في غمرة مشاغله بإعادة هيكلته ورسم أجندته الثقافية وخطوطه المتوافقة مع الحراك الثقافي السعودي انبرى نادي المنطقة الشرقية الأدبي من كل هذا ليس هربا من الحقيقة والواقع أو تكرار ما كان في السابق بل ليستريح مع مثقفيه ومريديه من المهتمين بالشأن الأدبي في أولى أمسياته المنبرية والتي خصص جلها لتقديم عزاء حار تتفطر له الأفئدة بفقد نجمين بارزين هما عنوان للمشهد الثقافي سيد البيد محمد الثبيتي الذي أشغل بتضاريسه ألباب النقاد وجعلهم حيارى أمام سمة الإبداع وآخر هو من أرخ أدب الخليج وكتبه في وقت لم يكن أحد يعرف من هم أولئك الأدباء عبدالرحمن العبيد الوسطي في طرحه والأصيل في أدبه. رئيس مجلس ادارة النادي محمد بن عبدالله بودي ابتدر وقائع الأمسية الشعرية بحديث أناب فيه عن الأدباء والمثقفين بتقديم العزاء لذوي الفقيدين قائلا ما كنا ننتهي من فاجعة قبل أيام برحيل التضاريس حتى نفاجأ بقدر موت نجم آخر يدين له أدباء الخليج بالوفاء. ثم تناول في ثنايا كلمته أمام جمهور غصت به القاعة أبرز ملامح التحديات التي يعيشها مع مجلس إدارته الجديد ليراهن على جسارتها وتفوقها رغما عن الظروف مؤكدا أن لجانه العاملة بدأت تسابق غمار هذا التحدي وتجعله سبيلا لبلوغ الهدف بإسعاد المثقف والأديب من الجنسين إمعانا بأن ضجيجا ثقافيا أصيلا سيحدث عبر اصطفاف إعلامي بكافة وسائله تشاركه غمار التحدي. بعد ذلك عادت الأمسية لتأخذ مسارها الفعلي بإدارة الدكتور عبدالكريم الزهراني حيث بدأت بعرض لمقطع من أمسية شعرية القاها الشاعر الراحل محمد الثبيتي في النادي العام المنصرم وقوبلت بتصفيقا حارا وحسرة على هذا الفقيد، أعقب ذلك تقديم لفرسان الأمسية حيث كانت الجولة الأولى للشاعر أحمد العلي الذي قرأ قصائد بلا عناوين في ديوانه نهام الخليج الذي يقول عنه ليس الشاعر من يجد لسفينته محيطا بل الذي يحفر محيطه بيديه و كان من أبرزها تلك القصيدة التي قدمها لمحمد الثبيتي ويقول فيها: ماكنت إلا منارة بوجه البادية تركوك وعشقوا تيههم مزق، أيها الطير. دموعهم لم تزل هاجر تجري حولها ثم تنام عند رأسك، فتذكران الشعر وتزرعان الشعر وتموتان وحدكما في الشعر. بينما الشاعر الثاني ناجي علي حرابة فقد عبرت قصائده عن قلقه وابتسامات أوجاعه حيث رسم استرتيجيات نادرة لفلسفة الحب الذي يطفح من أعناق قصائده فجاءت قصيدته (قلقي جريح) تعبر عن هذا المراد من الوجع المبتسم في ديوانه فمي والعنقود الأحمر وقرأ منه: قلقي جريح قومي انفضي غبش النجوم وأيقظي مقل الصباح فديك تسهادي يصيح قلقا أحن لطيف ورديتك القديمة يوم أهوت في كتاب العمر الجولة الثالثة كانت للشاعر ياسر بن عبدالله آل غريب حيث قرأ من ديوانه أتنفس الألوان عدة قصائد متنوعة منها الوطنية والقومية وأخر تعبر عن حالة الأمة العربية وما يكتنف في ضميرها من تفاصيل لقضيتها الجوهرية فلسطين الجريحة والعراق الكسيرة. وكان مما قرأه تلك الصورة التي التقطها وتبعها بسؤال وجهه لأستاذ النقد وراصد حكاية الحداثة عبدالله الغذامي حيث يقول في سؤاله: أصحيح مات الشعر ؟ مذ أعطيتك الشمس حليبا كونّيا ماعاد حليب الناقة يثري شفتيك وخرجت من الخيمة تبحث عن شيء ما تعلن ميلاد الحرية في رئتيك كانت من حولك صحراء تئد الزمن الآتي زعما أم الماضي هو سيد أزمنة الدنيا لكنك أمسكت الخيط الأبيض شفافا ومضيت به في رحلتك النوراء بعيدا تبني من أضلعك الحرّى بيتا يحميك من الريح القبلية وتؤثث بيتك بالذات وب الآخر تفتح عينيك كنافذتين تطلان على أسرار غد تستخدم نظرتك العصرية حين ترى الماضي تستكشف حلف الأحرف آفاقا / أنساقا تهوى المتنبي تكرهه تأتي بزهير بن ابي سلمى وتشرحه تضمر سرك،،، تفضحه ياناقد قهوتنا العربية قهوتنا العربية تشربها الآذان مجرد موسيقى فعلن فعلن وإذا انصّبت في الأوراق فإن الأعين تشربها شكلا وزخارف قل لي بجنوح هواك إلى معنى المعنى هل نسكب قهوتنا صمتا بفناجين هواء قل لي: أصحيح مات الشعر ؟ كما زعمت عيناك. وفي نهاية الأمسية قام الفرسان بتوقيع دواوينهم الشعرية هي: (فمي والعنقود الأحمر) مجموعة شعرية للشاعر ناجي حرابة، و(نهام الخليج الأخضر) مجموعة شعرية للشاعر الشاب أحمد العلي، و(أتنفس الألوان) مجموعة شعرية للشاعر ياسر آل غريب، وقد تابع النساء الأمسية عبر الشبكة التلفزيونية الداخلية. وتعد هذه الأمسية هي الأولى للعام الحالي. في الأوراق فإن الأعين تشربها شكلا وزخارف قل لي بجنوح هواك إلى معنى المعنى هل نسكب قهوتنا صمتا بفناجين هواء قل لي: أصحيح مات الشعر ؟ كما زعمت عيناك.