أن تتحدث في كوريا الشمالية عن الخلافة أو الابن الثالث لزعيم البلاد فهذا ضرب من المحرمات.وهمس مصدر وهو يتلفت ليتأكد من أن أحدا لا يستمع للحديث «لا تذكر أبدا اسم كيم جونج أون... ستقع في مشكلة كبيرة جدا. هذا الأمر ليس مجالا للحديث.»وأسديت هذه النصيحة إلى مراسل من رويترز خلال زيارة تحت إشراف الدولة لأقصى شمال البلاد وهي أول زيارة من نوعها تعيها الذاكرة إلى هذا الجزء من كوريا الشمالية. والدخول في نقاش حول الخلافة في كوريا الشمالية يرقى إلى القبول بفكرة فناء الزعيم الحالي كيم جونج ايل الذي تحيط به هالة من القدسية من جانب افراد شعبه مثلما كان الحال مع والده. ولا يعرف الكثير عن كيم جونج أون وكل ما هو متاح عنه أنه في أواخر العشرينيات من العمر وتلقى تعليمه في سويسرا. وفي العام الماضي اكتسب النجل الاصعر للزعيم الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد صبغة وريث الحكم على نحو فاعل عندما حصل على مناصب رفيعة في الجيش والحزب الحاكم. ورسخت الدولة فكرة عبودية زعمائها على مدى الأعوام الستين الماضية. ويقول خبراء إن مثل هذا الأمر لا يمكن أن يحدث إلا في الدول المنعزلة تماما مثل كوريا الشمالية. وبعد وفاته عام 1994 أعلن كيم ايل سونج رئيسا أبديا ولا يجرؤ حتى ابنه الزعيم الحالي على أن يمنح نفسه هذا اللقب. وبدلا من ذلك انشأ كيم جونج ايل ما يسمى «ابراج الحياة الأبدية» المخصصة لتماثيله الالهية في كل المدن والبلدات والقرى. ويعتقد أن هناك أكثر من ثلاثة آلف من هذه النصب حول البلاد. ولا تتوقف آلة الدعاية على الاطلاق في كوريا الشمالية لتخليد القيادة التي شهدت أول عملية توريث في النظم الشيوعية بالإضافة إلى إذاعة مناقب سياسة «سونكون» أو سياسة «الجيش أولا» الدفاعية. وتعرض صورة ضخمة لكيم ايل سونج المعروف باسم الزعيم العظيم في الساحة الرئيسية لكل بلدة وقرية. وفي راجين المدينة الرئيسية في منطقة راسون الاقتصادية الخاصة كانت الصورة عملا فنيا مزخرفا من قطع الفسيفساء. وتوجد هناك امرأة تبيع الزهور الصناعية ليقدمها الناس تعبيرا للتبجيل ليضعوها اسفل الصورة. ويطلب من الزائرين اثناء التقاط الصور ضمان أن تشتمل الصورة على لوحة الزعيم كلها لأن مسؤولي الرقابة عند الحدود سيأمرون بحذف الصورة إذا كانت لوحة الزعيم غير كاملة. وفي جميع الاحوال سيقوم افراد الجيش في نفس التوقيت بحذف جميع الصور المخزنة على الكاميرا.ولا تحذف الصور غير المكتملة للزعيم فحسب بل تحذف أيضا أي صور «حساسة». ولا يوجد تعريف دقيق لكلمة حساسة وهي كلمة فضفاضة وتعني الصور الحساسة اي تلك المتعلقة بالجيش أو أي صورة تظهر البلاد في شكل سيء أو تصورها على أنها فقيرة.ويمنح الكوريون الشماليون في سن السابعة عشرة شارة صغيرة حمراء للزعيم الراحل كيم ايل سونج ليضعوها عند قلوبهم. وهذه الشارات اما دائرية أو مستطيلة أو على شكل اعلام.وقال مرشد سياحي كوري شمالي عندما سئل عن هذه الشارات «تمنحنا اياها الدولة ولدي خمسة مختلفين ليتماشوا مع قمصاني.» وعندما سئل عما اذا كان بإمكان الأجانب شراء هذه الشارات أجاب بحدة وقال إنها ليست للبيع على الاطلاق وإنها رمز للكرامة الوطنية وليست سلعة تجارية. وأضاف أنه ليس من الضروري وضع هذه الشارات اثناء العمل في المصانع أو المزارع. والى جانب وجود صور كيم ايل سونج في كل ساحة رئيسية فإن صور الزعيم الراحل وابنه الزعيم الحالي وهما جنبا الى جنب توجد في الغرفة الرئيسية لكل مبنى سواء كان منزلا أو فندقا أو مبنى عاما ويكون الأب دائما في الجانب الأيسر.ويتم التعامل مع الصور على أنها ذات قدسية ويقال إنه يتم تلميعها يوميا بموجب أمر رسمي. وكان كيم ايل سونج يرتدي عادة سترة قاتمة ورابطة عنق بينما يفضل ابنه ارتداء زيا كاكي اللون على النمط الشيوعي. والجائزة الكبرى لكل فرد في كوريا الشمالية هي مشاركته في إحدى زيارات الزعيم التي تسمى زيارات «التوجيه الميداني». وعلى ظهر السفينة مانج يونج بونج الذي قامت بجولة هذا الاسبوع وعلى متنها ممثلون لصناعة النقل الصينية وصحفيون اجانب قبالة الساحل الشرقي لشبه الجزيرة الكورية وكانت هناك صورة لكيم ايل سونج وهو يزور السفينة في السبعينيات معلقة في غرفة الاجتماعات الرئيسية. وفي معرض فني في رانجين فإن أغلب الرسوم لعائلة كيم أو لجنود.وتظهر صورة أسرية كيم الكبير مع طفل صغير عمره نحو خمس سنوات يجلس إلى يساره وكان الطفل يرتدي زيا عسكريا.وعنما سئل عن اسم الطفل الصغير قال المرشد الكوري «انه ليس طفلا صغيرا.. انه الجنرال كيم جونج ايل.»وبدا عليه الضيق من هذا الاستخفاف الذي تصوره وأضاف «يجب أن تحترم ثقافتنا.. أنه الجنرال كيم جونج ايل.»