يضم هذا العدد 52 من سلسلة "أوراق إسرائيلية" ترجمة لفصل من تقرير بعنوان "حالة إسرائيل: المجتمع، الاقتصاد والسياسة 2009" صدر في العام الحالي- 2010- عن "مركز طاوب لدراسة السياسة الاجتماعية"، ويقدّم نظرة من الداخل إلى جهاز التعليم في إسرائيل، تنطلق أساسًا من عرض الواقع الراهن وما يمكن أن يحيل إليه من تطورات في المستقبل، وذلك في ضوء عمليتين مرّ هذا الجهاز بهما وكانت لهما، خلال العقد الأخير، انعكاسات مهمة جدًا وبعيدة المدى: الأولى تمثلت في التغيير الجوهري الذي طرأ على التركيبة الديمغرافية للجهاز، بينما تمثلت العملية الثانية في الزيادة غير الكافية في الميزانيات المخصصة للتعليم. ويؤكد الفصل أن التغيرات الديمغرافية التي طرأت على جهاز التعليم في إسرائيل تشي بالاقتراب سريعًا نحو عملية انتقال إلى وضع يصبح فيه طلاب جهاز التعليم الرسمي اليهودي (الحكومي) في غضون ثلاثة أعوام من الآن أقلية بالنسبة إلى مجموع الطلاب في إسرائيل، في حين أن الأكثرية ستكون مؤلفة من قطاعي الطلاب العرب والطلاب الحريديم. وبالتالي فإن ما سينتظر إسرائيل نتيجة ذلك، وفقًا لقراءة هذا الفصل، هو واقع جديد تتمثل سمته الأساس في أن إنجازات الطلاب العرب والحريديم في موضوعات التعليم الأساسية، كما تظهر بموجب طرق القياس المتبعة عالميًا، ستكون غير متماشية مع متطلبات السوق العالمية، فضلاً عن أنها ستشكل معيقًا أمام عملية اندماجهم في المجتمع الإسرائيلي ذاته. وهذا الاستنتاج تم التوصل إليه بواسطة الاستناد إلى حقيقة أن النمو المستمر لهذين القطاعين، خلال العقد الفائت، لم يكن مقترنًا بتغيير ملموس صوب الأفضل في إنجازات طلابهما في المواد الأساسية، الأمر الذي يلقي ظلالاً من الشك فيما يتعلق بقدرة جهاز التعليم في إسرائيل على رفع مستوى الإنجازات المتوسط لطلابه، وبقدرته على تأهيلهم وإعدادهم للانخراط الكامل والمفيد في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. ترجم الورقة سعيد عيّاش وقدّم لها محرّر السلسلة أنطوان شلحت. ونوّهت كلمات التقديم بأن التقرير الكامل ل "مركز طاوب"، الذي تم نقل الفصل المنشور في هذه الورقة منه، يؤكد أن التراجع النسبي في مستوى المعيشة في إسرائيل مقارنة بالدول الغربية المتصدرة، ومعدلات اللامساواة والفقر العالية، والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، هي كلها بمنزلة نتائج مباشرة لسلم الأولويات الحكومية وللسياسة الرسمية ووسائل تنفيذها. كما أنه يشير إلى أن أحد العوامل الرئيسة المسببة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة في إسرائيل يتمثل في جهاز التعليم، إذ إن العديد من الأبحاث يظهر مدى تأثير التحصيل العلمي على طائفة واسعة من الظواهر، بدءا من التأثير القوي لمستوى الفرد على الدخل وعلى فرص العمل، وانتهاء بتأثير المستوى العام على وتيرة النمو الاقتصادي.