استحوذت الأطعمة والخضراوات على اهتمامات الشارع السعودي بعد الارتفاع الجنوني في الأسعار، فقد تحولت الاهتمامات والنقاشات من غلاء الإيجارات وأسعار الشقق التي أصبحت نارا إلى الحديث عن الطماطم والخيار. وزاد لهيب النقاشات التي تحولت في بعض الأحيان إلى مشادات بسبب عجز البعض عن تدبير احتياجات الأسرة من غذاء والذي بات عبئا ثقيلا على ميزانيتها الشهرية. واكتفت وزارة التجارة بتكليف اللجنة التجارية بغرفة جدة بعمل دراسة بحثية حول ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وتركت المستهلك عرضة لغول الغلاء، وهو الأمر الذي أدى إلى زيادة المخاوف لدى قطاع عريض لمحاولة البعض استغلال الوضع، وضعف الرقابة والتمادي في رفع الأسعار خصوصا في موسم الحج. وكشف رئيس اللجنة التجارية بغرفة جدة نشوى طاهر ل"الوطن" أن لجنتها مكلفة من وزارة التجارة بإجراء دراسة بحثية عن ارتفاع الأسعار في مدينة جدة في محاولة لفهم ما يحدث داخل الأسواق ولوضع النقاط على الحروف حول الأسباب الحقيقية وراء الارتفاعات التي أثقلت كاهل الأسر السعودية وكذلك المقيمين والسياح والمعتمرين، وبررت طاهر الزيادة بارتفاع التضخم الحاصل في السوق العالمية. وقالت: هناك مبالغة من قبل التجار، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، وارتفاع سعر الأرضيات في ميناء جدة. وأشارت إلى وضع ميناء بجدة بقولها: إنه يتحمل نصف المسؤولية حول خسائر البضائع المكدسة على أرضيته كما أنه غير مجهز لاستخراج بضائع التجار بسرعة؛ وهذا يدفع بعض التجار إلى رفع قيمة السلعة لتعويض إيجار أرضية الميناء، وغالبا يشعر التجار بحرج من الرفع ولكنهم لا يجدون مفرا من ذلك وإلا سيخسرون أرباحهم. واقترحت طاهر أن تتولى لجان مختصة البحث في تحديد قيمة شرائية موحدة، وأن تصنع السلع خصوصا الغذائية المستوردة داخل المملكة عن طريق استقطاب الأيدي العاملة والمدربة، مضيفة: لكي نصبح بلدا مصنعا علينا الاهتمام برعاية مصالح الفرد والتوجه إلى التصنيع بكافة قطاعاته وأن تدعم الصناديق الصناعية التجار. وشددت طاهر على ضرورة تعاون الغرف التجارية مجتمعة لاحتراف العمل الوطني بالوقوف ضد الممارسات التي يمارسها بعض القطاعات وتغفل عنها الجهات المختصة في الدولة. ويؤكد رجل الأعمال، مالك سوق الخضراوات بحي الروضة فهد غيث أن سبب ارتفاع الأسعار يرجع في الأساس إلى أن جدة مدينة سياحية يقطنها الكثير من المواطنين والوافدين ويزورها العديد من القادمين من قرى ومدن المملكة، إضافة لقربها من الحرم المكي الشريف، فكل هذا يجعلها مدينة مرتفعة الأسعار من حيث إيجارات الشقق والخضراوات التي يقبل عليها الساكنون بجدة، وقال: هناك نقطة مهمة لإقبال المواطنين والمقيمين على شراء المستلزمات بأسعار بالغة الثمن وهي حاجة الناس للشراء. وتوقع غيث ارتفاعا ملحوظا في الأسعار لكل المستلزمات الحياتية خلال موسم الحج، حيث يحرص الكثير من التجار على تعويض خسائرهم في تلك الأيام من العام. مطالبا بزيادة الرقابة على الأسواق من قبل الجهات المختصة للحد الجنوني من ارتفاع الأسعار، وأن تقوم البنوك بتسهيل تملك شقق اقتصادية للشباب المقبلين على الزواج، خاصة أن الركود الذي يشهده قطاع الأعمال يعود لامتناع الشباب عن الزواج نظرا لارتفاع أسعار المنقولات والشقق. وشاركه في الرأي المهندس سليم الحربي مدير إحدى الشركات العقارية لإنشاء المباني. موضحا أن ما تعانيه جدة من ارتفاع للأسعار عائد لجشع التجار. وقال: تحتاج جدة إلى إعادة هيكله لواقعها السكاني، ويجب وضع خطط مستقبلية للحد من الارتفاع في الأسعار، وعلى الحكومة أن تعطي أراضي ميسرة للتجار على أن يقوموا ببناء مساكن اقتصادية ومن ثم بيعها بأسعار مقسطة على مدد زمنية متفرقة. وتوقع أن تنفجر أسعار الشقق السكنية في السنوات المقبلة نتيجة قلة المعروض وغلاء الأراضي واستغلال البعض بناء فلل دون التفكير فيما تعنيه جدة للوافدين والزائرين من أهمية. وتشتكي أم فهد ربة منزل من غلاء الأسعار وتقول: إن الأثرياء والتجار لا يشعرون بمعاناة المواطنين الكادحين والفقراء الذين يحصلون على قوت يومهم بشق الأنفس، لقد عانينا من دخول المدارس وشراء لوازمها لأبنائنا، واليوم نعاني الأمرين من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، ونود لو قامت وزارة التجارة بتحديد الأسعار خاصة سعر المأكولات والخضراوات. ويقول أبو عبدالرحمن: إن غلاء الأسعار يعود لجشع التجار الذين يقومون برفع أسعار المواد الغذائية حتى بتنا لا نستطيع شراء قوت يومنا؛ وأصبح حلم امتلاك شقة صعب المنال على أغلب السعوديين مع الأسف ولكنها الحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع. وتكشف مها الحربي ربة منزل أنها اتفقت مع جيرانها على شراء الخضراوات بالكرتون ثم توزيعها على بعضهن البعض بالكيلو، وترى أن زيادة أسعار المعيشة تؤثر سلبيا على حياة العوائل والأسر السعودية. وتضيف: كثير من المشاجرات الزوجية ببيتها ولعائلتها تحدث بسبب ضيق اليد وغلاء المواد وترى أن غلاء الأسعار تعاني منه جميع الأسر وكذلك المقيمين وهذا بسبب طمع التجار، وتقصير وزارة التجارة التي لا تستطيع السيطرة على السوق الاقتصادية ولا تضع قيودا عليهم تمنعهم من رفع الأسعار. "الوطن" حاولت الاستفسار حول ارتفاع الأسعار من مسؤول بوزارة التجارة لكنة اعتذر بعد مرور أسبوع. موضحا أن وزارة التجارة ليس من مهامها السيطرة على سوق الخضراوات، ولا تتدخل في وضع حد للارتفاع الملحوظ في سوق الشقق السكنية، بل تترك ذلك للمالك والمستأجر بالتفاهم فيما بينهما. وكانت "الوطن" أيضا قد أرسلت فاكسا بحسب طلب رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور حمد حمدان لأخذ رأيه وليشرح أهمية الدور الذي تقوم به الجمعية لكبح الزيادة الجنونية للأسعار دون أن نتلقى منه أي رد.