توقع معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر أن يحقق الاقتصاد السعودي نموا لن يقل عن 3.5% هذا العام بسبب التحسن في الاقتصاد الكلي المحلي وتمكنه من تجاوز كافة آثار الأزمة المالية العالمية مشيرا إلى أن السياسات المالية والنقدية التي وصفها "بالحصيفة" أسهمت في تجنيب الاقتصاد السعودي مخاطر الأزمة المالية. وقال معاليه في مؤتمر صحفي عقده بمقر المؤسسة امس بمناسبة تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله للتقرير السنوي السادس والأربعين لمؤسسة النقد مساء أمس انه من محاسن الصدف أن يأتي تسليم التقرير في ظل الاحتفالات باليوم الوطني المجيد للمملكة العربية السعودية مؤكدا أن التقرير ومايتضمنه من معلومات وبيانات يعد "راصدا" حقيقيا لمكونات الاقتصاد السعودي الذي تعودت المؤسسة تقديمه منذ عدة عقود ليكون التقرير الأهم على المستوى الاقتصادي للمملكة. وأوضح الدكتور الجاسر أن العام الماضي 2009م كان عاما صعبا على الاقتصاد الدولي وأن المملكة بفضل الله ثم بفضل سياساتها المالية والنقدية استطاعت تجنب آثار تلك الأزمة المدمرة بسبب سياساتها المتحفظة المالية والنقدية مبينا أن الاقتصاديات الناشئة أسهمت في إنقاذ العالم من أزمة لم يسبق لها مثيل وأن دول العشرين ومن بينها المملكة عملت على تنسيق سياساتها المالية والنقدية بهدف رفع مستوى الثقة وإعادة النشاط للاقتصاد الدولي خاصة وأن المملكة أصبحت من بين أهم 20 اقتصاد عالمي. وأشار معالي محافظ مؤسسة النقد إلى أنه رغم تراجع إيرادات النفط بنسبة 53% وارتفاع حجم العجز وتراجع ميزان المدفوعات بنسبة 83% في العام الماضي مقارنة بعام 2008م إلا أن الاقتصاد السعودي لم يسجل انكماشا حيث واصل تسجيل نسب نمو تم ملاحظتها من خلال عدم حاجة القطاع المصرفي لدعم الدولة كما حدث في دول أخرى وأن الاقتصاد السعودي لم يكن عبئا على الاقتصاد الدولي بل على العكس من ذلك فقد أعطت الكثير من المؤشرات نسب نمو جيدة في ظل الأزمة المالية العالمية بعكس ماهو في اقتصاديات دول كبرى. ودلل معاليه على ذلك بزيادة نسبة الإقراض في الأشهر الماضية من العام الحالي 2010م حيث بلغت نسبة النمو حتى شهر أغسطس الماضي للقطاع الخاص بنسبة 4.9% مشيرا إلى أن مؤسسة النقد تحاول إيجاد مؤشرات من بينها مؤشر وسائل الدفع التي ارتفعت بنسبة 5% في شهر يوليو الماضي.وأكد الدكتور محمد الجاسر أن المهم في إدارة الاحتياطات النقدية هو إعطاء صورة صحيحة عن الاقتصاد الكلي مشيرا إلى أن إدارة النقد تعد من أكبر التحديات التي تواجه القطاع النقدي والمصرفي وقد ثبت أن الطريقة التي أدير بها القطاع النقدي والمصرفي في المملكة كانت الطريقة الأسلم ومكنت المملكة من تجنب الكثير من الأزمات المالية الدولية لافتا إلى أن الاقتصاد المحلي يتميز بضخامته ومروره بفترات تذبذب وبالتالي"حققنا الأهم في توفير النقد وفق مايقابله من عملات أجنبية أخرى". ورأى أن لدى البنوك سيولة وملاءة مالية كبيرة ودورها هو الوساطة المالية بين من يملك النقد ومن يحتاج إليه مشيرا إلى أن القطاع المصرفي حقق ارتفاعا في الإقراض في عام 2008م بنسبة 27% وهو يعد نموا هائلا وفي العام 2009م أصبح هناك استقرار في حجم الإقراض. وزاد معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي بقوله أن نمو الإقراض خلال السبعة أشهر الماضية من العام 2010م قد بلغ 5.2% وهو"مؤشر ممتاز مقارنة بالعالم" موضحا أن المؤسسة تعمل على دفع البنوك لتحسين منتجاتها وتعاملاتها مع العملاء والعمل بجد على إدارة المخاطر لديها وتطبيق المعايير الخاصة بالمتطلبات الرأسمالية للبنوك وأن البنوك السعودية قد أظهرت تفوقا واضحا على متطلبا بازل 3 بفضل السياسات النقدية المتبعة والتي تشرف عليها مؤسسة النقد العربي السعودية وتحرص على تطبيقه في مكونات النظام المصرفي المحلي.وعبر معاليه عن رضاه عن معدل الإقراض في القطاع المصرفي السعودي والذي تجاوز 5% معربا عن اعتقاده بأنها نسبة ممتازة ومن المتوقع أن يكون أثرها على الاقتصاد المحلي كبيرا. وفيما يتعلق بسبل دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المملكة قال الدكتور محمد الجاسر أن هناك جهودا ملحوظة لإنشاء صندوق لضمان قروض تلك المنشآت والتي ستكون ضمن صلاحيات بنك التنمية الصناعي مشيرا إلى وجود توجه لدى البنوك في طرق هذا المجال بهدف تنويع محفظتها الاقراضية إضافة إلى توسع بنك التسليف والادخار في إقراض هذه المشاريع لنصل في النهاية إلى جعل هذه المشاريع مشاريع مستهدفة لدى القطاع المالي والمصرفي في المملكة بهدف زيادة تمويلها وزيادة إسهامها في الاقتصاد الكلي للمملكة. وبالنسبة الضغوط التضخمية وأثرها على الاقتصاد السعودي قال معالي محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر أن نسبة التضخم بلغت 6.1% "وهو معدل مقلق والمؤسسة تراقب أسبابه الداخلية والخارجية" مشيرا إلى أن هناك عدة أسباب لعودة نسبة التضخم للارتفاع من بينها أسعار الإيجارات والعقارات وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الفترة الماضية وتزامنها مع شهر رمضان المبارك الماضي.وأفاد معاليه أن المؤشرات الأولية للناتج المحلي خلال 2010م تشير وفق أسعار البترول الحالية إلى تحقيق ميزانية متوازنة وتحقيق نمو "لن يقل عن 3.5%". وحول ارتفاع حدة المنافسة في القطاع المصرفي السعودي أبان الدكتور الجاسر أن رفع حدة المنافسة وتقديم المزيد من المنتجات لصالح العملاء هدف سعت إليه المؤسسة وهو نتيجة طبيعية لمدى "النضج في السياسة المالية والنقدية السعودية" لافتا إلى أن دور المؤسسة إشرافي للتأكد من عدم قيام البنوك بالتفريط بودائع العملاء والاستفادة من تلك الودائع في الاقتصاد المحلي وفق سياسة معتدلة.وبشأن مدى استمرار البنوك السعودية في أخذ المزيد من المخصصات الاحتياطية من أرباحها وهل هناك نية لاستمرارية ذلك أوضح معالي الدكتور محمد الجاسر أن المؤسسة كانت تعمل بهذه السياسة منذ فترة طويلة بحيث تلزم البنوك تجنيب نسبة معينة من أرباحها كاحتياطات نقدية لدعم الاحتياطي العام لديها أو تجنيب مخصصات معينة في بعض الظروف وقد أثبتت الأزمة المالية العالمية جدواها بحيث لم يشهد القطاع المصرفي السعودي حاجة أي مصرف أو بنك لدعم الدولة لإنقاذه من الانهيار أو الإفلاس كما حدث في دول أخرى عديدة. وتطرق لمعدلات الفائدة وسعر إعادة الشراء في المملكة وبين أن السعر لم يتغير منذ فترة طويلة بسبب"عدم وجود فروق في السيولة لدى القطاع المصرفي وهو ما يدعو إلى عدم تغييرها حاليا".وعن ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي شدد معالي محافظ مؤسسة النقد على أن الارتباط بين العملتين ليس لأسباب سياسية أو عاطفية وإنما يعود ذلك لأن الدولار هو العملة الأكثر تداولا والاقتصاد الأمريكي هو الأقوى عالميا"والتزامنا به يعد مصلحة ذاتيه".ورأى أن هناك أهمية لتطوير العلاقة النقدية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واتحادها النقدي والذي سيعمل على مراقبة أداء الأسواق الدولية وأسواق الصرف والعملات لمراجعة كل مايستجد بشأنها في الإدارة المالية الخليجية.