وسط دوي الضربات الصاروخية ومعارك الشوارع يحافظ العاملون الطبيون المتطوعون على استمرار العمل في المستشفى الرئيسي في اجدابيا حتى مع رحيل معظم سكان المدينة الواقعة في شرق ليبيا. واجدابيا هي المدخل المفضي إلى بنغازي الى الشرق ومن ثم فمستشفى المدينة هو أول محطة بالنسبة لكثير من الجرحى العائدين من خطوط جبهات القتال بين مقاتلي المعارضة والقوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي. واعتبر طبيبان في عداد المفقودين وتعرض المبنى للقصف مع امتداد القتال إلى داخل المدينة في الاسابيع الأخيرة. ويستطيع العاملون في المستشفى سماع دوي صواريخ جراد وهي تسقط على الضواحي الغربية للمدينة وهم يعملون. وقال ج.س. محمد رئيس قسم الجراحة بالمستشفى "من الصعب إجراء جراحات هنا. كيف يمكن اجراء جراحة في ظل القصف؟ نحن مدنيون ولسنا معتادين على الحرب. كل صوت يؤثر علينا خلال العمليات الجراحية." وقال الطبيب الذي يبلغ من العمر 52 عاما ويتحدث الكرواتية التي تعلمها خلال دراسته في يوغوسلافيا السابقة انه عاد للعمل في المستشفى منذ اكثر من عقدين. ومثله مثل كثير من العاملين هناك قال محمد انه لن يبرح المكان في اي وقت قريب. وقال انه واطباء اخرين ظلوا في المستشفى عندما دخلت قوات القذافي المدينة في مارس اذار وعالجوا الجرحى من الموالين والمعارضين على السواء. ولكن معظم الممرضات والموظفين الاداريين فروا بعد ان وردت انباء بأن قوات القذافي استهدفت المستشفيات في مصراتة وهو ما اضفى على المستشفى شعورا موحشا كأنه مكان مهجور. وحتى المرضى لا يبقون بالمستشفى لفترة طويلة حيث يتم ارسالهم إلى بنغازي بعد تلقي العلاج الاولي. ويأتي متطوعون من بنغازي ومدن اخرى لمساعدة الاطباء في اجدابيا وينامون في أكثر الاحيان في الغرف الخلفية بالمستشفى. وكثير منهم شبان لم ينتهوا حتى من دراستهم الطبية. ولكن مساعدتهم مطلوبة في أيام مثل امس السبت عندما وصل اكثر من 24 جريحا من مقاتلي المعارضة معظمهم اصيبوا بوابل من صواريخ جراد على الطريق إلى ميناء البريقة النفطي. وتفيد سجلات المستشفى بأن ثمانية على الاقل من مقاتلي المعارضة قتلوا في الهجوم. وقال محمد براسي وهو طالب يدرس الطب عمره 21 عاما "كانوا جميعا مصابين بحروق... لم ار مثل ذلك قط في حياتي." وانهار جزء من سقف المستشفى خلال احدى المعارك ولا تزال كتل من الخرسانة متناثرة في مسافة قريبة على الارض. وقال العاملون بالمستشفى انه ليس واضحا ما اذا كان المستشفى اصيب عمدا أو عن غير قصد. وتقف بقايا قذيفة قرب مدخل الاستقبال الذي اصبح شاغرا الان وقد ثبتت عليها ورقة كتب عليها بخط اليد انها سقطت على البوابة الغربية للمدينة. وتضيف أعلام ليبيا ابان فترة الملكية والتي تضم الالوان الحمراء والسوداء والخضراء وصور المفقودين بعض الالوان إلى جدران المستشفى العارية. وتتناثر صناديق من الورق المقوى مليئة بعقار الباراسيتامول والشاش وامدادات طبية اخرى في اروقة المستشفى التي اصبحت شبه خالية. وأدت الحرب إلى خسائر في صفوف العاملين بالمستشفى ايضا. وقال محمد ان طبيبا يدعى صالح عوامي كان قد انهى للتو دراسته الطبية لقي حتفه خلال القتال. واعتبر طبيبان اخران احدهما كان قد عاد من الولاياتالمتحدة لتقديم يد المساعدة في عداد المفقودين. وقال مايكل فوفك وهو جراح اوكراني يعمل في المستشفى منذ اكثر من ثمانية اعوام انه لا ينوي الرحيل عن المدينة رغم الاخطار. وقال "لست مجنونا فكلنا خائفين. ولكن لنا قلوبا وعلينا مسؤولية نحو الناس. نحن اطباء وعملنا هو المساعدة."