سعت المعارضة المسلحة الى صد زحف القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي في منطقة أجدابيا بشرق البلاد لاعاقة تقدمها نحو بنغازي معقل المعارضة. وسيطرت القوات الحكومية على أجدابيا الواقعة على بعد 150 كيلومترا الى الجنوب من بنغازي والمطلة على خليج سرت يوم الثلاثاء بعد أن تقهقر أغلب قوات المعارضة اثر وابل من المدفعية الثقيلة. وقال أحد الضباط المنشقين في قوات المعارضة يوم الاربعاء انهم فقدوا البلدة وان المقاتلين الذين ظلوا موجودين سلموا أسلحتهم. لكن البعض رفض فيما يبدو الاستسلام أو الفرار. وبحلول مساء يوم الاربعاء قال سكان ان المعارضة المسلحة سيطرت على وسط البلدة في حين أن القوات الموالية للقذافي ظلت أغلبها على مشارفها الشرقية. وقال جبريل الهويدي وهو طبيب في مستشفى الجلاء ببنغازي ان سائقي سيارات الاسعاف القادمين من أجدابيا قالوا له ان بامكانهم الدخول الى البلدة والخروج منها دون مشاكل كبيرة. ومضى يقول "الجزء الشرقي فقط من أجدابيا هو الذي يسيطر عليه رجال القذافي." وأضاف "هناك حفنة من الدبابات تطلق النار بشكل متقطع على المدينة. لكن وسط مدينة أجدابيا وغيرها من نقاط الدخول هادئة ولا يجوب أي من رجال قوة القذافي المنطقة." وقالت فايزة علي وهي من سكان بنغازي انها تحدثت الى أقارب لها في أجدابيا مساء يوم الاربعاء وتابعت "قالوا انهم بخير." وأضافت أن المعارضة المسلحة نصبت كمينا لقوات القذافي خارج المدينة وما زالت تحاربها. وفي وقت سابق يوم الاربعاء قال جنود حكوميون منهكون عائدون من خطوط الجبهة للصحفيين انهم يجدون مقاومة متجددة من مواقع المعارضة المسلحة قرب المدينة. وقال مصطفى غرياني وهو متحدث باسم المعارضة المسلحة في بنغازي لرويترز في مكالمة هاتفية انهم يسيطرون على أجدابيا. وأردف قائلا ان القتال ضار وان خطوط امدادات القذافي أصبحت تعاني ضغطا شديدا لذلك لا يمكنه مواصلة الزحف انطلاقا من أجدابيا. ووصف لاجئون من أجدابيا القتال لمراسل من رويترز عندما وصلوا الى بلدة السلوم على الحدود المصرية. وقال عصام عبد الستار (34 عاما) "غادرت أجدابيا الليلة الماضية بعد أن رأيت طائرات تقصف المدينة. أصبت بالذعر." وسيؤدي القتال في المنطقة المحيطة بأجدابيا الى بطء تقدم قوات القذافي اذا رغبت في تأمين الخطوط الخلفية وخطوط الامداد. وكان سيف الاسلام ابن القذافي قد تفاخر في وقت سابق بأن قواته على وشك أن توجه ضربة قاسمة لبنغازي مقر المجلس الوطني الليبي الانتقالي المعارض لحكم والده المستمر منذ 41 عاما. وقال سيف الاسلام لقناة يورونيوز التلفزيونية ان العمليات العسكرية انتهت وان كل شيء سينتهي خلال 48 ساعة. وأعلن أن القوات الليبية أصبحت قريبة من بنغازي وأن أي قرار سيتخذ من جانب القوى الغربية سيكون متأخرا. وفي بنغازي كان المزاج السائد هو مزيج من التحدي والتوتر وتوقع بعض المواطنين حمامات دم في حين شعر اخرون بالثقة في أن قوات المعارضة ستنتصر في النهاية. وقالت منظمة أطباء بلا حدود ان العنف أجبرها على سحب عامليها من بنغازي. وقالت المنظمة في بيان "الظروف الامنية جعلت من الصعب فعليا على الفرق الطبية الانتقال بأمان الى مناطق القتال حيث الاحتياج الشديد لوجودها." وتعرضت قوات المعارضة التي تتألف بصورة كبيرة من متطوعين صغار السن لم يتلقوا تدريبا كافيا ومنشقين من الجيش الحكومي لهجمات بالمدفعية والدبابات وطائرات قوات القذافي وتعتمد الان فيما يبدو على أساليب حرب العصابات القائمة على الكر والفر لمواصلة القتال. ومن شأن السيطرة على أجدابيا اعطاء قوات القذافي عدة خيارات في المنطقة الصحراوية التي خاض فيها الفيلد مارشال برنارد مونتوجومري من الجيش البريطاني معارك كبرى ضد الجنرال الالماني ارفين رومل في الحرب العالمية الثانية. فالى جانب توجه القوات الموالية للقذافي شمالا بامتداد الطريق السريع الساحلي المؤدي الى بنغازي فان بامكانها توجيه ضربات شرقا في الصحراء في الطريق المؤدي الى طبرق على بعد 400 كيلومتر لعزل معقل المعارضة. وعلى الطريق بين طبرق والسلوم يحرس مقاتلو المعارضة عددا من نقاط التفتيش. وما زالت الحدود تحت سيطرة المعارضة.