مثل الموجة المكسيكسة في ملاعب كرة القدم تنتقل ظاهرة الفيديوهات على الشبكة العنكبوتية من بلد الى آخر.ويستمر تزايد الأفكار الخلاقة التي تقع في تناسب عكسي مع الأنظمة المنهارة. وبعد أن شاهدنا كيف ساعد استخدام المواقع الاجتماعية في الدعوة والتنسيق لهذه الثورات، نشاهد حاليا انتشارا لمواد فيديو بعضها لا هدف له غير إثارة التسلية والضحك. والبعض الآخر لإعطاء تعليمات أو تفسير الغرض من الثورة أو الحث على الاقتراع كما حدث خلال الاستفتاء السابق على الدستور في مصر. ويبدو مثل هذا الأمر طبيعيا في مصر بسكانها ال80 مليونا و بكونها أكثر البلدان العربية تقدما في إنتاج أفلام السينما وفي قنواتها الفضائية المتعددة. ولكن يبدو هذا الأمر غريبا على بلد مثل ليبيا بعدد سكانه البالغ 5 ملايين وبقناتها التلفزيونية "الجماهيرية".فأين كانت هذه الأفكار الخلاقة خلال حكم الأنظمة العربية؟ منذ أن فقد معمر القذافي السيطرة على البلاد الأسبوع الماضي، ظهر العديد من الفيديوهات على مواقع اجتماعية. فقد وصف القذافي المتظاهرين أكثر من مرة بأنهم "جرذان ومدمنون على الحبوب الهلوسة". ويبدو أن وصف الجرذان أثار الفضول لدى منتجي بعض الفيديوهات. ففي رسم الكتروني متحرك ظهر جرذ في قاع حفرة لها باب من حديد ويبدو الفضاء الخارجي للجرذ بعيدا وهو يشاهد مختلف الانفجارات والأحداث في العالم الخارجي منذ 1969 وهو العام الذي استولى فيه القذافي على السلطة وحتى 17 شباط (فبراير) من هذا العام الحالي – أي اليوم الذي انطلقت فيه الثورة الليبية. ويبدو أن الجرذ تمكن حينها من الخروج أخيرا من الحفرة وبجانبه العلم القديم - الجديد للثورة الليبية الشخص المسؤول عن نشر هذا الفيديو على الشبكة هو هيثم الغول ويعمل مديرا لشركة دعاية وإعلان ليبيه علق ل"أنباء موسكو" على هذا الفيديو قائلا: "نحن كنا دائما في الظلام. لم يعرف عنا العالم أي شيء. العالم يعرف القذافي فقط بينما كان الشعب الليبي مختبئا كالجرذان". تم إنتاج هذا الفيديو قبل سقوط القذافي وأرسل الى تونس لبثه وتوزيعه على وسائل الإعلام المختلفة في 19 آب (أغسطس) وهو الآن منشور على المواقع الاجتماعية مثل "فيسبوك" و"يوتيوب". وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت الثورات العربية تتعلم إحداها من الأخرى، ومدى استفادة الليبيين من الثورات السابقة في إنتاج وبث المواد الإعلامية، قال الغول: "في البداية كانت الثورات العربية هي الملهمة والمعلم، لكن مع مرور الوقت، وبعد دعم قرارات الأممالمتحدة لنا وما شاهدناه من عمليات قتل من قبل الحكومة أصبح الملهم الوحيد هو توقنا للحرية والتخلص من القذافي". ظهرت على الشبكة فيديوهات أخرى، سخر بعضها من خطابات القذافي، وأشهرها فيديو " زنقه زنقه ". وأحدث فيديو ظهر هو فيديو "او ماي غاد" – (يا الهي). وقد قام بإنتاجه صحفي إسرائيلي اسمه نوي الوشي بعد مقابلة تلفزيونيه لقناة سكاي نيوز مع شخص دخل الى غرفة القذافي بعد الثورة واستولى على طاقيته العسكرية فشلت محاولة "أنباء موسكو" الاتصال بالصحفي الإسرائيلي للاستفسار عما دفعه لصرف الوقت والجهد لإنتاج مثل هذه الفيديوهات عن الثورات العربية ووضعها على الشبكة. وعند توجيه السؤال إلى الليبي هيثم الغول قال: "كانت الفيديوهات تدعم معنويات الثوار وتستفز النظام وقد تحفز الآخرين على تقليده في الاستهزاء من النظام المسيطر". وأعرب عن اعتقاده بأن الذين ينتجون الفيديوهات "يؤمنون بالحرية لجميع الشعوب ويرون في القذافي وأمثاله رمزا للظلم". كانت نتائج الثورة الفرنسية خلال سنواتها الثلاث، ظهور الجمهوريات في أوروبا وانتشار الديمقراطية وابتعاد الدين عن السياسة وتطور الأفكار الحديثة. ونأمل في أن تكون نتائج الثورات في العالم العربي مشابهة وإن اختلفت الطرق.