة في المجتمع وأكثر نفوذا هو صاحب المال الكثير دون الاكتراث بمصادر المال ومدى علاقة صاحبه مع الله ومع القيم والأخلاق التي هي جانب التصنيف للناس في زمان مضى ، وهنا تكمن المصيبة وهنا يسود قانون وضع الرفيع ورفع الوضيع . ومن هذا المنطلق أصبح الفساد الأخلاقي ثقافة تهدد المجتمعات القبلية وتخل بمكانتها والثقة بها وتنذر بخطر كبير خاصة في وقت أصبح الجهل يستشري والجهل هنا لا يعني القراءة والكتابة والفلسفة بل يعني الجهل بقيم الدين وثوابته بينما تكمن قيم الرجال وديدن معادنها الحقيقية في الأقوال والافعال . جسور الفساد طبعا الفساد ليس فيروس ينتقل عن طريق الهواء بل إنه قيم ومبادئ تنتشر من خلال التعامل وهذا ما جعل الذين داخل الاراضي السعودي يعملون كجسور موصلة للفساد القادم من الخارج وهنا تتنامى سبل الفتن وأسبابها حيث ينذر ذلك بتدرج الفتن في دخولها الى الحدود السعودية ، خاصة وانها تندلع خلف الحدود فتن من كل نوع بسبب الأحداث الأمنية والسياسية المنفرطة ، والتي تسببت في تكتلات حزبية ومذهبية وقبلية وعنصرية تديرها رؤوس الأموال والمصالح الشخصية المفتقدة لأدنى قيم أخلاقية وكل تلك التكتلات مدججة بالسلاح وتعمل على السعي لبقائها بشتى السبل وهناك أجندة خارجية تعمل جاهدة لنقل العدوى بشتى السبل من اليمن وإلى داخل الحدود السعودية وتبحث بجدية وبدراسات دقيقة عن الثغرات الأمنية والإدارية والاجتماعية وأكرر الاجتماعية هنا وهي الأكثر خطورة مما قبلها. الثغرات الاجتماعية وصناعة الجسور طبعا القرى الحدودية السعودية مهمشة ومنذ زمن عن الخدمات بشكل عام والذي جعل سبل الثقافة والمعيشة لمعظم طبقات المجتمع محدودة ، ومع الطفرة الحالية وارتفاع تكاليف سبل المعيشة كانت هذه القرى تعيش حالة مأساوية رغم فرصة الضمان الاجتماعي ، وغيرها إلا أنها لا تفي ولو بجزء يسير في حال أن بناء منزل واحد يكلف قيمة ثلاثة أو أربع منازل في بقية مناطق البلاد ناهيك عن بقية تكاليف المعيشة ، هذا من حيث القرى السعودية أما القرى اليمنية خلف الحدود فالوضع يصل إلى ما تحت خط الفقر لأعداد من البشر تقدر بعشرات الألاف وكانت هذه فرصة أصحاب رؤوس الأموال في القبائل اليمنية وأصحاب المصالح حيث مثلت لهم العناصر البشرية الفقيرة جسوراً مهيأة للتهريب داخل السعودية وفتحت فرصاً معيشية مغرية لا خيار عنها جعل الجانبين ينخرطان فيها كعصابات ما بين مهرب ومروج ومستورد فتدفق المد الأسود من القرن الأفريقي بالألاف إلى اليمن ومنها إلى داخل المناطق السعودية ما كان إلا ليفتح فرص مغرية للتهريب كون الأفارقة جسر أمن للضخ من اليمن وإلى السعودية مما زاد في تنوع المهربات وكمياتها ، رغم الجهود الامنية التي غصت مقراتها بألاف المقبوضات والأفارقة المهربين إلا أنه لا نتائج تحد من ذلك نظراً للأعداد المهولة واستمرار تزايدها ، كما أن الأجهزة الأمنية تعتمد على الألف من أفرادها من خارج تلك المناطق الغير متأقلمة مع طبيعة تضاريسها ليكون الغلبة للأفارقة المتصفين بقوة التحمل والعمل على التهريب من خلال المناطق الوعرة لتنشط عملية التهريب بشكل مغري جداً لكلا الطرفين من السعودية واليمن ليبقى معظم الضعفاء فكراً ومالاً من فقراء القرى السعودية وسيلة ضمن وسائل التهريب . الشبك وقاصمة الظهر كان قرار الشبك أو السياج الحدودي الكارثة المدوية التي لا تهدد الجسور بالانهيار بل تهدد رؤوس كبيرة خارج الصورة في اليمن والسعودية ولهم باع كبير يسعون بكل الوسائل دون ذلك السياج بشتى السبل ، وقد بداء التخطيط فعلياً لما سيحصل أثناء السياج وبعده وهذا يرجح كل الاحتمالات بل وأسوئها . خطط ما قبل السياج وبعده طبعا تم إنهاء مواقع حدودية من المراحل الأولى لمد السياج الأمني ولكن بدأت طريقة أخرى لشراء عملاء من داخل الأجهزة الأمنية بمبالغ كبيرة ومغرية وهنا لن نتعمق أكثر فهناك جهات لها دورها في متابعة ذلك الداء والعمل على استحداث دواء يجتث ذلك الداء لننتقل إلى ما سيحدث من مستجدات خلال عمل الشركات الموكلة بإكمال السياج حيث تربض خلف الحدود تنقلات وجلسات ومشاورات للبحث عن خطط لافتعال أزمة على الحدود بشتى السبل وما كانت مواجهات بني مالك الأخيرة إلا جس للنبض فقط ويجب أن نكون حريصين كل الحرص فقد يأتي مالا نتوقع خلال الأشهر القليلة القادمة . مكمن الخطر طبعا يعلم الجميع دون أدنى شك أن معظم مشايخ القبائل السعودية في الشريط الحدودي ليسوا مهيأين لإدارة الأزمات التي تحدث وخاصة تلك التي على الحدود والكل يعلم ذلك وهذا ليس خطأهم بل خطاء من القبائل ذاتها التي كانت محدودة الفكر والرؤية في اتخاذ قراراتها المصيرية ، ولذلك ستدفع الثمن باهضاً نتيجة ذلك في المراحل المقبلة ، كون الأمر فوق مستوى إدراك الغالبية من خلال ما يدور حولنا ، ولتسهل عليكم المعادلة ، فأن جازان هي الأكثر هشاشة اجتماعيا وثقافياً ولا نعني هنا الثقافة من حيث الأكثر معرفة بمضمون ما يحتويه لسان العرب من مصطلحات ، إن الثقافة الأن تختلف تماماً ، ومن المضحك المبكي في نفس الوقت أن هناك محسوبين على العلم والثقافة يجزؤون المجتمع ويصنفون ويختلقون الأزمات وهم الفساد الفكري الذي ينمي الخلايا السرطانية في المجتمع فهل كان للمشايخ دور في فهم ذلك والحد منه ؟ طبعا لا ، وهذا أكبر دليل على أن الخطر كبير وهنا محك الكارثة القادمة التي ستكون من قيس وإلى جبل العريق في آل يحيى ، ومن جانب أخر أقل شيخ من مشايخ القبائل اليمنية بثقل محافظ من حيث الإمكانيات المادية والاجتماعية والمعنوية ، يدير تحته من يصنف بقبيلة من حيث الإمكانيات ولكل توجه ورؤية وفكر وله خلفه من تربطه بهم علاقة قوية قد تكون على مستوى دول ، ولا ننسى أن كل شيخ يدير عشرات الألاف من الضعفاء فكراً ومالاً وهم تحت رهن إشارته و لو على أرواحهم ، لذلك يكفي أن نفهم أنهم يديرون صفقاتهم من داخل القبائل السعودية دون معرفة المشايخ وهي بالملايين وقد يُستخدم المشايخ كوسيلة وهم لا يشعرون كالإصلاح في قضية مخطوف أو قتيل أو غيره وذلك لسدل الستار ، علماً بأن أكبر وأسهل طريقة لضخ المخدرات إلى المملكة هي جبال جازان والسياج سيكشف الحقائق وسيفجر الأزمات حتى بعد إتمامه لأن المستفيدين سيقاتلون من أجل مصادر وجودهم ، ولا تنسوا أن المخدرات جزء يسير من لعبة كبيرة وأكرر قبل ختام الفقرة أن أبالسة المذهبية وتصنيف الناس إلى سادة وقادة وآل فلان وعلان هم الحمقى الذين يخدمون المد القادم ويعزفون على وتر العاطفة وهم من يجمعون الحطب لإشعال فتيل الفتن وتشويش الرؤية. الحلول المقترحة من الحلول المقترحة أن يكون هناك أولا / إدراك المشايخ في المناطق الحدودية الأمانة الملقاة على عاتقهم من خلال الالتفاف والاجتماع فيما بينهم و التنسيق مع رؤوس وممثلي الدولة في المنطقة لاتخاذ الإجراء المناسب لأي طارئ قد يحدث خلال الفترة القادمة مع أخذ أسوء الاحتمالات في الحسبان كي تكون القرارات أشد حزما وأشد تحفظا. ثانيا / العمل على تجهيز وإنهاء إجراء قرار تنظيم الأفواج وتوظيف الشباب العاطلين بأسرع وقت ممكن ليكونوا مهيأين لأي طارئ لا قدر الله . ثالثا / التعاون الجاد بين الأجهزة الأمنية ومشايخ القبائل من خلال متابعة رؤوس الفساد داخل المجتمع وخاصة كبار المهربين والمشتبه فيهم بالتواصل والعلاقات مع رؤوس خارج الحدود والتخطيط للقبض عليهم كونهم يمثلون عناصر خطيرة جداً على أمن الوطن . رابعا / نشر التوعية الأمنية داخل القبائل عن خطورة المرحلة وعواقبها على الفرد والمجتمع وأمن الوطن . وختاما لا نجد إلا أن نقول أن التصحيح من الداخل يكون قبل الحد من الخطر القادم من الخارج كون الفساد هو الطريق الوحيد للدخول كونه يتداعى كما يتداعى المرض المعدي وما كان للشيطان عضدا أشد قوة ومتانة من حبل الفساد في القيم والأخلاق والجهل بعواقب الأمور في الدنيا والأخرة والله من وراء القصد .