قررت أن أكتب الآن قبل أن تتلاشى قوة ذاكرتي تماماً وأسقط سهواً في متاهات مجانين آخرين لا قرار لهم. ذاكرة مريرة أشاهدها، كلما أمسكت الريموت كنترول.. في الانتقال من قناة فضائية تثقيفية، إخبارية .. إلى قناة فضائية ساقطة، هزيلة، حشرت أنفها .. مع فضائيات لها ثقلها الإعلامي والمصداقية المعلوماتية. شريط متصل يكتب عليه في أسفل الشاشة، عبارات عشاق من محب إلى حبيبته .. ومن إنسان مكبوت يريد أن يروح عن نفسه بكلمات غاضبة، مسكونة داخل قلبه .. ومن بوح فتاة تمارس رسائل العشاق في زمن المثقفين والأدباء الأوائل .. أو من الممثلين والمغنين في شاشات الأبيض والأسود. ومن يتابع ذلك الاستهلاك الكبير من قبل بعض الفضائيات العربية، المتخصصة أوالمتخصصة الهابطة، في عرض مدونات " المجانين " التي خطفتهم في متابعتها لساعات طويلة .. وهم متسمرون إمام شاشة التلفاز وفي أيديهم، هواتف النقال لإرسال الرسائل .. ولو أن العقلاء شاهدوا تلك الممارسات التي يفعلونها.. لا يبعد كثيراً في وصفه بأنهم مجانين تحول من إلغاء مدونات من الجدران وسور المدارس وحيطان الملاعب والشاشة العنكبوتية إلى أسفل الشاشة في تلك الفضائيات الهزيلة .. التي تفتخر باستقطاب شريحة كبيرة من هولاء المجانين للكتابة والتعبير الذي تبوح بها مشاعرهم الساقطة، الذي لا يجرؤ قلمي على كتابتها.. تعرض رقصاً فاضحاً أوأغاني شبابية غير لائقة .. ومن يشاهد تلك الممارسة، يقول في منتهى البساطة إن البعض منهم ينفسون عن مشاعرهم ويعبرون عنها بجمل قليلة يرسلونها.. من وإلى شاب أو فتاة أو بالعكس محملاً على أكتافه سحر الصورة وغواية الحضور وأنه موجود بينهم ويتنفس بعمق مثلهم من تدوين مشاعر متشابه، حتى وإن كانت تحمل الكثير من الأخطاء الإملائية في ربع الجملة أو نصفها.. وأن لا يهتم بالكتابة السليمة والخالية من الأخطاء .. حرصه الدائم .. بأن يبعث برسالة .. من أجل غاية أهداف مشاعر بأي شكل من الأشكال .. كلمات لا معنى لها.. المهم .. تكون مدونة في تحريض بلهفة شاب أو فتاة، للإشارة إليه .. بأنه شاعر يمتلك أحاسيس العشاق والمحبين.. حتى وإن كان بينه وبين المرسل إليه آلاف الكيلو مترات، يحاول بقدر الاستطاعة للوصول "كعابي " من أسفل الشاشة إلى قلب فتاة تبادله الرسائل، والعشق، والحب المخادع .. مجانين في أسفل الشاشة .. لا يتوقفون عن النباح والتدوين الأهوج في ممرات فضائية.. صاحبها يصفق بكل افتخار.. لتلك الفئات العمرية التي ملَّت شريط المراسلة .. ويملأ خزانته المالية من وراء أغبياء .. مجانين .. يمارسون عشق الهوى مباشرة .. وقد يعترف بذلك .. عاقل .. ويقول إن الرقابة الأسرية معدومة تماماً اليوم وأن قائد الأسرة عاجز عن إيقاف عقل مجنون قد يسبب خدشاً لحياء ما.. وجيل قادم..! ومضات : أؤمن أن الناس سيتعاملون معك بما تظن في نفسك.... " إسحاق عظيموف "