انطلاقاً من فكرة إقامة المهرجانات التي تقام سنوياً في عدة مناطق من مملكتنا الحبيبة، فقد سبق أن تقدمت قبل نحو سنتين بطلب إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، مقترحاً على سموه الكريم إقامة مهرجان البن السعودي في إحدى المحافظات الجبلية بمنطقة جازان، وتحديداً محافظة الداير بني مالك، كونها أكبر محافظة جبلية في القطاع الجبلي من المنطقة تشتهر بزراعة البن إلى وقتنا الحاضر، وذلك على غرار مهرجان الحريد في جزر فرسان ومهرجان المانجو في محافظة صبيا. الفكرة كانت تهدف إلى إحياء زراعة البن السعودي في مرتفعات المنطقة الجنوبية التي يطلق عليها الجبال الساحلية، أو ما يمسى محلياً "الأصدار" أي السفوح الغربية من سلسلة جبال السروات في جنوب المملكة. هذه السفوح تتميز بأمطارها الموسمية الغزيرة في فصل الصيف وأجوائها المعتدلة وخصوبة تربتها ما جعلها مناطق لزراعة البن منذ القدم إلى وقت قريب قبل أن يقل الاهتمام بزراعته لعدة أسباب، منها الإهمال من قبل أهالي تلك المرتفعات والظروف المناخية المتغيرة، على الرغم أن المزارع والمهتم بزراعة البن في تلك الفترة قد تغلب على تلك الظروف، حيث استطاع أن يكيف السفوح الجبلية الغربية لتكون مدرجات زراعية وجعلها صالحة لزراعة البن وغيره من المحاصيل الأخرى، واستطاع الاحتفاظ بالماء بعد سقوط الأمطار من خلال البرك التي بناها في مدرجاته الزراعية. أما في وقتنا الحاضر فباستطاعة المزارع الاستفادة من التقنية الحديثة في زراعة البن من حيث استخدام وسائل الري والمعدات الزراعية الحديثة والاستفادة من نتائج الدراسات في مجال زراعة البن على مستوى العالم. ونجد أن البن السعودي ينسب إلى بعض المناطق التي تشتهر بزراعته كالبن الأسمري النادر في عسير والبن الخولاني أو العنثري - الذي يتعمد في ريه على الأمطار الموسمية مما أكسبه جودة عالية - ويشتهر به القطاع الجبلي بمنطقة جازان. وانطلاقاً من القيمة الاقتصادية والتاريخية لشجرة البن التي كانت منتشرة في المدرجات الزراعية في مرتفعات الجنوب ولكونه يعد ذات قيمة اقتصادية محليا وعالمياً لدرجة أنه لا يخلو أي منزل من وجود البن "القهوة العربية المشهورة" فإنني أرى أن على إمارات مناطق عسير وجازان والباحة والهيئة العامة للسياحة والآثار ووزارة الزراعة دور كبير في تبني فكرة إقامة مهرجان سنوي للبن السعودي في إحدى هذه المناطق وأرشح القطاع الجبلي بجازان "محافظة الداير" لأسباب مكانية وتاريخية واجتماعية خاصة. تهدف فكرة مهرجان البن السعودي السنوي إلى التعريف بأهمية أشجار ومحصول البن، وإنه ذات قيمة اقتصادية عالية وأن مرتفعات الجنوب في المناطق الثلاث السالفة الذكر من أنسب البيئات لزراعته، حيث كانت تشتهر ولا تزال بزراعة أشجار البن وكان يعد المحصول الأول لدى سكان القطاع الجبلي بجازان. ومن أجل أن تنال شجرة البن اهتماماً خاصاً لدى أهالي المنطقة الجنوبية وبالذات مزارعي السفوح الغربية لسلسة جبال السروات في كل من عسير وجازان والباحة فإنه يجب تثقيف المجتمع وتوعيتهم بأهمية زراعة البن وفق أساليب حديثة وتخصيص قروض زراعية، بالإضافة إلى تبني جائزة سنوية لأفضل مزرعة للبن وتأسيس كرسي علمي مخصص لأبحاث البن السعودي في إحدى الجامعات الحكومية في هذه المناطق الثلاث، وإنشاء جمعية رسمية تهتم بالبن السعودي باسم "جمعية البن السعودي". حيث إنه من المتوقع بأن سيكون لهذا المهرجان نتائج ايجابية على زراعة البن وإعادة تنميته من جديد وعلى نطاق واسع حتى يصبح البن السعودي من أفضل المحاصيل الزراعية التي تشتهر بها مناطق عسير وجازان والباحة على غرار ما حصل من اهتمام لأشجار المانجو في منطقة جازان وزراعة النخيل وإنتاج التمور في منطقة القصيم ومحافظة الإحساء وزراعة أشجار الزيتون في منطقة الجوف وزراعة أشجار الحمضيات في منطقة نجران ومهرجان الورد الطائفي، مما أنعكس ذلك اقتصاديا على المهتمين بها وزاد من الإنتاج الزراعي لتلك المنتجات على مستوى المملكة حتى أصبح هناك اقتفاء ذاتياً على الأقل في نطاق مناطق زراعة هذه المحاصيل الزراعية. فهل حان الوقت لكي يستعيد البن السعودي مكانته الاقتصادية والتاريخية ليكون أحد المنتجات الزراعية المهمة في المملكة من خلال إقامة مهرجان سنوياً خاص به؟ كتبه: سعيد المالكي رئيس تحرير صحيفة الداير الإلكترونية المصدر: صحيفة سيق http://sabq.org/fR0aCd