كان دخول الملك عبد العزيز الرياض قبل أكثر من مائة عام حدث القرن العشرين ، وحديث المؤرخين ، وذلك لما أثمر عنه من إنجاز تاريخي كبير ، وهو توحيد أجزاء المملكة وتأسيس المملكة العربية السعودية ، ثم ما تلاها من مرحلة انجاز وبناء ومسيرة تنموية ، تعاقب عليها أبناء الملك المؤسس حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله . لقد سعى الملك المؤسس بكل جهد لبناء دولة هدفها تنمية الإنسان والاستثمار فيه وذلك بدعوته للاستقرار أولاً ثم بتعليمه ثانياً ، ثم بدعوته للمشاركة في صنع تنمية هذا الوطن الغالي ، المملكة العربية السعودية هذا الوطن الأشم ، إطلالة حضارية مبدعة ، وانطلاقة تنموية خلاقة ، وسجل متصل من العهود الزاخرة التي أفرزت بناء أمة ونهضة شعب ، وقيام حضارة. لا شك أن المنجزات التاريخية والحضارية المتتابعة التي تحققت، ستظل ماثلة أمام العيان وتاريخ تقرأه الأجيال المتعاقبة الذين يدركون قيمة هذه المنجزات ، ومعنى حدث التوحيد والتأسيس بوصف هذه الأجيال عايشت الأحداث والمنجزات ، ووقفت على مشاهدها لحظة بلحظه . إن عظمة الشعوب تقاس بمدى ما حققته من إنجازات ملموسة على أرض الواقع والمملكة العربية السعودية ولله الحمد حققت العديد من المنجزات الحضارية والتنموية الكبرى. والحرس الوطني المؤسسة العسكرية إحدى الصفحات المضيئة لمنجزات هذا الوطن و نهضته وتطوره كتبها عبد الله بن عبد العزيز عندما تولى عام 1382 ه رئاسة الحرس الوطني وأستقطب العديد من الرجال ذوي الخبرة والدراية لوضع استراتيجية لتحديث الحرس الوطني وتطويره ، حتى سار بخطى حثيثة و ثابتة نحو مدارج الرقي والازدهار، وفق سياسة اختصرها حفظة الله بقوله ( نحن هنا في المملكة العربية السعودية نشعر شعوراً كاملاً بأمن هذا البلد واستقراره ووحدته ، وهذا الشعور هو الذي يملي علينا دائماً أن نكون مخلصين له ، وما الحرس الوطني إلا هذا الشعب، فهو الذي أقام بعرقه وجهده مع الملك عبد العزيز رحمه الله هذا الكيان الذي نقيم في ظلّه ونسعى إلى صونه بكل ما نملك ) . بُنيت اللبنات الأساسية للحرس الوطني واعيدت هيكلته وفق أحدث التنظيمات العسكرية، ووضعت الخطط لتأهيل القوى البشرية للقيام بالمهمة ،حتى ترسّخت دعائمه، وعلت أركانه، مما مكنه من أداء واجبه، و القيام بمهامه العظيمة المتمثلة في الدفاع عن الوطن و الحفاظ على أمنه استقراره و مكتسباته الحضارية و التنموية، فحققت هذه المؤسسة أهدافها، و كانت دائماً الحصن المنيع و الدرع الواقي للوطن و المواطن. وفي عام 1431 ه صدر الأمر الملكي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز رئيساً للحرس الوطني بعد أن تولى سموه العديد من المناصب خلال خدمته العسكرية ليتولى الإشراف المباشر على عملية التطوير والتحديث للحرس الوطني وليواصل تحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين في أن يظل الحرس الوطني مؤسسة عسكرية وحضارية شامخة تسهم بكل نجاح في تعزيز مسيرة البناء والتنمية في وطننا الغالي .و امتداداً لعملية التطوير و التحديث في الحرس الوطني تم هذا العام تشكيل لواء الخليفة عمر بن عبدا لعزيز في القصيم حيث تم تجهيز معسكرات قيادة اللواء وكتائبة وكامل المرافق اللازمة لوحدات اللواء وإعداد الخطط التدريبية اللازمة لرفع قدرات وحدات اللواء القتالية لتسهم في تعزيز الأمن والاستقرار التي يشهد وطننا الغالي. ولأن مهمة الحرس الوطني الرئيسة هي الحفاظ على الأمن الداخلي والدفاع عن الوطن مشاركاً مع بقية القوات العسكرية في هذا الوطن فإن ذلك يتطلب درجةً عالية من الاستعدادات، والقدرة على العمل بروح الفريق الواحد على مختلف المستويات لذلك ركز الحرس الوطني على التدريب الجماعي بدءاً بالمهارات الفردية للفرد ضمن الفريق وانتهاء بالتمارين الميدانية وتمارين القيادة والسيطرة على مستوى الحرس الوطني نفذ الحرس الوطني ضمن خطط التدريب لهذا العام تمرين مركز القيادات (ولاء وفدا 2 ) ومن خلال هذه التمارين يتم اختبار أنظمة الاتصال وإجراءات القيادة والسيطرة. كما حقق الحرس الوطني هذا العام العديد من المنجزات في مجال التدريب تمثلت بتخريج الكتيبة الثالثة و الأربعون من لواء الأمير تركي بن عبدالعزيز الأول الآلي و إكمال البرنامج التدريبي وانضمامها إلى الوحدات المطورة في اللواء ، كما واصلت وحدات الحرس الوطني هذا العام عقد و تخريج العديد من الدورات في مدارس الحرس الوطني العسكرية ومدرسة سلاح الإشارة و مراكز التدريب لتقف هذه السواعد كقوة ضاربة تذود عن أمن الوطن واستقراره . وتواصل كلية الملك خالد العسكرية القيام بدورها في إمداد وحدات الحرس الوطني بالضباط المؤهلين من خريجي الثانوية العامة والجامعيين حيث احتفلت الكلية هذا العام بتخريج الدفعة الثانية و العشرين من الطلبة الجامعيين و عددهم 42 طالباً جامعياً من مختلف التخصصات ، والدفعة السابعة و العشرين من طلبة الكلية وعددهم 383 طالباً لينضموا في مسيرة البناء ويسهموا مع زملائهم في نماء الحرس الوطني وازدهاره. ولما للجانب الديني من أثر فاعل في استقرار حياة الفرد المسلم ، وتقوية صلته بربه ، ولما يغرسه في الفرد من حب لولاة أمره وفداء لدينه ووطنه ، فقد أولى الحرس الوطني جل اهتمامه بهذا الجانب وفي هذا الإطار تم هذا العام وبرعاية من صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبدالعزيز إقامة مسابقة الحرس الوطني لحفظ القران الكريم بدورتها الثامنة و التي تكفل بجوائزها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله - إلى جانب تنفيذ وإقامة العديد من الأنشطة التوعية و الإرشادية المختلفة . وشهد هذا العام العديد من المنجزات والمشروعات في مجال الخدمات الطبية ، وتأتي مشروعات تطوير المدن الطبية بالحرس الوطني كأحد ابرز المنجزات العملاقة ، وشهد هذا العام تدشين المشاريع الحيوية ومنها دار الضيافة التي أنشئت على نفقة خادم الحرمين الشريفين ومركز سليمان بن عبدالعزيز الراجحي لجراحة الإصابات وتوسعه مركز الملك عبدالعزيز لأمراض وجراحة القلب وكلية الصحة العامة والمعلومات الصحية وكلية الطب وكلية التمريض للبنات وبنك الدم ، بنك الدم الحبل السري ، وبنك الحمض النووي ، والسجل الوطني لتطابق الأنسجة. وشهدت إنجازات الحرس الوطني في هذا العام قطف المزيد من ثمار جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية بالحرس الوطني هذا الانجاز لهذه الجامعة الفتية في عمرها، والكبيرة برسالتها ورؤيتها المستقبلية تمثل بتخريج الدفعة السابعة من طلاب و طالبات الجامعة ، حيث تم هذا العام تخريج 230 خريجاً في مختلف التخصصات الطبية ليسهموا في مسيرة الخدمات الطبية المميزة التي يفخر الحرس الوطني في تقديمها لكافة المواطنين. ونتيجة لإيمان القيادة بأن الإنسان هو أغلى وأثمن ثروة في بلادنا وهو الذي تقام من أجله المشروعات العملاقة يواصل الحرس الوطني دعم وزيادة مشروعات الإسكان لمنسوبيه ، حيث يتم التوسع في بناء المدن السكنية العملاقة في مناطق المملكة المختلفة. وفي هذا الإطار نفّذ الحرس الوطني ست مدن سكنية ، في كل من: الرياض، وجدة والأحساء والدمام والطائف، وقد تم تزويد المدن السكنية بعشرات المباني المكمّلة من مساجد، ومدارس ومستوصفات، وملاعب، وميادين للخدمات، وأسواق مركزية، ومراكز رياض للأطفال، ومكتبات عامة، وأندية ترفيهية، واجتماعية، ومحطات إطفاء، ودورات مياه عامة ، ومبان للضيافة، ومحطات خدمة للسيارات ، ولسد احتياجات منسوبي الحرس الوطني مستقبلاً في مجال الإسكان فقد صدرت الموافقة السامية بإنشاء ( 17000 ) وحدة سكنية لمنسوبي الحرس الوطني لتسهم هذه المشروعات في استقرار ورفاهية منسوبي الحرس الوطني . واستمراراً للدور الحضاري الذي يقوم به الحرس الوطني في العديد من المجالات الاجتماعية والثقافية فقد واصل رعايته للعديد من الأنشطة الثقافية ، وكعادته كل عام نظم الحرس الوطني وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الدورة السادسة و العشرين للمهرجان الوطني للتراث والثقافة بعد أن قطع المهرجان مسيرة ربع قرن من النجاح والإبداع ليبرز جوانب النهضة الحضارية والتنموية التي تعيشها بلادنا في عصرها الزاهر ، ويبرز تراث هذه الأمة وثقافتها. وللحرس الوطني مساهمة متميّزة مع بقية قطاعات الدولة في خدمة ضيوف الرحمن والسهر على أمنهم، ويتشرّف منسوبو الحرس الوطني سنوياً بالمساهمة في خدمة ضيوف الرحمن ، حيث يتم تجنيد كافة الإمكانيات الأمنية والإرشادية والصحية والإعلامية ويستنفر كافة طاقاته لخدمتهم ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام . من هذا التلاحم بين الشعب والدولة والقيادة تنبثق رسالة الحرس الوطني ومهامه ، ومن هذه العلاقة العريقة تُستمد تقاليده العسكرية المستقرة ، ويعزز تماسكه الداخلي ، وتتأكد له وحدة الرأي والعمل في كل أنساقه وعلى كل الأصعدة، إنه تلاحم عميق ينبع من ذُرى التاريخ ويصب في الحاضر الناهض المتقدم والمستقبل الزاهر المشرق .