دعا المجلس البلدي في جدة إلى أهمية مشاركة كافة الجهات المعنية لمواجهة الأمطار والسيول المتوقعة على المدينة خلال الفترة المقبلة، وتقرر عقد اجتماع أسبوعي لبحث آخر التقارير والتطورات بهدف عدم تكرار كارثة العام الماضي التي تسببت في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. جاء ذلك خلال ورشة العمل التي استضافها بلدي جدة أمس واستمرت على مدار ساعتين بحضور ممثلين عن الدفاع المدني وجامعة الملك عبدالعزيز والرئاسة العامة للأرصاد وهيئة المساحة والجيولوجيا، والنقل والطرق، إضافة إلى أمانة جدة، وبمشاركة عبدالعزيز البسام رئيس مجلس بلدي عنيزة والذي كان ضيفاً على المجلس، حيث جرى استعراض المشاريع التي يتم تنفيذها حاليا لتصريف المياه والسيول ووضع جميع الحلول الممكنة لمنع تكرار كارثة العام الماضي. واستعرضت الورشة شريطا مصورا للمأساة التي عاشتها جدة خلال العام الماضي، وأكد حسين بن علوي باعقيل رئيس المجلس البلدي أن تجاوب جميع الجهات لدعوة المجلس تأكيد على أن (الهم) مشترك وأن الجميع يكونون على قلب واحد ويستشعرون الخطر ويحسون بالمسؤولية المناطة بهم، مشيرا أن وجود كل الأطراف على طاولة واحدة يساعد في وجود حلول سريعة ومنطقية لتطويق أي أزمة قبل وقوعها بمشيئة الله. وأهاب باعقيل بالجميع ضرورة الاستفادة من أخطاء الماضي، وقال: إن كان هناك الشر ففي باطنه يمكن أن نجد الخير، وقد أفرزت سيول العام الماضي اهتمام أفضل بمنطقة شرق جدة، وكذلك تم تجفيف بحيرة المسك وهو تأكيد على أنه ليس هناك مشكلة لا يوجد لها حل، وفي الأيام الماضية قمنا نحن في المجلس البلدي بجولات ميدانية على طريق الحرمين وبعض المناطق التي تضررت في العام الماضي ووجدنا تحسناً كبيراً.. ونأمل أن يتم وضع خطة طوارئ عاجلة تساعد الجميع على تفادي الأزمة في حال تكرار السيول. وأكد المهندس حسن الزهراني نائب الرئيس أن اهتمام المجلس البلدي بجدة بمسألة الأمطار والسيول ليس وليد اليوم، وأكد أن المجلس عقد عام 1427ه جلسة طارئة لبحث موضوع الأمطار والسيول، وذلك قبل ثلاث سنوات كاملة من وقوع الكارثة، وتكررت الاجتماعات في أعوام 1428، و1429 وتم خلال الاجتماعات التشديد على ضرورة توعية المجتمع في حال سقوط أمطار غزيرة وسيول، وكذلك التشديد على الأوامر السامية بعدم البناء في الأودية وأماكن انجراف مياه الأمطار. وتابع نائب رئيس المجلس البلدي: عقب وقوع كارثة العام الماضي عقدنا اجتماعاً طارئاً وأقمنا عدد من ورش العمل للتنسيق بين الجهات المختلفة المشاركة في تخفيف الألم عن المنكوبين، وخرجنا وقتها ب(34) توصية رفعت جميعا إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية، كما جرى التنسيق بشأنها مع الأمانة، حيث حرصنا على مشاركة جميع الجهات لتحقيق الانسجام المطلوب لخدمة مدينة جدة الغالية على قلوب الجميع. وتساءل بسام بن جميل أخضر عضو المجلس البلدي: هل المشاريع الموجودة حالياً كفيلة بتطويق الكارثة في حال وقوعها؟ مشيراً أن ما يحدث على الأرض وفي الميدان يكشف أن الأمر لم يختلف كثيراً عن العام الماضي، وأننا لم نفعل شيء حتى الآن سوى عمل الدراسات وعقد الاجتماعات والحديث عن المشكلة والكارثة وأرقامها فمعظم المشروعات معطلة شبه. وأكد أن المجلس البلدي باعتباره صوت المواطن يهمه في المقام الأول ما يحدث على أرض الواقع، ويسعى للحصول على تطمينات حقيقية بشأن ماذا يمكن أن يحدث في حال تكرار السيول، ومن المهم أن تكون هناك خطة طوارئ عاجلة بخلاف الخطة طويلة الأجل التي تقوم عليها الأمانة حالياً حتى تكون مختلف الجهات جازة لجميع الاحتمالات المتوقعة. وتساءل الرائد الدكتور عبدالعزيز الزهراني رئيس قسم الحماية المدنية بالدفاع المدني بجدة لماذا لم يتم تنفيذ المشروعات، حين أكد أن جميع المشروعات والدراسات التي جرى التحدث عنها في الآونة الأخيرة لم تظهر حتى الآن على أرض الواقع، مشيراً أن العمل لم يبدأ بشكل فعلي سوى في الأيام الماضية حيث كانت هناك بعض الإشكاليات الخاصة بصكوك الملكية التي أعاقت عملية إزالة بعض المناطق الخطرة، في حين أنه يتم الآن ردم الحفر الثلاث الكبيرة التي كانت موجودة في وادي قوس بعمق (30) متراً والتي وجد بها في العام الماضي جثث كثيرة. وكشف الرائد الزهراني أنه تم إجراء مسح شامل في الفترة الماضية لكل المناطق التي يتوقع أن تتضرر في حال تكرار الأمطار والسيول، وطلبنا بوجود حلول لبعض المدارس التي تقع في مناطق الخطر، وشددنا على أهمية وجود صلاحيات كاملة لمدراء ومديرات هذه المدارس في اتخاذ القرارات في حال تهيأت الأجواء لسقوط الأمطار دون الرجوع إلى إدارة التربية والتعليم، مشيراً في الوقت نفسه أن جدة مازالت تحاول التعافي من الكارثة التي خلفتها السيول في العام الماضي، حيث أن إجمالي البلاغات التي وصلت الدفاع المدني تجاوز (18) ألف بلاغ، ومازالت بعض البلاغات حتى الآن يتم التحقيق فيها، وشدد على أن الدفاع المدني يجري مسحاً لجميع أحياء جدة وليس للأحياء التي وقعت فيها كارثة العام الماضي فقط. في المقابل.. اعترف المهندس لؤي عبد القادر عبده مدير إدارة صيانة شبكات الأمطار بأمانة جدة أن أغلب المشاريع التي يتم تنفيذها حالياً كانت مقررة من السابق قبل كارثة السيول، وأشار أنه تم البدء في مشروعين فقط من التي تقررت بعد المأساة، مشيراً أن التجهيزات الحالية قادرة على استيعاب أي أمطار غزيرة تحدث في الفترة المقبلة، لكنها ليست بنفس القدر في حال حدوث سيول جارفة. وأكد ممثل الأمانة أن تأخر صرف الميزانية المخصصة لمشاريع الأمطار والمقررة ب(625) مليون ريال ساهم في تأخر تنفيذ المشروعات، علاوة على أن المراقب المالي كان يسجل بعض الملاحظات، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هناك مشروعين احدهما ب69) مليون ريال، ومشروع آخر ب16) مليون يمكن الاستفادة منهم في حال تكرار السيول التي وقعت العام الماضي، إضافة إلى أنه جاري عمل تجارب للتأكد من فاعلية مضخات الأنفاق في كل جدة، ويتم تركيب مضخات لبعضها. وتحدث الدكتور محمود الدوعان رئيس قسم الجغرافيا ووحدة موارد المياه بجامعة الملك عبد العزيز عن مناطق الخطر المتوقع واتجاه السيل الذي يصب في وادي قوس قبل أن يصطدم بمجمع أم الخير السكني ويؤدي بالتالي ذلك إلى ارتفاع منسوب المياه بصورة تجعله قادرا على الوصول إلى الدور الثالث في بعض المباني.