شرع الله لنا أكمل الأديان ، وبعث فينا أكمل إنسان ، وأسكننا أكمل الأوطان فكأننا والكمال لله نخوض في خضم ينزع للكمال ، ويشرئب تلقاء التنزيه ويفرد شطيه على شاسع بون ٍ من النقاء لم يصل إليه ، ولم يسبر غوره إلا القائل (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ومن هنا وعلى مدار سنين قضت ، وحوادث اضمحلت ، اختزنت ذاكرتي العديد من الصور المرفوضة واستقرت في بؤره وجداني مظاهر ممجوجة ، لم يكن مصدرها ضعف وازع ديني ، فكلنا في هذا البلد قد رضعنا التوحيد من أثداء مجتمع طاهر العقيدة سليم الفطرة ، ولم يكن الجهل عامل تحفيز لما نعانيه فالعالم يشهد أننا من أقل شعوب العالم أمية ، ولقد أنهك روحي التفكير ، وأعيا نفسي التأويل وأنا أستعرض في ساعة صفاء عددا ً من المشاهد التي تقافزت على مسرح ذكرياتي فلم أجد لنشوئها سببا ً ولا لتكرارها علة غير الوعي الذي يقتضي العلم والعمل , ذلك السمو الذي نفتقده ، والعلو الذي لم نصل إليه تبعا ً لتراكمات أعملت فينا معاولها ، وجلبت علينا برفشها صنوفا ً من مساوئ الأخلاق ومذموم الصفات أستميحكم العذر في سرد بعضها على مدار حلقات والثانية عشرالآن ... ظاهرة 12 - انتقاص القدرات الذاتية وعدم الوثوق بالنفس : انتقاص القدرات الذاتية وعدم الوثوق بالنفس : وهذه مصيبة عظمى ، ومشكلة عويصة ، فعلى المرء أن يدرك مكانته ، ويسمو بهمته فالمسلم نائف غير خائف ، ومن ذلك أن أحد الأبناء كان يخاف من الظلام ، فإذا دنا الليل أخذ يقضم أظفاره ، ويمص إصبعه ، لا يفارق أمه مهما حدث ، وكنت أحدثه عن الشجاعة والثقة وعدم الخوف دون جدوى وحدث أن اشتريت له كرة جديدة فلعب بها مع أترابه فترة العصر ، ولما أوشك المغرب على الحلول غادر الملعب ناسيا ً تلك الكرة ، وتذكرها بعيد صلاة العشاء ولخوفه كتم الأمر برغم حبه لكرته , ولما لاح ضوء الصباح انبرى للبحث عنها فلم يجدها ، وفهمت من حركته ما حدث فعزمت أن يغير طبعه ، واشتريت له دراجة وكانت حلمه الذي يراوده كل وقت ، وتظاهرت بنسيانها خارج حدود المنزل ، ولما دقت عقارب الساعة تمام التاسعة ليلا ً أعلمته بما فعلت ، وبمكان وجود الدراجة الحلم و أنها بانتظاره متى ما كان شجاعا ً لا يهاب الظلام ، وبعد تفكير عميق ، استنفر خلالها رجولته ، قال لنا : ألست رجلا ً ؟ قلنا : بلى ، فرد و أنتم تثقون بي ؟ قلنا : نعم ، قال : إذا سأذهب لأخذها ، وخرج مهرولا ً ، وعاد راكبا ً دراجته ، مشروح النفس ، لأنه أذاب عقدة انتقاصه لنفسه ، وأعاد الثقة لذاته وحصل على حلم طفولته من خلال الوعي بما يلزم حيال مشكلة مؤرقة سرعان مازالت لتحيل الضعف قوة والنقص ثقة. وإلى ظاهرة أخرى يغيب عنها الوعي الذي نحن بصدده وتكون مدار موضوعي القادم ،،،،، أترككم بحفظ الله تعالى. أ. جابر ملقوط المالكي