بإعجاز إلهي عظيم ، وقدرة ربانية خارقة ، خلق الله سبحانه وتعالى هذ الكون الفسيح ، كل ذلك ضمن قوانين ومعادلات حسابية ثابتة ، لايمكن لأي قوة كونية تغييرها ؛ من بين تلك المعادلات ما يعرف ب ( طبقة الأوزون) ، ذلك الجدار الهلامي الذي يحيط الغلاف الجوي للكرة الأرضية، ليكون بمثابة جدار عازل يعمل على حمايتنا وكافة المخلوقات ، ويحد من تسرب الأشعة الفوق بنفسجية إلى كوكبنا الأرضي ؛ واليوم يتابع العالم باهتمام بالغ ما تتعرض له تلك الطبقة العازلة من خطر وتهديد كبيرين، قد يتسبب لها بثقب في طبقتها ، ومن ثم فقدها وظيفتها التي قدرها الله لها ، عندما تتسرب تلك الأشعة القاتلة إلينا، على خلفية ما يسمى بظاهرة (الاحتباس الحراري) الذي تسببه تلك الغازات السامة المنبعثة في الأصل من مصادر التلوث على كوكبنا ، ذلك عبر ما تنفثه فوهات المصانع الكبرى ، وأدخنة حرائق الغابات والنفايات والإطارات وما إليها ؛ هذه حقائق علمية قد نكون اطلعنا عليها بشكل أو بآخر، فجنسنا البشري الذي خلقه الله وفضله على بقية مخلوقاته حين ميزه تعالى بنعمة العقل والإدراك، هذا الجهاز البشري يمكننا أن نطبق عليه تلك المعادلة الكونية بشكل أو بآخر، فهو بالنسبة إلينا بمثابة الطبقة الفولاذية الصلبة ، الذي نتفادى بواسطته كل ما قد يهدد حياتنا، فهو يقوم بالعمل كجهاز حساس نستشعر به أي خطر يحدق بنا ، كتلك الأفكار والنظريات الملوثة التي من شأنها العبث في تماسك وترابط تلك الطبقة الراجحة في بصيرتنا ورؤيتنا الفكرية، تماما ككريات الدم البيضاء التي تطرد الجراثيم وتقتلها في مهدها ، كذلك هو العقل عندما يرفض ولا يتقبل أي فكرة من شأنها تعكير وتغيير مفاهيم وقواعد الحياة الثابتة ، أو محاولة قلبها أو عكس اتجاه مسارها ، ولكي يقوم هذا العقل بعمله على أكمل وجه، فلا بد له أن يتمتع بالسلامة والعافية ، ليستطيع القيام بحمايتنا، وحرصه علينا في أن لا نستنشق تلك (الغازات الفكرية السامة)، فهي متى تسربت إلى خيالاتنا، ثم ترسبت هناك فقد تحدث بحياتنا شرخ كبير ، بل قد تتسبب بثقب يؤدي بنا في نهاية الأمر إلى تدميرنا ، وتوقف أو موت عقولنا إكلينيكيا، وحين إذٍ فإما أن نموت بجهلنا ، أو بأن نبقى هكذا على قيد الحياة في عداد المجانين حفظ الله علينا نعمة العقل .. هناك أيضا خطر آخر يمكنه تهديد الطبقة الأوزونية لهذا العقل البشري، إنه خطر (الكبت والمنع) عندما لا نتيح لعقولنا المساحة التي يحتاجها للتفكير، أولا نفسح له المجال بالتعبير والتحدث عما يصول ويجول في سراديبه من الأفكار، ويمكننا تسمية هذه المعادلة العقلية ب (الاحتباس الفكري) المشابهة والمتطابقة مع المعادلة الكونية (الاحتباس الحراري) ، فالكبت من شأنه أن يؤدي إلى ثقب في طبقة العقل الداخلية حين لانستطيع التصريح والتعبير عن كل مايدور داخل هذا الجهاز الاستشعاري الحساس، أو حين لايكون بإمكاننا قول ما نريد قوله، أو استحالة قدرتنا على التفكير بصوت جهوري مرتفع ، كلها أسباب مجردة قد تخفي ورائها أسباب أخرى مؤكدة ، قد تؤدي بهذا العقل البشري الميكانيكي إلى ثقب طبقته ( الأوزونية)، ومن ثم إعطابه نهائيا ، أو تصلب أوردته الفكرية بمرور الوقت وتقادم الزمن، ليفقد وظيفته الأساسية ويصبح عديم الفائدة .. حبس الأفكار ، الكبت والمنع ، هذا مسموح يقال ، وذاك ممنوع سماعه ، كلها عوامل ومسببات تتسبب في تدهور وتدمير هذا العقل البشري الخلاق، الذي أبدع الخالق تبارك وتعالى في صنعه. للتواصل/ [email protected] ( جميع التعليقات على المقالات والأخبار والردود المطروحة لا تعبر عن رأي ( صحيفة الداير الإلكترونية | داير) بل تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولإدارة الصحيفة حذف أو تعديل أي تعليق مخالف)