العدل والإنصاف مطلب إنساني بالضرورة والفطرة , ولطالما تغنت الشعوب بهذه المفردة التي تمثلت في حياة وتعامل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم , ومن بعده في صورة سيدنا عمر رضي الله عنه بمنطوق القول : ( عدلت فأمنت فنمت ) ورأيناها ماثلة في ظل راية التوحيد المرفرفة على تراب هذا الوطن , عبر ميزان لا يقبل الميل , وسيفين يأبيان الشطط , وعيش آمن رغيد , فلا قضية تسجيل ضد مجهول , ولا مناص من قص رقبة سافك دم مقتول , لهذا عشنا سعداء سعوديين ولله الحمد والمنة ولولاة الأمر الدعاء بالتوفيق والبطانة الصالحة والصحة والعافية . وبالعودة لعنوان هذا القول : والذي بنيته على تسلسل مانشرته الصحف خلال الأسبوع الماضي عن محاكمة خلية ينبع الإرهابية , هذه الخلية التي روعت وضغطت الزناد , وأشعلت الفتيل , لم تحترم حرما آمنا , ولاحرمة ولي أمر عادل , ولا ارعوت للنصح والإرشاد ,ولم تأبه لدمع صغير , ولم تخش دعوة راكع ساجد , اعترف منسوبها للجهات المعنية بما اقترفوا , ولكنهم أمام عدالة القضاء الجديد والذي أفسح المجال أمام الإعلام وحقوق الإنسان لحضور جلساته لمست قيه تقاعسا غريبا , ومثالية في غير مجالها , فالقضاء وفق شرع الله يقول: ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) المائدة 45 , فلا مداهنة , ولا مراوغة , لقد عجبت لقاض يوصي بمحام لمجرم سجل اعترافه بفعلته , بل الأعجب حقوق إنسان نامت ملء عينها والدم يسفك والخنجر يغرز في الخاصرة , والنار تشتعل , والدمعة تغرق طفلها , والآهة تحرق عروسها , لم لم تصح حينها فتضرب على يد المجرم ؟ ولماذا رفعت الأن عقيرتها أمام الإعلام وعلى وثير المقاعد ؟! ألم يكف المجرم تمتعه خلال ما مضى بخدمات سجوننا ذات الخمسة نجوم ؟ ألم يكفه كون أهله آمنين وادعين يساق إليهم الضمان ويعطون كأفة الحقوق ؟ أم لابد أن يكلف له محاميا يسهر ليل نهار ليوجد ثغرة في القضاء ينفذ منها لتعطيل شرع فيمنح فرصة أخرى لمجرم متنكر للعرف والقانون ليخرج ثانية وليرتكب جريمة أكبر وأعنف وأروع !! إنني بعدما قرأت قررت مع سبق الإصرار والترصد أن أعيث فسادا ومتى ما وقعت في يد العدالة فلن أقاوم بل سأمتثل وسأحفظ القرآن , ثم أصطحب بصلة معي لقاعة المحكمة , وأضعها داخل يدي , فإذا ما دعا القاضي بشخصي أرتعش وأهتز وأشم البصلة لأستدر دمعي , ثم أصيح وأغيب عن الوعي , وأقول : (مظلوما وأنت ظلمتني ... ) , فيحن قلبه لي ويكلف محاميا يترافع عني , ثم أخرج كشعرة من العجين , لأمارس الجريمة , ومتى ما وقعت أعود لمسلسلي حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا , معي التحية للقضاء الجديد , ولحقوق الإنسان المناصرة للجور والظلم حد القهر .