يعلم الجميع أن النقد الإعلامي في المجالات المختلفة هو فن وإبداع يُشخص الموضوعات بمهنية عالية، وبوسطية معتدلة ينجح من خلالها الناقد في الابتعاد عن الإساءة والتجريح والخروج عن النص إلى الاتجاه الإيجابي من خلال طرح الرؤى والأفكار وإيجاد الحلول التي تجعل من النقد عملاً إيجابياً يهدف إلى التقويم والإصلاح. وفي وسطنا الإعلامي المحلي بل في الأوساط الإعلامية العربية بشكل عام نرى حالات متشابكة ومتناقضة من الصور المختلفة التي يختلط فيها الغث والسمين.. السلبي والإيجابي.. المفيد وغير المفيد، ومن ذلك حالة (النقد) التي لم تعد كما كانت في سنوات سابقة من حيث المهنية والجودة، وربما يعود ذلك لأسباب كثيرة من ضمنها أن وسائل الإعلام تعددت وزادت (كماً وكيفاً) ولم يعد بمقدورها إلا أن ترمي بكل ماهو موجود في الساحة وتترك للمتابع الواعي والحصيف أن يميز بين (الفاضي والمليان). إلى ذلك فإن التساؤل الذي يطل برأسه مراراً وتكراراً في أي قضية تُطرح أو موضوع يُشاهد أو يُسمع أو ُيقرأ عبر وسائل الإعلام المختلفة سواء كان ذلك في المجال الرياضي أو الاقتصادي أو الفني أو الثقافي أو المجتمعي.. هو هل نحن نعاني من أزمة في النقد الإعلامي بسبب بعض الأطروحات التي تشطح كثيراً وتبتعد عن مفهوم النقد.. أم أنها عملية المخاض التي يراقبها المتابع الواعي والمثقف والذي مرة بعد مرة تتكشف له حقيقة وفكر (زيد أو عبيد) والناقد الحقيقي، أو الممارس لخلاف النقد ويظن أنه نقداً.. وفي كلتا الحالتين من المهم أن تستمر الصورة النقدية الجريئة حتى لو اختلطت ببعض الشوائب والسلبيات والتي سيكون الزمن كفيلاً بفلترتها وتنقيتها وإبعادها عن المشهد العام. وعطفاً على ماسبق فإنه ليس من الإنصاف تجاهل الدور الرائد والمهم الذي يقوم به الإعلام، والتركيز على تحميله أكثر مما يحتمل، ويتم مهاجمة صروحه والإساءة لرجاله لمجرد بروز بعض الحالات السلبية في منابره سواء ممن يستضيفهم الإعلام أو حتى من بعض أبنائه الذين يعبروا عن آرائهم ولايمثلون كل الإعلاميين، ويسري ذلك على مايخص حالة النقد أو الحالات المختلفة التي تحملها مضامين ما يُطرح في وسائل الإعلام.