القدس، زهرة المدائن تواجه عملية تهويد منظمة و مبرمجة يُنفق عليها ما يوازي ميزانية دول مجتمعة، و عملية التهويد لا تقتصر على الاجراءات السياسية بإعلان القدس عاصمة موحدة و أبدية لإسرائيل فقط و التدخل و التضييق على الأوقاف الإسلامية في القدس. في آخر تقديرات لمؤسسة القدس الدولية تبين أن حكومة المحتل تنفق ما مجموعه مليار و 19 مليون على القدس، و أقل جمعية صهيونية تنفق ما يعادل 15 مليون لتهويد حي سلوان، و هذه المبالغ تتوزع على قطاعات مختلفة لصبغ المدينة المقدسة بالطابع اليهودي، ففي مجال الأبنية أقامت "إسرائيل" كنيس الخراب بتكلفة بلغت 15 مليون دولار لتضمن وجود معلم يهودي في صور القدس بجانب المعلمين الإسلامي و المسيحي، و أقامت كنيس قدس الأقداس بتكلفة 7 مليون دولار، و كذلك كلف كنيس خيمة إسحاق، أما في قطاع الفنون و الثقافة و التأريخ فقد أقامت المتاحف في كل مناطق القدس تقريبا و من هذه المتاحف متحف ايش هتوراة مقابل حائط البراق بتكلفة قدرها 20 مليون دولار دفع 7 منها الممثل الأمريكي مايكل دوغلاس. أما متحف إسرائيل في قرية المالحة فقد تمت توسعته بمبلغ 100 مليون دولار، و متحف قافلة الأجيال الذي افتتح عام 2006 و كلف اكثر من 15 مليون، و متحف التسامح الذي تم المصادقة على مخططاته ليبنى فوق أرض مقبرة مأمن الله الاسلامية التي تم مصادرتها و تجريف مقابرها، و نعم التسامح هذا!، بمساحة 45 دونم و تكلفة تقدر ب 250 مليون، و متحف اسرائيل المصغرة في حي اللطرون الذي كلف 80 مليون دولار، و هذا الحرص المسعور على اصطناع التاريخ، بالرغم أن عالم الآثار في جامعة تل أبيب، اسرائيل فلنكشتاين، المعروف بأبي الآثار صرح أن لا صلة لليهود بالقدس و أن كل حملات التنقيب المستمرة لم تستطع إيجاد أثر يربط اليهود بالقدس كما تزعم القصص التوراتية، يهدف الى التأثير في الأجيال الناشئة بالإضافة الى ترسيخ الوجود اليهودي في المدينة و بالذات في أذهان السياح الأجانب حيث وضعت السلطات كذلك اسما عبريا لكل الشوارع بدل العربيه. والصورة المقابلة للإنفاق العربي الشعبي و الرسمي في منتهى البؤس حيث لا تزيد المساهمات العربية الداعمة للقدس عن 40 مليون دولار في العام بحسب تقديرات مؤسسة القدس .أما الأنفاق فالمسجد الأقصى شبه مفرغ من تحته، تمسكه رحمة الله، فتحت المسجد مدينة كاملة و 38 نفقا، 13 منها مكتمل و مفتوح للزوار، و 15 فيه حفريات نشطة و قيد التتفيذ، كما سمح الحاخامات لليهود بدخول المسجد الأقصى و بأداء الصلاة فيه و أصدروا فتاوى جديدة بهذا الخصوص، و كانوا يمنعونهم قبل ذلك، و الآن يطالبون بتقديم القرابين، و حددت سلطات الاحتلال أوقاتا لصلاة المسلمين و أخرى لليهود و بهذا منع المسلمون من الصلاة متى يريدون، و قلل هذا أعداد المعتكفين في رمضان، كما وفرت الشرطة حماية للاقتحامات ولا يمكن للمسلمين الوقوف في وجههم و أي معترض يعاقب بالإبعاد 6 أشهر و يمنع من دخول المسجد، و ضيقت على مشروع مصاطب العلم و على تواجد و رباط فلسطيني 48 في المسجد . و التهويد لا يقتصر على الأرض و المباني و الحجارة بل يمتد الى محاولة تهويد الإنسان حيث يدرس 60% من الطلاب المقدسيين في مدارس تابعة للاحتلال حيث تعتمد المدارس بنسبة 40% من ميزانيتها على سلطة الاحتلال لعدم وجود مصادر دعم أخرى و بالمقابل يدعم الاحتلال كل طالب بمبلغ 700 شيكل مقابل تدريس المنهج المجاز من وزارة المعارف الاسرئيلية و الذي أزيل منه كل ما تقول "إسرائيل" أنه يشجع العداء ضدها! محلق هو التشدق العربي الرسمي في التمسك بالقدس على شاشات التلفزة و بائس هو الحال وراء الكواليس من كثرة التفريط . ولكن يبقى الأمل بعد الله بشعوب الربيع العربي التي تسارع بعد الانتهاء من مصائبها الداخلية بالإعلان أن القدس هي الموعد القادم و حلم المستقبل، و للآن جمعت القدس في رصيد قوتها ثلاثة شعوب و البقية آتية بإذن الله و لعلهم لا يتأخرون حتى تبقى القدس ربيعنا الدائم حتى و إن حل الخريف.