لا يمكننا ان نفهم اقدام مجموعة من المستوطنين اليهود على اقتحام الحدود الاردنية واحتلالهم مبنى مهجورا, على انها خطوة عفوية او رد فعل كما يزعمون على الموقف الاردني الرسمي من قصة هدم باب المغاربة, وانما في اطار ادبياتهم السياسية والايديولوجية تجاه الاردن, بوصفه من وجهة نظرهم جزءا لا يتجزأ من مخططاتهم المبيتة المتعلقة بالاردن , وبوصفه"الوطن البديل للفلسطينيين-الذين يرفضون بالاجماع هذا المخطط-", ولذلك حينما يعلنون انهم سيقيمون بؤرة استيطانية باسم "قلعة زئيف" نسبة إلى زئيف جابوتنسكي- الأب الروحي لليمين الإسرائيلي-, وذلك ردا على موقف الأردن الرافض لهدم جسر المغاربة, وحينما يعلن أحدهم: "نريد ان نوضح من هم اصحاب البلاد, ومن يتخذ القرارات المتعلقة بها, ونثبت للأردنيين من هم أصحاب البلاد , فهم لا يقومون بهذا العمل الذي ينتهكون فيه كل الاتفاقيات والمواثيق الثنائية بين البلدين فقط, وانما ينفذون اعتداء على السيادة الاردنية, وذلك تحت غطاء وحماية الجيش الاسرائيلي. والملاحظ ان هذه المجموعة من المستوطنين الارهابيين تحظى بغطاء ودعم لوبيات قوية في الخريطة السياسية الاسرائيلية, وعلى مستوى الكنيست والحكومة الاسرائيلية كذلك, بل انهم يعقدون المؤتمرات والمقابلات الصحافية لشرح خرائطهم وادبياتهم حول" الأردن دولة الفلسطينيين" , معبرين بذلك عن نواياهم واجنداتهم الخفية المتعلقة بالاردن, وببالغ الخطورة في كل ذلك ان الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة لا تردعهم وتضع حدا لهم, وانما توفر الغطاء والدعم السياسي والايديولوجي لهم, فكلهم هناك على امتداد الخريطة السياسية والايديولوجية الاسرائيلية جابوتنسكيون, كما اعلن المستوطنون. فالاسرائيليون يلقنون اطفالهم ان الاردن هو دولة الفلسطينيين"-وهذه حقيقة قديمة جديدة متجددة يؤكدها "سعد مرتضى" أول سفير مصري في تل أبيب, في كتاب أصدره بعنوان:"مهمتي في إسرائيل... مذكرات أول سفير مصري في تل أبيب" الصادر عن "دار الشروق" في القاهرة, ويقول "إن إسرائيل تستغل المخاوف الأمنية, فيبالغ حكامها وخاصة إذا كانوا من الصقور مثل الليكود, في تصوير الأخطار التي يتعرض لها شعب إسرائيل ويستخدمونها أحيانا لستر الأطماع التوسعية... ويعلمون الجيل الجديد في إسرائيل أن الضفة الغربية وقطاع غزة هما ضمن حدود إسرائيل التاريخية, أما دولة الفلسطينيين فهي الأردن بحسب ادعاءاتهم", فيضيف اول سفير مصري في "اسرائيل" بذلك شهادة بالغة الاهمية الى جملة الشهادات والوثائق المتراكمة التي تكشف الاجندة الصهيونية الحقيقية التي تقف وراء استراتيجية ضم الضفة الغربية الى السيادة الاسرائيلية باعتبارها "جزءا من ارض اسرائيل" من جهة, واستراتيجية "الغاء الشعب الفلسطيني واعتبار الاردن هو الوطن البديل له"...! وتفتح لنا هذه الشهادة المهمة هذا الملف المتفجر الخبيث لنعود ثانية وثالثة لنذكر باجندتهم وسياستهم ومواقفهم الحقيقية من هذه المسالة...!. وكذلك لنذكر بأدبياتهم المبيتة تجاه الاردن...! فهاهو أرييه إلداد, حامل لواء هذه الاجندة الخبيثة ضد الاردن كان أعد مذكرة "الكترونية" يسعى فيها الى جمع تواقيع شخصيات عالمية عليها, يطالب فيها القيادة الأردنية بإعلان الأردن دولة ديمقراطية, يتمتع فيها الفلسطينيون بحقهم في تقرير المصير, تجسيداً لحل دولتين لشعبين: واحدة غرب النهر: إسرائيل والثانية شرقي النهر للفلسطنيين? وكان الداد " اكد في يديعوت احرونوت العبرية "ان الاردن هو فلسطين الآن , حيث هناك ثلاثة من كل اربعة من السكان هم فلسطينيون ..وهناك يجب توطين الفلسطينيين ..وينبغي لنا ان نضيف الفهم بان ليس للفسطينيين اي حل آخر غربي النهر - اي الترحيل نحو الشرق -. وإلداد هنا لا يتفرد في تبني هذه الاجندة تجاه الاردن, فهناك كم هائل من الادبيات وعدد كبير من الآباء المؤسسين للدولة الصهيونية سبقوه في ذلك. فشارون - كان اوضح من عبر عن هذه الادبيات عندما صرح في اعقاب فوزه في الانتخابات /عام2001/مع الصحيفة الالمانية "فوكس " قائلا : " ايضا شرقي الاردن جزء من ارض اسرائيل " , ثم ليلحق به الجنرال باراك رئيس وزراء اسرائيل الاسبق ووزير الدفاع في حكومة نتنياهو قائلا :" من المفضل للمدى البعيد التوصل الى اتفاقية حول دولتين شرق الاردن اذ ان هذه الاتفاقية هي الضمان للاستقرار في المنطقة - عن الاذاعة الاسرائيلية " وبينما اعلن الوزير السابق في حكومة شارون "بني ايلون " زعيم كتلة "هئيحود هليؤومي-الاتحاد الوطني- " " انه لا يمكن اقامة دولتين غربي الاردن وان الدولة الفلسطينية يجب ان تكون شرقا وان الاردن هي فلسطين " توجه في ذلك الوقت الى واشنطن حيث عرض خطته المتطرفة التي تدعو الى "تهجير الفلسطينيين الى الاردن لاقامة دولتهم هناك" , ثم انبرى وزير الحرب الاسرائيلي الاسبق البروفسور "موشيه آرنس " ليدعو ايضا الى " تكريس فكرة: فلسطين هي الاردن". ويقول نتنياهو في كتابه "مكان تحت الشمس" أن اسرائيل نفذت سنة 1948 قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الصادر بعد تسعة عشر سنة في تشرين ثاني ,1967 وذلك بتخليها عن الضفة الشرقية لنهر الأردن..وأن هذه الضفة هي حصة الفلسطينيين من فلسطين, تنفيذا للقرار المذكور..?. وعلى نحو مكمل نستحضر هنا تلك التصريحات التي كان اطلقها قائد المنطقة الوسطى سابقا الجنرال "يائير نافيه" ضد الاردن , اذ في سياق لقاء مغلق لتقديم تقدير استراتيجي للاوضاع في الشرق الاوسط واحتمالات المستقبل, عقد حينئذ في ضوء فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية وتداعيات ذلك على المنطقة وموازين القوى بما في ذلك تداعيات الفوز على الاردن ايضا, كان الجنرال " نافيه" قد اطلق بدوره قذيفة رعب اخرى قائلا:"ان هناك نحو 80% من السكان في الاردن هم من اصل فلسطيني, وحيث ان فوز حماس والمحور القائم بينها وبين ايران يؤثران على العمق السكاني الاردني .يضاف الى كل ذلك تلك النوايا والمشاريع الصهيونية النائمة تجاه المنطقة العربية برمتها, ما يؤكد اننا ما زلنا امام مشروع صهيوني استعماري استيطاني اقتلاعي احلالي كبير ومرعب يستهدف فلسطين والاردن معا, وليصل الى حدود الفرات, بل ان هذا المشروع لن يتوقف ابدا وربما يشهد مسقبلا المزيد من التصعيد والترجمات الاحتلالية على الارض هناك الرامية الى محاصرة وخنق الشعب الفلسطيني لاجبار اكبر عدد منه على الرحيل باتجاه الشرق ..باتجاه "الوطن البديل" لتكريس ادبياتهم ومخططاتهم المشار اليها , اذا ما بقي العرب نياما. ولتتكشف لنا النوايا والاهداف الصهيونية /الاسرائيلية على حقيقتها, كما اشار اليها وان بشكل غير مباشر الجنرال نافيه, ثم لحقه اولمرت عندما كان رئيسا للوزراء.يستدعي هذا الانتهاك-الاجتياح- الذي قام به المستوطنون اليهود ضد الحدود الاردنية, يقظة حقيقية وجادة واستعدادا حقيقيا وجادا لمواجهة مشروعهم الاستعماري التهويدي في فلسطين والاردن والمنطقة. كما تستدعي ادبياتهم ومؤتمراتهم وتصريحاتهم ونواياهم الخفية الرامية الى اثارة الفزع والفتنة الاقليمية بين الفلسطينيين والاردنيين المتابعة والعناية دائما على مستوى الدائرتين الفلسطينية والاردنية على نحو خاص وكذلك على مستوى الدائرة العربية...?!