انتهى لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل في القاهرة على الاتفاق على "شراكة فلسطينية جديدة". هذا ما خرج إلى الإعلام في ختام الاجتماع الثاني بين الرجلين منذ توقيع اتفاق المصالحة في مايو/ أيار الماضي. غير أن الكلام قد لا يتماشى مع الواقع الفعلي على الأرض، لا سيما أن الفلسطينيين سئموا التصريحات واللقاءات البروتوكولية التي لم يحظ الشعب بأي نصيب منها، بل كان يدفع ثمن تداعياتها وانعكاساتها. قد لا يختلف اللقاء الأخير بين أبو مازن وأبو الوليد عن غيره من الاجتماعات، لا سيما أن لا شيء حاسماً خرج من بعده، بل مجرد تكرار لما قيل في مايو/ أيار الماضي. عزام الأحمد أعلن في المؤتمر الصحافي المشترك بعد اللقاء الاتفاق على المصالحات المجتمعية والأجهزة الأمنية ورئيس الحكومة، الذي يحتاج إلى مزيد من المشاورات. هذا الكلام نفسه سمعه الفلسطينيون قبل ذلك حين احتضنت القاهرة توقيع عباس ومشعل على اتفاق المصالحة، الذي لم يصمد على الأرض وبقيت الأمور على ما هي عليه، خصوصاً في ظل الخلاف على رئيس الحكومة والأجهزة الأمنية. الأمر لا يبدو أنه تغيّر، فأي تفصيل لم يعلن عنه بعد الاجتماع، بل بقي الكلام في العموميات، وعند التطرق إلى اسم رئيس الحكومة، الذي كان العقدة المعلنة في منع تطبيق الاتفاق في السابق، أعلن عزام الأحمد أن الأمور بحاجة إلى مشاورات إضافية. مثل هذا التصريح يؤكّد أن العقدة لا تزال قائمة، وكل الكلام الذي قيل سابقاً عن تذليل هذه العقبة لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة، بل يبدو أن الأمر لا يزال محل أخذ ورد في ظل الفيتو المطروح من قبل "حماس" على سلام فياض، الذي لا يزال الرئيس الفلسطيني متمسكاً به، بحسب ما تسرب قبل الاجتماع، خصوصاً في ظل الحصار المالي الذي تعيشه السلطة، والذي من الممكن أن يتضاعف في حل تولي حكومة لا تعترف بشروط الرباعية الدولية. في هذا الإطار يأتي اللقاء وكأنه تأكيد على الرغبة في المصالحة، التي لا تزال تبدو مستعصية. والاجتماع يصب في خانة تنظيم الانقسام، أكثر ما هو إنهاء هذا الانقسام، لا سيما أن المسائل تبدو أعقد من مجرد رغبة هذا الطرف أو ذاك، في ظل الامتدادات الدولية والإقليمية لأي اتفاق مرتقب بين الطرفين اللذين يسيران في خطين متعاكسين. تنظيم الانقسام لا يمنع أن تشهد الأراضي الفلسطينية انفراجات على المستوى الشعبي، فإذا كان إنهاء الانقسام سياسياً لا يزال صعباً لاعتبارات عدة، فعلى الأقل لا بد من إنهائه على مستوى القواعد الشعبية، التي قد تكون خطوة جدية للمصالحة.