اختتم المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي أعمال وفعاليات دورته الثانية التي استضافتها الرياض برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، وذلك خلال الفترة بين 19 – 22 إبريل بمشاركة أكثر من 372 جامعة، وحضور أكثر من 55 ضيفا من القيادات الأكاديمية ومدراء المؤسسات التعليمية والجامعية في مختلف أنحاء العالم، وقد حققت المناسبة التي افتتحها وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري نسبة إقبال جماهيري عالية تجاوزت بحسب العارضين عدد الزوار المسجل العام الماضي والذي وصل إلى قرابة 300 ألف زائر، الأمر الذي يعني تجديد النجاح التنظيمي الذي تحقق للمعرض في انطلاقته الأولى مع تأكيد مكانته التي صنعها خلال فترة وجيزة كواحد من أهم المناسبات التعليمية والأكاديمية في العالم. الأصداء التي وجدها المعرض والمؤتمر الدولي بدأت في التشكل منذ ساعاته الأولى، فقد لمس الزوار والمشاركون تغيرا نوعيا في تصميم مساحات المعرض وتوزيعها بشكل أتاح مجالا أوسع للتجول على الرغم من العدد الكبير للجامعات العالمية المشاركة والمتواكب مع زيادة أجنحة الكليات والجامعات المحلية، بالإضافة إلى تخصيص مساحات خاصة لكافة ملحقيات المملكة في الخارج وهي الفكرة التي تطبق للمرة الأولى ونالت إعجاب الكثير من الطلاب الزائرين من المنتسبين إلى برنامج الابتعاث، كما شهدت نسخة هذا العام إشادة كثير من المتحدثين في الندوات وورش العمل بالبرنامج العلمي معتبرين أنه خلق نقاشات مفيدة وأوجد كثيرا من الأفكار التي ينبغي استغلالها للنهوض بحركة التعليم العالي في مختلف الدول. وعلى أرض المعرض وممراته، يكون المشهد العام أكثر قدرة على وصف حجم المناسبة، هناك دائما حركة دؤوبة لم يكل عنفوانها حتى اللحظات الأخيرة من يوم الجمعة "اليوم الختامي"..استمرت أجنحة الكليات والجامعات السعودية في حشد كوادرها الشابة وأعضاء هيئات التدريس فيها لاستقبال الزوار الذين يتزايد عددهم مع مرور الوقت، فيما الجناح الرئيسي لوزارة التعليم العالي يضج بحركة لجان العمل والطلاب الذين يلتقون مباشرة بالملحقين الثقافيين للمملكة والمتواجدين أغلب الوقت في أجنحة الملحقيات، استمر جمهور المعرض في التنوع حتى لم يعد مقتصرا على الجامعيين وطلاب الدراسات العليا، بل أصبح من المعتاد رؤية مثقفين وكتاب صحف وشخصيات معروفة في مجالات التربية و الرياضة والإعلام والأدب والصحة، إضافة إلى طلاب المدارس والعائلات، وهو مايشير إلى دخول المعرض في نطاق مفهوم الفعالية الأكاديمية المتخصصة ذات الطابع الاجتماعي والثقافي، والتي تستجيب لشريحة واسعة من المواطنين والمقيمين -على اختلاف أعمارهم واهتماماتهم- الراغبين في رفع مستوى وعيهم بمجال الدراسات العليا والمضي قدما فيه. ففي حين يعبر عبدالله الخراشي عن رضاه عن مشاركة جناح جامعة الفيصل، ترى الدكتورة عبير الطلحة وهي عضوة هيئة تدريس جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن أن مشاركة الجامعة كانت فاعلة في هذا المعرض الذي وفر لها أسباب التميز، مؤكدة أن مشاركة العام المقبل ستكون نوعية مع اكتمال الكليات الجديدة التي تعزز من رسالة الجامعة كجامعة نسائية تنفذ توجه خادم الحرمين الشريفين بالاهتمام بالمرأة وتأهيلها علميا وعمليا، وتشير الطلحة إلى توقيع اتفاقيات تم مع شركة ارامكو ، كما تكشف عن استعداد الجامعة لتدشين اكبر مكتبة الكترونية في العالم وهي معلومة ستكون متوفرة بشكل أكثر وضوحا للجمهور في جناح الجامعة للعام المقبل. بدوره، يرى عبدالحق حايف المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أن الاهتمام الخاص الذي يحظى به المعرض كفل له النجاح والتميز من حيث الاهتمام بالمعرفة والعلم وعدد الحضور والاستقبال والتغطيات الصحفية مشيرا إلى أن الجناح قام بالتعريف بالمنظمة وانشطتها في مجالات التربية والثقافة والعلوم والمعلومات والاتصال عبر اكثر من 100 نسخة من منشورات المنظمة والمراكز الخارجية التابعة لها ومجموعة مطويات ذات الصلة بجانب اصدارات متعلقة بالتعليم العالي ويضيف "قمنا بتوزيع خطة تطوير التعليم في العالم العربي نترجم كتب في كل المجالات، وتم تقديم الشرح عن المنظمة ومجال اختصاصها وارتباطها بالشأن الأكاديمي والطابع الجامعي خصوصا في منشوراتها، فيما يعلق حازم النعمان من جناح الجامعة الأمريكية بالشارقة أن التنظيم كان ممتازا وقال أن المعرض كان مفيدا في استقطاب طلاب جدد والتفاعل المباشر مع الشباب الراغبين في الدراسة مناديا بتعزيز الاهتمام بالجامعات العربية خلال الدورات المقبلة، ومقترحا أن يكون المعرض على فترتين، وهو الاقتراح الذي تكرر كثيرا من المشاركين. وبالإضافة إلى مشهد الشلال الضوئي المائي في جناح جامعة الدمام، فإن أحد أبرز الملامح التي يمكن ملاحظتها في المعرض كانت العلاقة التي صنعها ليس فقط بين الجامعات المحلية والعالمية، بل بين الجامعات العالمية وبعضها البعض، البروفيسورة انا ترامنتانا من جامعة سابينزا روما الإيطالية قالت أن جناحها تواصل مع ما لايقل عن 10 جامعات اوروبية تم الاتفاق معها على برامج مشتركة للتعاون الأكاديمي والتبادل الطلابي، وهو مايؤكده كذلك السيد تيم بكت مدير عام القبول والتسجيل في جامعة استراليا الوطنية والذي وفر له المعرض فرصة اللقاء مع جامعات أمريكية وأوروبية ويابانية بالإضافة إلى الجامعات السعودية، وفيما تبدي البروفيسورة الإيطالية المتخصصة في الكيمياء الحيوية إعجابها بالشباب السعودي ومالمسته من اهتمامه وحرصه على مستقبله الدراسي "بحسب تعبيرها"..يعلق المسؤول الاسترالي قائلا " جميل ان نرى هذا التطور الحاصل بشكل سريع ومتصاعد في التعليم العالي في المملكة" ..في جانب آخر، يقول مارك تاسليمي المشرف على جناح كويست لانغويج الكندية " لقد كان معرضا رائعا ، أعتقد أننا تعرفنا على احتياجات الطلاب السعوديين وفهمنا ثقافتهم وعرفنا كيف نستقطبهم وسنعمل على وضع خطط ملائمة لهم في العام المقبل، المهم أن يعرف الجميع متطلبات بعض برامج الدراسات العليا" مع اقتراب نهاية المعرض، يصبح التحرك أكثر صعوبة مع ازدياد العدد من الذين يتحركون سريعا ويحاولون الخروج بأكبر حصيلة من المعلومات بينما يبدأ بعض مشرفي الأجنحة في الاستعداد للمغادرة من أجل لحاق برحلات طيران، في الوقت الذي يستمر فيه آخرون بالشرح المفصل دون كلل أو ملل لشباب وشابات يتحدثون الإنجليزية بطلاقة ويسألون أسئلة محددة، قريبا من كل هذا، تصف سهى الحربي وهي طالبة مبتعثة قدمت خصيصا من جدة أن المعرض كان مفيدا لها من حيث المعلومات عن الابتعاث وإجراءات التسجيل والإقامة وغيرها، مطالبة بزيادة أيام المعرض ليتمكن جمهور مناطق المملكة من حضوره..أما عبدالعزيز وهو أحد أبناء مؤسسة موهبة فيرى أن المعرض بحاجة إلى دعاية أكثر نظرا لما يحمله من قيمة علمية وجامعية، فيما يقول مروان وهو من كلية الفارابي أنه خرج بكمية غير قليلة من المعلومات التي ستساعده على دراسة خياراته المستقبلية، مقترحا في الوقت نفسه زيادة الوقت ليلا"يعلق بأن الرياض مدينة تعود أهلها على السهر".. وتقليصه صباحا، ويرجع ذلك إلى أن"الدوام" يمنع الكثيرين من الحضور صباحا، وللمصادفة فإن هذا هو العكس المطلق للاقتراح الذي قدمه مشارك ياباني طالب بأن تكون فترة العرض من الصباح إلى الخامسة عصرا! هناك أيضا ملاحظات تبدأ من طقس المركز، وتمر بجدوى وجود التخصصات غير المعتمدة ، ولا تنتهي بانتقاد الطلاب لعبارة "اذهب إلى موقعنا الالكتروني"..وعلى أية حال، وإذا ماسارت الأمور بذهنية المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي، فإن المقترحات المقدمة ستتحول غالبا إلى خطط عمل يتم تنفيذها اعتبارا من العام المقبل، رغم أنها لم تلغي الاتجاه العام الذي كان يجعل إجابات أغلب المشاركين تتفق على معنى الروعة أو الدهشة وتختلف فقط بين اختيارين، أغلب الزائرين الذي سألتهم عن رأيهم في المعرض، لم تخرج إجابات الوهلة الأولى لديهم عن " fantastic" أو "amazing"!