اطلقت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلة في وكالة الجامعة لشؤون المعاهد العلمية وبالتعاون مع المعاهد العلمية في منطقة الباحة صباح أمس السبت دورة أثر المعلم والمعلمة في تحقيق الأمن الفكري في المؤسسات التعليمية في السعودية في نسختها الرابعة، بمشاركة أكثر من 80 تربوياً وأكاديمياً يؤصلون من خلال بحوثهم وأوراق عملهم والورش المصاحبة لها مفهوم الأمن الشامل ودوره في تحقيق الطمأنينة للفرد والمجتمع. من جهته أرجع مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل أسباب إقامة دور الأمن الفكري في المعهد العلمي في الباحة إلى اعتناء الجامعة بمناشطها ودورها لتحقيق رسالتها الشرعية والوطنية التي تضطلع بها في سبيل تعزيز روح الولاء لدين الله ثم لولاة الأمر،مؤكداً أهمية تعميق قيم المواطنة الصالحة والفاعلة في تكامل المؤسسات التربوية وكافة أفراد المجتمع. وأوضح الدكتور أبا الخيل أن دورة أثر المعلم والمعلمة في تحقيق الأمن الفكري في المؤسسات التعليمية في السعودية تهدف إلى تأصيل قيم الأمن بمفهومه الشامل، ومنها قيم الأمن الفكري على وجه الخصوص، وتعزيزها في نفوس التربويين من معلمين ومعلمات،وتجلية ضخامة المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق النخب التربوية، المعنية بتحقيق الطمأنينة الفكرية داخل مؤسسات التعليم بما يضمن مخرجات تعليمية تترسخ في وعيها وفكرها مبادئ الوحدة الوطنية القائمة على عقيدة التوحيد ورايته ثم الانتماء للوطن والولاء لقادته. ووصف مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مفهوم الاستثمار في الإنسان بأرقى وأنجح أنواع الاستثمارات كون المواطن هو الرقم الصعب في المعادلة التنموية ومسيرة الإصلاح، مضيفاً أن هذه الدورة تتوجه إلى النخبة المثقفة من التربويين والتربويات، مؤملاً أن تصل الرسالة من خلال تمثلهم لقيمها ومقاصدها وفق عمليات صياغة وتشكيل ذهنية الناشئة وأجيال المستقبل عبر قاعات الدرس والتحاور الثقافي مع العقلية الجديدة لأبنائنا وبناتنا،مثمناً لأمير منطقة الباحة الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز رؤيته العميقة وبصيرته النافذة من خلال ما أتاحه من كافة التسهيلات والإمكانات لانجاح هذه الدورة. فيما عدّ وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية الأستاذ الدكتور أحمد بن يوسف الدريويش الأمن الفكري منطلقاً لكل تقدم وتطور علمي واقتصادي وثقافي وصناعي وحضاري، لافتاً إلى الانحراف الفكري زل بفئة من السعوديين عن جادة الصواب معوّلاً على مثل هذه الدورات في تسليط الضوء على الأمن الشامل وإيضاح أهمية الأمن الفكري باعتباره من أهم مرتكزات الأمن وكشف أساليب التي تنتهجها الفئة الضالة، متطلّعاً إلى دور الأطروحات الفكرية والتربوية الإيجابي في التحصين ورسم منهجية تعليمية وتربوية آمنة تحقق الأمن بمفهومه الشامل للفرد والمجتمع. وتبدأ فعاليات اليوم الأول عند الساعة الثامنة والنصف صباحاً بتقديم وكيل المعهد العالي للقضاء الدكتور عبدالعزيز المحمود ورقة عمل عن الأمن بمفهومه الشامل وحاجة المجتمع إليه،مؤصّلاً لحقيقة الأمن الفكري وأهميته. وأوضح المحمود أن ورقته تتناول مفهوم الأمن الشامل في إطار أوسع من الأطر المفاهيمية الضيقة للأمن،كونه يعنى بالجوانب الحياتية كلها، ويتجاوز المواجهة المادية للمخاطر إلى كل ما يحقق الطمأنينة والأمن النفسي والمحافظة على الإنسان من مهده إلى لحده، لافتاً إلى أن تحقيق الأمن الشامل لا يأتي عبر الجهاز الأمني فقط، بل بتضافر جهود الأجهزة الحكومية والأهلية في دعم جهود الأمن في مجالاته المختلفة والواسعة في هذا المجال، مؤكداً أهمية التكامل بين جهود جهاز الأمن مع إدارات ومؤسسات الدولة والقطاع الأهلي بما يسهم في تحقيق الأمن على جميع المستويات، مضيفاً أن الأمن والاستقرار محصلة للجهود الشاملة المتعددة الرامية إلى حماية مصالح الدولة من أي أخطار محتملة تهددها من الداخل أو الخارج. وأكد المحمود أن منهج الأمن الشامل يتفق مع منهج الإسلام في تقرير الأمن وهو منهج يعتمد على الحفاظ على الإنسان وآدميته وكرامته وحفظ نفسه ودينه وماله وعقله وعرضه وهو ما يعرف بالضرورات الخمس. داعياً إلى التركيز على الأمن الشامل من خلال برامج بناء الأسرة بناء سليماً وتنشئة الأجيال على العقيدة الصحيحة و القيام بالعبادات وحسن التعامل والأخلاق الكريمة، ويحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويعمق الأواصر الحميمة بين أفراد المجتمع بما يحقق حياة كريمة آمنة ومزدهرة. وأجمل المحمود أسباب تحقيق الأمن في التمسُّك بالعقيدة الإسلامية،تطبيق الشريعة،وإقامة الحدود الشرعية والعدل بين الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاستقرار السياسي وتوطين البادية وإنشاء الهجر ونشر العلم الصحيح بين الناس وتحسين الأحوال المعيشية والاقتصادية وتوفير الأجهزة الأمنية الحكومية المنظَّم. وحذّر المحمود من خطورة الإخلال بالأمن كونه مما نهت عنه الشريعة وحرمته، مستعيداً صور ومسائل كثيرة زخرت بها كتب الفقه عبر أبواب الحدود والجنايات والتعزيرات والقضاء، متمثلة في جريمة القتل والسحر والحرابة وقطع الطريق والسرقة والربا والقمار والزنا واللواط والقذف والغش والخيانة والتزوير والاعتداء على الممتلكات و الكبائر والموبقات،لافتاً إلى ما رتبته الشريعة على الجرائم من أحكام وعقوبات دنيوية بحسب الجرائم وأصحابها، إضافة إلى ما يترتب عليها من عقوبات أخروية. فيما يتناول مستشار مدير جامعة الإمام الدكتور إبراهيم بن محمد الميمن في ورقته وسائل تحقيق الأمن الفكري محمّلاً حملة الفكر المتطرف مسؤولية ما ينتهجون من أساليب وطرق لاستدراج المجتمع عمومًا, والشباب على وجه الخصوص وتجنيدهم في هذه المتاهات الفكرية, مؤكداً أنه من خلال الرصد والاستقراء والتتبع خرج بجملة من أساليب الفئة الضالة التي تعتمد الإغراء والإغواء, واستخدام العاطفة العاصفة, وإثارة الشبه, وتهويل الأخطاء, وتهوين شأن العلماء وولاة الأمر, ومن جانب آخر يتم الاستدراج بها في الخفاء والسر, والابتعاد عن الرقابة وعين الرقيب, مشيراً إلى العمل المستقصي يظهر بجلاء هذه الأساليب, ويكشفها لحماية الأمن الفكري للمجتمع بإبراز الفكر الوسطي المعتدل, ووضع الأسس والآليات والوسائل والطرق لكشف أساليب المفسدين أخذاً بالتوجيه الإلهي، مبدياً تحفظه على التشويش الحاصل على مصطلح الأمن الفكري , ورميه بالحدوث, و الابتداع أحيانًا,كونه إملاء على منظومة الدول الإسلامية والسعودية خصوصًا لتمرير مشروعات غربية, أو ضرب ما يسمى بالصحوة, وكلها تهم مواجهة للمصطلح، ومن ثم كان هذا الهجوم والاستهداف, ليتعين البيان لتأصيل هذا المفهوم وربطه بالمقومات الشرعية, وإظهار الوسائل التي تؤكد اعتماد المنهج الشرعي في مقاومة الانحراف.