ما الذي تريدينه أيتها الثلاثينية؟ ما الذي بقي فيما بيننا من ذكرى جميلة,؟ ما الذي أودى بنا هنا وهناك، عند مفترق شارع الأصدقاء، والشائعات؟ ما الذي وطأ أرضنا بهذه الخف اللعين، بهذا الكره، أبقى لقهوتنا المرة ولا تبدلها بسكر زيادة,وأمشي بجانب الأسوار الساترة وبضع خطوات للحظ والتبَّصر لا تطفئ الشموع التي صنعت فينا الظلام,وألبستنا وجوها لا تليق لضمائرنا,خفايا ودم نيكوتين غير ألواننا والحب ما لا لنا طاقة حتى على ذكره. كنا هناك ذات صباح يثربي, نبتسم للمارة,ونضحك في وجوه الأطفال, ونواسي أمهاتنا على الفقيد الذي زاره عزرائيل يوما, ونصحب شخوصا تسعد بنا, لكننا لم نعلم بفراقنا,أو نكشف قلبنا الشيطاني في كرهه للآخر. ما الذي أدمناه حتى حسبناه يقيناً؟, وشككنا به حتى خلناه سواداً؟ سقطت"إشاعه" على رؤوسنا مرّ بالصدفة من ألسن مستعارة، حيرتنا من تكون؟, من نقاضي؟,من المستفيد؟ الحب لم تقتله "الإشاعة", قتله المكان والزمان والوجوه المستعارة, ألا تلاحظين نكبر هنا بسرعة غير مذهلة بدأ الصلع يلتهم قرعتي، وبدأ شعرك يتساقط خصلة تلو الأخرى, وليس هذا فحسب,إنما ثقلت الهمة، تزوج بعضنا، وتطَلق الآخرون، انفصل بعضنا، بعضنا غيّر عمله عدة مرات لا نلتقي إلا لماماً، وآخر عاطل ينتظر الفرج, وما أن نركن في زوايانا بعد تبادل الثقة نبحث عن مكان آمن بعيداً عن أعين الحاقدين، لكننا أصبحنا لا نقوى على التحرك من الفقر الذي يسايرنا كظل حتى في ولوج الليل,لم نفلح أيتها الثلاثينية بأن نكون أغنياء وما زالت أزمة الراتب عاجزة في سلم المرتبة.صرنا نهمل الصحة ولا نأكل جيداً، عظامنا جفت من الدهون من كثرة الركض، والكرش بدأت بالانكماش, شككنا في أنفسنا بأن مرض السكري استعمرنا من الداخل, سيدتي الثلاثينية، أدلي إليك بالاستغاثة التالي: منذ اقتلعت خيمة حبنا الأولى، مراميك ألمها هنا, فالمطر الذي هو دمعك على قلبي الجريح، نقش في صدري ضرورة الرئتين أولا, لا الأوكسجين.فقد كنت أتساءل بحذر "هل كنت أقتلك بحياتي الخانقة؟ أمضي ولا أعتذر، عطرك لا تشمه بعض أنفاسي الحانقة".منذ أن شاكست خصلات شعرك المراهق، وبعثرت ضفائرك التي هي عواء المحروم، أنسال جهدي الصباحي الطويل لمجابهة الغمزة الأولى، أدركت أن نبض حراكنا للشوق وحده, أمات اللعثمات الساذجة بيننا,أمات فينا في العصف بعد أن كنا ننتمي إلى قوم الهواء, حتى وهن عود الحلم ومات, ولم يبق في حوزتي معاني تبوح، فلك أضعته في عمرك الثلاثيني، فطاردني الفقر حد العجز، وصار القبر عنواناً منمقاً لقلب ينحشر في ذاكرة.