استضافت اثنينية الشيخ عبد المقصود خوجه يوم الاثنين الماضي 23 ربيع الآخر 1432ه الدكتورة مريم البغدادي حيث تم تكريمها كالعادة، وقبل ذلك القى صاحب الاثنينية كلمة عن الضيفة، كما ألقى عدد من الحضور مداخلات حول عمل ومكانة الضيفة، ثم تحدثت الدكتورة بغدادي، وبعد ذلك جرت فقرة الحوار والأسئلة.. وهنا ملخص لما دار في الأمسية. عبد المقصود خوجه بداية قال الشيخ عبد المقصود خوجه : ان ضيفتنا توزع حبها مدينتان ، كرمى المدائن، وعروس السواحل ، قطفت من الإبداعات أحلاها ومن درر الشعر أغلاها، لتجعل من ليلنا ارتحالاً إلى ما بعد الكلمات، إلى عوالم نسجتها ذات الأنثى الأولى، فبأي الشمائل نبدأ، و من أي الإبداعات ندلف. حين تقترن الموهبة بالدراسة الأكاديمية، والعاطفة المشبوبة، بالبحث الرصين يخرج إلى الملأ، وهج تفسح له الأضواء فضاءات جديدة، فيبدأ البوح ويصبح الإمساك بالتخييل نوعاً من لعبة يمارسها المبدع بكل حرية وشغف. رغم أن الشعر هو الغامض الأزلي حيث تغيب خبايا الروح، وتتلاقى الأضداد، إلا أن ضيفتنا العزيزة جعلته مبتداها ورئتها الوحيدة التي تنفست منها، مصرة على المضي قدماً إلى ما وراء معطاه الجمالي، متجاوزة ذلك لتربطه بالعديد من القضايا الاجتماعية، جاعلة منه مقدمة لكليات ومسائل كبيرة لا تشغل بال مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فمن الأمومة، إلى وأد الفتيات، وكثير غيرها ، أدرجتها جميعها كمضامين حيوية في شعرها. وفي سعيها إلى هذا لم تنس ضيفتنا أن الشعر أيضاً حب، وشغف تنداح منه شعاعات من الشفافية تجهر بأحلى ما في الفؤاد من همسات، تصل بها إلى ما وراء حدود المملكة، لتتواشج مع قيثارات التروبادوريين الذين غنوا وأغنوا التراث الشعبي في جنوبي فرنسا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر ميلاديين، و الذي نهض بتأثير من الموشحات الأندلسية، لتعلن لهم أن ثمة غيض من فضل لايزول منّ به الشعر العربي والإسلامي، على أمم عديدة. وللحب والمشاعر حكايات، وأحلى التجليات عند ضيفتنا الكريمة، فإلى جانب ديوانها " عواطف إنسانية " ها هي تكتب عن خير الشمائل، قصيدة " الشمائل المحمدية" ، وعن الأمومة " وصية إلى أملها عدنان"، وأشياء كثيرة غيرها، من دون أن يغمطها ذلك أن تحوز وبكل جدارة ، لقب شاعرة الظرف والطرفة ، فمن يقرأ قصائدها التي كتبتها في بعض المناسبات لسوف يجد أن الشعر عند ضيفتنا إلى جانب كونه وعاء حضاريا وفكريا ، هو أيضاً تعبير عفوي و تلقائي ، يمكن أن يوظف في العديد من الموضوعات ، ما دلل على أن الشاعرة ليست سوى نفس أنيسة، ودودة ، رضية ، غارقة في حب الآخرين . أمضت فارسة أمسيتنا عقوداً ثلاثة أو يزيد في جامعات الرياضوجدة ومكة المكرمة تعمل بذلاً وعطاءً، وتحفر حكايات ومآثر انضافت إلى جهود كبيرة سطرتها كوكبة من زميلاتها السابقات واللاحقات، ليعلين صوت الأنثى ويغنين سيرورة بناء أسس التعليم الجامعي في وطننا الحبيب ، عبر إبداعات شقت عنان السماء . فهي إلى جانب كونها أستاذة مجدة ، هي إدارية محنكة ، وتربوية فذة ، وزميلة وفية ، وأم رؤوم ليس لأبنائها فقط بل لطالباتها اللواتي ما إن يذكر اسمها إلا ومالت قلوبهن، وبدأن لها بالدعاء. لم يقتصر عطاء ضيفتنا على المجال الأكاديمي أوالشعري، بل تعداها إلى مجال البحوث والتأليف، فقد مكنتها دراساتها العليا، سواء في القاهرة أو باريس إلى الغوص عميقاً في دراسات الأدب الجاهلي هذا التخصص الهام جداً والذي يكاد أن يكون مغيباً عن ساحات الدرس، والذي طلعت منه بعدد كبير من الدراسات والأبحاث الأدبية التي استثمرتها في سبر مجتمع الجاهلية من كافة الجوانب، فمن كتاب " أعراف الزواج العربية قبل الإسلام من النصوص الأدبية" مروراً " بفلسفة البعث والخلود الموروث الحضاري في الشعر الجاهلي"، إلى آخر نتاجاتها " مقالات في الأدب العربي القديم"، دأبت ضيفتنا الكريمة على أن تولي تخصصها هذا كل رعاية وحرص بغية تقديم ما يجب أن يكون صورة موضوعية، إلى جانب كتب أخرى عنيت بالأسطورة والملحمة، والصورة الشعرية الفنية.هي ذي نتاجات ضيفتنا الكريمة، وتلكم هي إبداعاتها، ولكم أن تحكموا بعد قراءتها وسماعها، وقال خوجة : آملاً أن نلتقي على خير مايكون اللقاء مع الأستاذ الدكتور الإعلامي والروائي أحمد جعفر عبد الملك صاحب " إلى امرأة تحترق ببيروت"، القادم خصيصاً من قطر الشقيقة، حاملاً في جعبته تسعة عشر مؤلفاً، فمرحبا به وبكم رواداً للكلمة. رضا عبيد وأشاد معالي الدكتور رضا عبيد بالدكتورة مريم خلال عملها معه في جامعة الملك عبد العزيز ووصفها بأنها كانت جادة في عملها وحريصة على مستوى الطالبات ولم تدخر جهدا في سبيل الرقي بالعملية التعليمية . سلوى عرب كما استهلت الدكتورة سلوى عرب حديثها عن الضيفة المحتفى باستعراض علاقتهما الأخوية منذ الأيام التي أمضيتاها سوية في جامعة الملك عبد العزيز، حين واكبت الدكتورة مريم البغدادي مراحل تطور جامعة الملك عبد العزيز وشهدت ازدهارها، مؤكدة على الجهود الكبيرة والواضحة التي بذلتها فيها. كما أثنت الدكتورة سلوى على المشاعر الدافئة التي احتضنت بها الدكتورة مريم قسم اللغة العربية وطالباته، مشيدة بقلبها العامر ودفق مشاعرها، مشبهة إياها بالنحلة الدؤوب التي لا تني تزخر بالحنان تصبه دفقاً على من حولها، وتعمل بصمت من دون كلل أو ملل. صباح باعامر أما الدكتورة صباح باعامر فقد تحدثت عن الدكتورة مريم البغدادي بوصفها أستاذة نالت على يديها المعارف والعلوم، واصفة إياها بالمرأة صاحبة الشخصية المميزة مضفية عليها من الشمائل والخصائص الحميدة الشيء الكثير، مشبهة إياها تارة بالعطر وتارة بالصباح وتارة أخرى بفصول السنة، مؤكدة على أن الدكتورة مريم عززت عند الطالبات القوة والإصرار لشق طريقهن نحو مستقبل زاهر. مريم البغدادي وتحدث الضيفة عن سيرتها الذاتية ونشأتها في أسرة تعود بنسبها إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ارتحلت إلى بلاد الرافدين ثم بلاد الشام إلى أن استقر بها المقام في الأردن حين بدأت أولى خطواتها في العلم. وقالت بأن والدها كان هو أول أساتذتها الذي بدأ يسقيها المعارف مذ ذاك الوقت عندما كان يجبرها على تلخيص ما تقرأ أو تسمع من الإذاعة. كما كان من بين أستاذتها أيضاً الدكتورة بنت الشاطئ والأستاذ الدكتور أحمد كمال زكي، والفيلسوف الدكتور عبد الرحمن بدوي والدكتور حامد عبد القادر. كما تحدثت عن كتابها " مقالات في الأدب العربي القديم- دراسة مقارنة) الذي بنته على تبيان أثر الفكر الحضاري في تكوين الصورة الفنية ويضم مجموعة أبحاث منشورة في الحوليات داخل المملكة وخارجها، ويجمع بينها فاعلية الموروث عند العرب القدماء حيث يدور البحث الأول منه حول موضوع الغزل في الجزيرة ومهاجر العربي في بابل وفينيقية وكنعان ومصر القديمة ويرصد ملامح الفكر المشتركة للفكر الحضاري عند هؤلاء. ويدور بحث آخر من الكتاب حول حيوية الطبيعة وأبعاد الصورة الفنية والحركة والسكون. والحيوية هي المحور الذي يدور حوله الاعتقاد بقوى الطبيعة في العالم العربي القديم. وثمة بحث آخر يدور حول ظاهرة الضوء وكيف تناولها المبدع جمالياً من خلال تأمله لنبض الحياة المتمثل بالضوء والصوت. وأما البحث السابع فيدور حول القيم الإنسانية في الأمثال والحكم، ويؤكد الثامن على استمرارية تغلغل الموروث والفكر الحضاري في وعي ولا وعي المبدع. أما البحث الأخير فيدرس الدلالة بين الغزل والرثاء عند ابن سناء الملك.وقرأت الدكتورة مريم بعض القصائد. وهذه بعض الأبيات من قصيدة حسرة حمار شرقي: حمار الغرب يكرم لايضاهى حماري من التحسر قال:" آها" وصرح:" ليتني في الغرب أحيا لأكسب عند أهل الغرب جاها ومن قصيدة نبض النبض: ماذا أقول، وللحديث فنون منها مقفى محكم، موزون والبعض نثر، فيه سر ينثني حتى يعانق عمقه تضمين ومن قصيدة مفارقات : أنا في العمر ستيني وفي الإحساس عشريني فشيب الرأس يردعني ونبض القلب يغويني ومن قصيدة مصرع بغداد: أين الأحرار بأمتنا أين الأبطال بحطين أم حل الموت فأدركهم ؟ فخلت بغداد لنيرون ومن قصيدة نداء إلى رجل مغرور: يا أنت يا صنو القمر إني بقربك أحتضر أنت الذي كممتني منذ الطفولة للكبر الحوار والأسئلة: رداً على سؤال يقول ما هي نصيحتك للفتيات والشباب، وكيف يمكن أن نواجه حملة تتعرض لها اللغة العربية قالت الدكتورة مريم إنه لابد من احتواء الشباب، فهم فاقدون لكل شيء، لأن حيواتهم كلها عبارة عن أوامر.فعلينا أن نستوعبهم لأن ظروفهم التي يعيشون بها صعبة واستشهدت ببعض الأمثلة مع طالباتها. وبالنسبة للغة العربية قالت الدكتورة مريم ينبغي علينا أن نكرس الأمور الحياتية بغية تعليم أصول اللغة العربية السليمة وتحفيز النشء الجديد على القراءة، مقابل الهجمات التي تقوم بها الفضائيات والتلفزيونات.وهناك العديد من العاومل التي يمكن أن تسهم في ذلك مثل البيت والأسرة والمدرسة. ورداً على سؤال آخر إلى أن نحن أدباء وأديبات ماضون في هذه الحقبة التاريخية الصعبة والمتمتعون بحرية التعبير يغزونا من كل الاتجاهات، هل سنشهد فكراً نهضوياً جديداً؟ قالت إن الهجمات الفضائية والفيديو كليب لا طعم ولا نكهة لها. لكنها وضعت أملها في طالبات يدرسن في الخارج ، ومتمكنات في الفكر التراثي، واستشهدت بأطروحة إحدى طالباتها هناك، مؤكدة على أن الفتيات السعوديات سيمضين في الاتجاه السليم.