بن احمد طيب تحتفل جميع الدول في العالم بيومها الوطني باعتباره رمزاً لتأسيسها او استعادة لحريتها وسيادتها، وهي المناسبة الأغلى والعيد الأكبر في اغلب دول العالم ذات التنوع الديني والمذهبي والعرقي حيث يلتقي جميع أفراد الشعب بكل فئاته الدينية والطائفية والعرقية على تمجيد عيدهم الوطني. وتعيش المملكة العربية السعودية هذه الأيام فرح وبهجة وهي تحتفل بذكرى مرور ثمانية وسبعون عاماً على إعلان تأسيسها وتوحيدها، وهي مناسبة عزيزة على قلب كل مواطن بل وكل عربي ومسلم، لان هذا اليوم يشكل فصلاً مضيئاً في تاريخ الأمة العربية والإسلامية التي تؤمن دائماً بوحدتها وتضامنها ولم شملها. فقد حقق الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله بتوحيد أجزاء كبيرة من البلاد العربية حلماً عربياً وإسلامياً في وقت كانت فيه البلاد العربية فريسة لتآمر القوى الدولية النافذه لتقسيمها والسيطرة على مقدراتها. وقد تمكن رحمه الله من تحقيق ماسمى آنذاك "معجزة فوق الصحراء" بتوفيق من الله وبما امتلكه من شجاعة وفروسية قتالية وحكمة بالغة في التعامل مع معطيات الواقع المحيط به وإتخاذ المواقف والقرارات الصائبة التي حفظت لشعبه وأمته عزتها وكرامتها وشيد لنا دولة عصرية قوية البنيان وطيدة الأركان، إسلامية الأحكام، عربية الهوية والوجدان، وعالمية الرؤى والمنطلقات. وقد أدرك الملك المؤسس رحمه الله منذ بدء مسيرة التوحيد أهمية العلاقات الخارجية فأعارها اهتماماً كبيراً حيث أقام علاقات مع الأطراف الإقليمية والدولية على أساس المصلحة الوطنية وخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، والتعاون في كل ما من شانه يخدم مصالح بلاده وأمته ويسهم في تحقيق الاستقرار والسلم في العالم. ولاتزال السياسة الخارجية تسير على نفس النهج وعلى ذات المبادئ التي أرساها الملك المؤسس. وتأصيلاً لهذه المبادئ السامية في علاقات المملكة الخارجية، وإيماناً بوحدة المصير البشري أطلق خادم الحرمين الشريفين مبادرة حوار أتباع الأديان لمواجهة النظريات العنصرية الداعية إلى تكريس الصراع بين الحضارات كحقيقة علمية بما يترتب على ذلك وازكاء روح التعصب والتطرف بين الأمم والشعوب. فجاءت هذه المبادرة الإنسانية لتدفع عن الإسلام والمسلمين تهم الإرهاب وتقدم الصورة الحقيقية للسلام كدين إنساني يدعو إلى التسامح والاعتدال وتحقيق العدالة والمساواة بين عموم البشر دون تمييز. ولتأصيل هذه المبادرة الإنسانية، وتزامناً مع الاحتفال باليوم الوطني للمملكة أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ونصره بإنشاء "مؤسسة الملك عبدالله العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية" التي تهدف إلى خدمة الدين والوطن والأمة والإنسانية جمعاء، ونشر التسامح والسلام وتحقيق الرفاهية وتطوير العلوم. يأتي هذا الأمر بمثابة هدية غالية من خادم الحرمين الشريفين للشعب السعودي والعرب والمسلمين والإنسانية جمعاء. بارك الله لنا في قيادتنا وكل عام ووطننا في عز وشموخ. * مدير عام فرع وزارة الخارجية بمنطقة مكة المكرمة