افتتح صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز رئيس اللجنة العليا لمجلس أوقاف جامعة الملك سعود مساء أمس ندوة "الجوانب الإنسانية والاجتماعية في تاريخ الملك عبدالعزيز - رحمه لله - " ، ودشن سموه كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية التي تنظمها جامعة الملك سعود بمقرها بالرياض بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز وتستمر ثلاثة أيام. zوفور وصول سمو وزير الدفاع مقر الحفل تجول في المعرض المصاحب للندوة الذي يحتوي على وثائق تاريخية تعود للملك عبدالعزيز - رحمه الله - وتبرز السمات الإنسانية في تعاملاته مع المواطنين التي تحث على العمل الخيري وتعزز مبادئ التكافل الاجتماعي للمجتمع السعودي في ضوء تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة، وتأصيل الأخلاقيات الإسلامية , إلى جانب عرض صور فوتوغرافية معبرة وذات دلالات تاريخية عن الجوانب الاجتماعية في حياة المواطن السعودي في عهد الملك عبدالعزيز . وبعد أن أخذ سموه مكانه في مقر الحفل بدئ الحفل الخطابي بتلاوة آيات من الذكر الحكيم . ثم شاهد سمو وزير الدفاع والحضور فيلما وثائقيا بعنون " سلمان والجامعة " يحكي دعم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للعلم والمعرفة ، ورعايته للجامعة واهتمامه واسهاماته فيها ، وحرصه ومتابعته لتطورها . إثر ذلك ألقى المشرف العام على كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية الدكتور عبدالله السبيعي كلمة أكد خلالها أن الندوة تكتسب أهمية كبيرة كونها خصصت لدراسة وإبراز الجوانب الإنسانية والاجتماعية من حياة الملك المؤسس- رحمه الله- والمواقف النبيلة تجاه شعبه وتجاه قضايا المسلمين والعرب، بالإضافة إلى الجوانب الإنسانية والاجتماعية التي تميز بها في تأسيس المملكة. وأفصح عن تلقي الندوة ( 130 ) بحثا أكثر من نصفها مقدمة من فئة الشباب ، مؤكدا اهتمام سمو وزير الدفاع بتاريخ الجزيرة العربية ودعمه المستمر للكرسي . عقب ذلك تفضل سمو وزير الدفاع بتدشين كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية . ثم ألقى معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله العثمان كلمة أبان خلالها أن مسيرة الوطن منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله- ترسخ للأجيال مسؤولياتهم الوطنية في كل جيل منذ ملحمة التأسيس حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله- ، مبرزا اهتمام سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز بالجوانب التاريخية والحضارية للجزيرة العربية . وأوضح أن الملحمة البطولية التي خاضها الملك المؤسس لتوحيد أطراف البلاد حافلة بالمواقف الإنسانية والاجتماعية. بعد ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز رئيس اللجنة العليا لمجلس أوقاف جامعة الملك سعود محاضرة ‘ فيما يلي نصها : الأخوة والأخوات أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك سعود . أيها الأبناء والبنات طلاب وطالبات جامعة الملك سعود . الإخوة والأخوات الحضور والمشاركين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . إنها لمناسبة طيبة أن أكون بينكم في هذه الجامعة العريقة جامعة الملك سعود التي عايشت تأسيسها وتطورها من خلال مسؤوليتي في إمارة منطقة الرياض ، وأتذكر أولئك الرجال الذين أسهموا في بناء الجامعة وإدارتها في عهد الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد - رحمهم الله - وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - يحفظه الله -، وعضده الأيمن ولي عهده الأمير سلطان -يرحمه الله- وولي عهده الأمير نايف - يحفظه الله . وتذكرني هذه الجامعة بشبابنا الذين يعدون عماد هذا الوطن ومستقبله ، وهذه الجامعة والجامعات السعودية الأخرى في كل منطقة من بلادنا تحتضن شبابنا اليوم وتقوم على تعليمهم وتطوير قدراتهم وتتيح لهم التفاعل والمشاركة المثمرة في مجتمعهم بإذن الله . ويذكرنا هذا بالأمس القريب عندما كنا نفتقر إلى الكفاءات الوطنية ممن يحملون المؤهلات العلمية ولا نجدهم ، واليوم ولله الحمد والمنة تجد المواطن المؤهل في جميع التخصصات ومن أنحاء البلاد في مواقع المسؤولية من الوزراء والقضاة والقيادات الإدارية والعسكريين ومدراء الجامعات وعمداء الكليات ورجال العلم والفكر والثقافة والاقتصاد والطب وغيره . وأمام شبابنا السعودي اليوم في جميع أنحاء البلاد نماذج في تاريخهم الوطني تبرز ما قام به أجدادهم وأباؤهم من إخلاص وأعمال وجهود أسهمت في توحيد البلاد وبنائها مع المؤسس الوالد الملك عبدالعزيز -رحمه الله -. وفي شباب الملك عبدالعزيز دروس ومواقف تستحق التأمل والاقتداء ؛ فلقد كان عبدالعزيز الشاب مرتبطا ارتباطا وثيقا بربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وبارا بوالديه حريصا على أسرته وعلى مواطنيه ، وملتزما بمبادئ الدولة التي تأسست في الدرعية في منتصف القرن الثاني عشر الهجري على أساس الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة ، وامتدت لتشمل ما نحن فيه اليوم ولله الحمد في المملكة العربية السعودية التي نص نظامها الأساسي للحكم على أنها دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة ، دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأنهما الحاكمان على جميع أنظمة الدولة ، وأن الحكم فيها يقوم على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية . كان طموحه وهدفه مُنصبّاً على استعادة تأسيس البلاد وتوحيدها ونشر الأمن والاستقرار فيها على أساس أجداده منذ وقت مبكر في حياته ، وشارك وعمره لم يتجاوز الخمسة عشر عاما بأمر من والده في مفاوضات مهمة وحاسمة مع الذين كانوا يحاصرون الرياض . ورغم أنه غادر الرياض مكرها مع أسرته في بداية شبابه لم يغفل عن بلاده ومواطنيه وتاريخ أسرته العريق ، واعتمد على الله ، ثم على رجاله المخلصين للعودة وجمع شتات الوطن والمواطنين تحت راية العدل والاستقرار . قال حافظ وهبة :سمعت من بعض أصدقائي الكويتيين الذين عاصروا عبدالعزيز ورافقوه في طفولته أنه كان يفوقهم نشاطا وذكاء ، وأنه كان يتزعمهم في الألعاب المألوفة لمن كان في سنه ، وأنه كان يميل إلى سماع تاريخ أجداده من بعض الشيوخ المسنين . وروى محمد بن بليهد أنه عندما كان فتيان الحي يتهيئون لتقسيم أنفسهم للعب كان كلهم ينادون : من أنا معه ؟ بينما كان عبدالعزيز يقول : من معي ؟ وفي هذا دلالة واضحة على الفطرة القيادية لديه في شبابه . وعندما قرر الشاب عبدالعزيز استعادة الحكم في بلاده لم يكن تفكيره ينزع إلى المجازفة أو عدم التخطيط ، بل فكر كثيرا وخطط وأدرك أهمية الحكمة والصبر في اتخاذ قرار مهم مثل هذا ، بمشاركة المخلصين من أبناء وطنه معه والتشاور معهم . فلقد حاول للمرة الأولى ولم ينجح ، ورغم ذلك حاول للمرة الثانية ونجح في دخول الرياض والبدء في تأسيس المملكة العربية السعودية ، وهدفه الأساس تأسيس دولة قائمة على العقيدة الإسلامية كما كانت عليه الدولة السعودية والدولة الإسلامية الأولى وهذا ما نعيش فيه اليوم ولله الحمد . تأملوا عباراته وهو يصف تلك الأحداث بقوله : فكرنا مع ربعنا فيما نعمل فاتفق الرأي على دخول الرياض فلربما حصلت لنا فرصة في قلعة ( المصمك ) نأخذها دون مواجهات تضر بالآخرين. هذا هو منهج الشاب عبدالعزيز الممتلئ بالإيمان والحرص على الآخرين والصبر ، وقصته لاسترداد الرياض هي قصة الشاب الذي تحمل مسؤوليته ، وأجهد نفسه ومن معه من الرجال المخلصين للوصول إلى الهدف الأسمى وهو تأسيس هذه الدولة المباركة القائمة على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم . ومن منهجه المعروف العفو عن الآخرين حتى مع أشد خصومه الذين أصبحوا بسبب ذلك من أخلص رجالاته بسبب إنسانيته وهدفه السامي الذي يتجاوز حدوده الشخصية ليشمل الدولة ذات المبادئ الإسلامية ومصلحة المجتمع . عرفت أنا وإخواني ونحن شباب أن والدنا المؤسس الملك عبدالعزيز كان يحرص على الشباب وقضاء أوقاتهم فيما ينفع وأداء الصلوات في أوقاتها حيث كان يحبس الواحد منا الذي يتأخر عن الصلاة معه في المسجد أو عن الدراسة في غرفة صغيرة داخل قصر المربع ، تربينا على يد عبدالعزيز ونحن شباب على الالتزام بالدين ، وحسن التعامل ، والعمل بجد والصبر والإخلاص . وللملك عبدالعزيز مواقف كثيرة شجع فيها الشباب من أبناء وطنه وحثهم على العمل وعدم الكسل . فقد أشار خير الدين الزركلي إلى أن أحد الشباب تقدم إلى الملك عبدالعزيز طالبا أن يعطيه بعض النقود مع بقية الفقراء والمساكين ولاحظ الملك أنه شاب قوي ونشط فسأله الملك : فيك مرض؟ ، فقال له الشاب : لا, فقال له: أنت شديد وشاب, اذهب إلى الأمير منصور وادخل في الجيش. أراد عبدالعزيز لهذا الشاب أن يتحمل مسؤوليته وليس عدم مساعدته, فعبدالعزيز عرف بإحسانه للجميع من المحتاجين من أبناء وطنه دون استثناء. وخاطب الملك عبدالعزيز الشباب في وقته وهو يلتقي بهم ويحثهم على العمل المخلص, والابتعاد عن الأفكار الدخيلة. وفي أحد لقاءاته مع خريجي المعهد السعودي في مكةالمكرمة ركز الملك عبدالعزيز على أهمية الشباب وعملهم, ونصحهم كثيرا لخشيته عليهم, وقال كما ورد في صحيفة أم القرى: أيها الأبناء إنكم أول ثمرة من غرسنا الذي غرسناه بالمعهد, فاعرفوا قدر ماتلقيتم فيه من العلم واعلموا أن العلم بلاعمل كشجرة بلا ثمر, وأن العلم كما يكون عونا لصاحبه يكون عونا عليه" . وحرص الملك عبدالعزيز على تذكير الشباب بأساس هذه البلاد حيث قال كما ورد في صحيفة أم القرى: " لقد ملكت هذه البلاد التي هي تحت سلطتي بالله ثم بالشيمة العربية وكل فرد من شعبي هو جندي وشرطي, وأنا أسير وإياهم كفرد واحد لا أفضل نفسي عليهم ولا اتبع في حكمهم غير ما هو صالح لهم حسبما جاء في كتاب الله وسنة رسوله. " هذه رؤية عبدالعزيز للشباب في حياته , رؤية مبنية على الثقة والتشجيع والتعاون, بل رؤية مبنية على فهم مبادئ الوطن ومصلحته. وشبابنا اليوم هم امتداد لأجدادهم ولآبائهم ولعبدالعزيز في حبهم لدينهم وبلادهم ووحدتهم وحرصهم على حسن المواطنة. فأنتم أيها الشباب مثل أجدادكم وآبائكم الذين نفخر بهم والذين بنوا وأسسوا وشاركوا في تعزيز هذا الوطن, عليكم مسؤولية المحافظة على وطنكم ومبادئه بالعمل والصبر والتمسك بمكتسباته وتاريخه, وعدم التأثر بما يتناوله البعض من التشكيك ومحاولة التفرقة بين أبناء هذا الوطن وخاصة شبابه عبر الوسائل المختلفة. نحن نفخر بكم أيها الشباب بنين وبنات كما نفخر بأجدادكم وآبائكم الذين أنتم امتداد لهم وعمق لهذا الوطن وتاريخ وطنكم وحاضركم اليوم هو جزء لايتجزأ من مستقبلكم. أشكر الجامعة على تنظيم هذه الندوة المهمة والقائمين على الكرسي والمشاركين من الباحثين والباحثات وأرجو للجميع التوفيق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.