يعتبر 25 يناير تاريخا فاصلا في الثورة المصرية، بين كلمتين تعبران عن الماضي والحاضر، هما «قبل وبعد» الثورة. فقبل الثورة، عزا الكثيرون من العاملين في الدراما والسينما المصرية تراجع الحريات إلى الجو السائد سابقا، والذي كان يمنع التعبيرات الواضحة والصريحة. «لماذا قامت الثورة المصرية؟»، تساؤل يقوم عليه الفيلم التسجيلي «اسمي ميدان التحرير»، للمخرج علي الجهيني، تاركا الإجابة عليه للمشاهد. فهذا الفيلم، الذي فاجأت به قناة النيل الإخبارية مشاهديها في ذكرى الثورة بعد 6 شهور من إنتاجه ومنع عرضه، يتناول جوانب من علاقة السلطة بالشعب في مصر منذ قيام ثورة يوليو 1952، مع التركيز على فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك، خصوصا بعد إعلان قانون الطوارئ الذي تسبب في توسع سلطة أجهزة الأمن الداخلية، وزيادة عدائها تجاه المواطن، ما أدى إلى ظهور حركات ثورية عدة تنامت وتجمعت لتتوج بثورة 25 يناير/ كانون الثاني. ويقوم الفيلم على المقارنة بين ميلاد طفل «محمد سعيد»، وتولي رئيس «حسني مبارك» لنظام الحكم في مصر عام 1981، متضمنا توثيقا لأبرز أحداث الثورة بالصور والشهادات الحية، والإحصاءات، قدمها فريق الفيلم المكون من 27 شخصا، 5 منهم صحفيون، بقيادة معده ومخرجه علي الجهيني. ويقول الجهيني في مقابلة مع( سي ان ان بالعربية): الغضب هو قلب الثورة، والشعب المصري كان بحاجة للثورة قبل 25 يناير بكثير.وأضاف «لو استمرت المصداقية الإعلامية سنكون مختلفين جدا في صناعة السينما المصرية، وسنقدم للجمهور شيئا لم يسبق لنا نشره، لكننا لازلنا متأثرين بفساد مؤسسات الدولة مع اختلاف درجة الفساد، وأنا مع فكرة التغيير التدريجي، ومع وجود حالات يجب أن يكون فيها بتر نهائي للفساد.» وتابع الجهيني قائلا إن «الدافع وراء عمل الفيلم كان تأثره حد البكاء بطريقة انفعالية مع عدد من طاقم فضائية النيل الإخبارية أثناء تواجده في قلب الميدان خلال الثورة،» واصفا الصامت عما يجري ب «الخائن والمنافق». ويعزو الجهيني أسباب منع عرض الفيلم آنذاك إلى وزير الإعلام السابق أسامه هيكل، الذي ادعى ورود أخطاء تاريخية جاءت ضمن مجريات الفيلم، ومدته، وأن العمل يعكس انتهاكات مباشرة لجهاز الشرطة في علاقته مع المواطنين المصريين، ما دفع به إلى الاشتراط بحذف «ثلث الفيلم» للسماح بعرضه. واستنكر الجهيني أسباب الرفض من وزير في حكومة تشكلت بعد الثورة المصرية، بالإضافة إلى كونه صحفيا قبل أن يكون مسؤولا، من منطلق أن طلب حذف المشاهد جاء من باب «تحسين العلاقة بين الشرطة المصرية والشعب.» من جانبه، قال مسؤول قناة النيل الإخبارية سامح رجائي ل(سي ان ان بالعربية) إن «حرية التعبير مكفولة، لكن صانعي الدراما والسينما المصرية لم يستفيدوا منها رغم وجود سقف عال للتعبير، آملا في أن تتوحد كل الجهود حول إعادة بناء مصر.» ويضاف إلى الجهيني كونه مخرجا بأنه شاعر وروائي، اشتهر بكتاب «خوف الكبار» قبل عامين من الثورة، ومنع من نشره لأنه حمل إسقاطات سياسية مباشرة على رموز السياسة في النظام السابق. وعكست الكاميرا والمايكروفون في فيلم «اسمي ميدان التحرير» نبض الشارع في توليفة جمعت بين المعلومات الموثقة واللمسة الفنية والمهنية، ليعلن عن بداية ربيع عربي في صناعة السينما المصرية.