لماذا دائماً فراق الموت يحزن أكثر من فراق الدنيا؟ .. لماذا دموع الموت تحرق وتعذب ودموع الدنيا نحاول نتناسى حزنها؟ وكلمة فلان فارق من الدنيا أشد من فلان فارق في الدنيا؟ لأن للفراق مراحل عديدة كاختلاف درجات عمق الجروح .. ومنها أن يغيب عن العين الحبيب وينحصر لقاؤهم بين الندم والعودة او بين الصدفة والحنين ! لربما الأقدار تجمعهم يوما بعد فراق سنين او تسمع الأذن خبرا عنه من بعيد . جميعنا مكتوب علينا الفراق .. فلماذا نفارق بعضنا قبل الأوان؟ ونستعجل عذاب قلوبنا وهي ما زالت في اولى نبضات ! العقل ملك الجسد الذي يأمر وينهى ! يضعف تحت رحمة القلوب ويترجى من ان لا يختل الى الجنون من كثرة تشنجات القلب .. الفراق بأنواعه قاس وإن كان اضعفها فراق المسافر العائد الى الديار بعد طول بعاد .. وآخر مراحل الفراق واشدها عذاباص عندما يختطف التراب الثائر الحبيب بعيداً ويشق ارضه ويبتلعه في جوفه ولم يبق منه شيء بعد صراع سوى بقايا هيكل انسان . وتبقى الروح تتسلل في احلامنا من دون جسد ملموس نشعر به .. وحينما نشتاق للحبيب الغائب نحدث الباطن بما في انفسنا ونبوح له والباطن يقرب ارواحنا في المنام ويجدد لقاءنا .. الدموع التي بكت ليست من أعيننا بل هي من قلوبنا التي آلمها الفراق .. وشفافية لون الدموع سببها صفاء المحبة ونقاؤها من شوائب الخبث والعداء . عندما نبكي نضغط بأيدينا بشدة على مكان الألم في قلوبنا ونصرخ بشدة من انقباضاته المتتالية فتصدر أصوات الآهات وكأنها تنادي حبيبها الغائب .. إذن ! قلوبنا تشكي لخلها الباطن .. قلوبنا تتكلم وصوتها تلك الآهات .. وقلوبنا تبكي ودموعها تلك الأنهار التي تزرف من أعيننا .. نوف جعفر دمنهوري - جدة nouf_ b2@ hotmail. com