وجدته ماشياً مُكباً على وجهه.. وهو يُكلم نفسه كخلق الله الغلابا الذين سُدت أمامهم المسالك وأقفلت المعابر وحيل بينهم وما يتمنون ويرغبون في صورة آدمية كريمة..!! وهو عفى الله عنه وسدد خطاه .. يؤمي بيديه بألم وحيرة .. قائلاً بصوت مسموع.. ماذا أعمل؟ .. كيف أتصرف؟ شيء لا يطاق وشيء غير مفهوم.. ماذا أعمل؟ وقتها ابتسمت في وجهه قائلاً.. خير؟!! وأردفت .. هل أنت مريض؟!! شافاك الله وعافاك.. وكأنه فوجئ بهذا السؤال .. لكنه رد لا.. لا.. أنا في كامل الصحة ولله الحمد.. لكنني.. لكنني .!! قلت هه.. ماذا وراء هذه؟ فوقتنا لا يتسع لهذه اللكنة قال.. أنا حزين ومتألم وربما قل مقهور ومحبط.. لا أدري كيف أعالج تلك التصرفات؟!! تصرفات.. ومحاذير .. من أحدثها؟ وجعلت منك مهموماً منفعلاً ..قال: أنهم "أولادي" تعرفهم.. شيء يعصر القلب.. شباب كبار في السن.. أصحاء الأجسام.. يدرسون في المدارس نشقى من أجلهم ليل نهار وحتى المرض.. لكنهم أعوذ بالله.. هه.. لكنهم أوضح.. أفصح.. لا تزدني ألماً وحزناً.. قل كلاماً أفهمه واستوعبه .. قال: إنهم لا يصلون ؟ واذا صلوا .. صلوا صلاة كسالى على عجل في حركاتهم.. ينقرون رؤوسهم نقراً ولا تستقيم أعضائهم وربما لا يقرأون شيئاً.. هل هذا عمل كريم وتصرف حميد.؟!! قلت: هداهم الله و..لعلهم يصلون خفية أولعلك أنت شديد الملاحظة أو لسانك ذرب على الشتيمة والتقريع أو التهديد!! ونحن في عصر شبابنا يزداد عناداً وتشدداً.. أسمعها نصيحة.. كن لين الجانب.. شجعهم على الاقتراب منك.. أضحك معهم.. نكت علمهم أن "الصلاة" شيء مفروضة على كل انسان ولا فرق بين الذكر والأنثى !! والذي لا يصلي ولا يركع ويقنت لله شاكراً ومستغفراً كالجسم بلا روح.. والانسان العاقل هو الذي يؤدي ما عليه من واجب ومسؤوليات. والله - جل شأنه - اختار الانسان وفرق بينه وبين الحيوان .. الانسان "مكلف" ومأمور لكي يصلي في اليوم خمس صلوات تعبداً لمن أوجده وأنعم عليه بالسمع والنظر والصحة. وإن زاد تطوعاً فذلك يعود لصالحه لأن الله في غنى عن عبادتنا.. عن صلاتنا وصيامنا وصدقاتنا. لكن جل شأنه يجازي الجزاء الحسن. ونحن كخلق من خلق الله.. مأمورون .. ومكلفون لكي نجتهد قدر ما نستطيع.. لكنه جعل الفاصل بين الانسان والحيوان العبادة أولاً "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" . قال: كل الذي قلته جميل ومقنع.. إنما من يستطيع أن يقنع هؤلاء الشباب المنفلت والضائع. ها أنت عدت إلى الاستمرار في الخطأ.. فليس هناك شباب كقولك منفلت وضائع" إنما هناك شباب يحبون الحركة المستمرة ..والحركة أحياناً تعود بالبركة واحياناً حركتهم مخيفة ومحذور عليها. قال: أنا معك.. فقد استعملت معهم كل وسائل الاقناع مادياً ومعنوياً.. وقدوة حسنة.. ونحن "عائلة" كلها صوامة وقوامة!! ومجتمعنا كله مجتمع خير وبركة "القرآن" يتلى صباح مساء في منازلنا ومتاجرنا.. والمساجد مملوءة بالمصلين والذاكرين والساجدين. الدولة - حماها الله- تحرص على التذكير لكل من سار فوق أرضها.. واسم الله جل شأنه وتقدست صفاته بين كل فرض.. وفرض..!! وأولادي .. من ضمن هؤلاء الذين يهدرون الوقت .. الغالي. إما نوماً متواصلاً أو لعباً وضياعاً لأوقات طويلة فما الحل؟.. قلت وعلى شفتي شبه ابتسامة حزينة.. فضلاً اهدأ .. لا تنزعج .. حاول المرة تلو الأخرى أدعوهم للصلاة.. ادعوهم لعبادة الخالق.. قل لهم.. إن الله خلقنا للعبادة!! والله ايضا في غنى عن ركوعنا وسجودنا وعمل الخير.. إنما كل هذه الأعمال من صلاة وزكاة وأعمال الخير كلها.. تعود بالتالي علينا وعلى حياتنا كمسلمين بالنفع الشامل.. ولا أظن أن أحدا من البشر لا يحب الخير ولا يهوى النفع الشامل وأهمها وأقدسها ماذا عملنا من جهود خيرة وصلاة مقبولة.. والموت حق.. على كل الناس.. وغداً سنقابل الله سبحانه.. ونحن عباداً طائعين.. تلهج ألسنتنا دوماً بذكر الله وبالعبادة الحقة لخالق الكون إيمانا واحتسابا وجهدا مذكورا ومشكورا..!! فيا شبابنا.. يا أحباؤنا.. أرأفوا بأنفسكم .. راقبوا سلوككم ولا تضيعوا أوقاتكم.. فلم يخلقنا الله إلا لنكون عابدين له قانتين راكعين.. ساجدين وذلك فخر لنا وعزة.. وكرامة "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". وأيضا أرأفوا بأهاليكم.. رفقا بهم.. فهم محبون لكنهم يؤلمهم هذا الانفلات وضياع الأوقات !! وليست من الرجولة.. الا اتباع بما أمر الله به وأكده المحب الصادق لنا محمد صلى الله عليه وسلم.. ونحن المسلمون خير أمة أخرجت للناس.. وهذا فخر ومسؤولية أيضا وعزة وكرامة .. وإلا لا قيمة لنا ولا كرامة. (صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فتقوم النفس بالأخلاق تستقم) يا شباب الإسلام .. هيا نؤدي ما علينا من حقوق وواجبات .. كي نرفع رؤوس آبائنا بأنهم أنجبوا وربوا وتعبوا وما ضاع تعبهم ولن يضيع. يا أمان الخائفين وحسبنا الله ونعم الوكيل.. يحيى عبود بن يحيى