الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    نهاية مشوار صالح الشهري في "خليجي 26"    النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ووزير الداخلية بالكويت يزور مركز العمليات الأمنية في الرياض    النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ووزير الداخلية بدولة الكويت يزور الهيئة الوطنية للأمن السيبراني    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على حي الشجاعية وخان يونس    كافي مخمل الشريك الأدبي يستضيف الإعلامي المهاب في الأمسية الأدبية    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يلتقي بابا الفاتيكان    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    فعاليات يوم اللغة العربية في إثراء تجذب 20 ألف زائر    لا تكتسب بالزواج.. تعديلات جديدة في قانون الجنسية الكويتية    الدفعة الثانية من ضيوف برنامج خادم الحرمين يغادرون لمكة لأداء مناسك العمرة    الشرقية تستضيف النسخة الثالثة من ملتقى هيئات تطوير المناطق    افتتاح إسعاف «مربة» في تهامة عسير    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظّم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع فبراير القادم    سلمان بن سلطان يدشن "بوابة المدينة" ويستقبل قنصل الهند    رضا المستفيدين بالشرقية استمرار قياس أثر تجويد خدمات "المنافذ الحدودية"    بلسمي تُطلق حقبة جديدة من الرعاية الصحية الذكية في الرياض    وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    تجربة مسرحية فريدة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ونحن نسترجع تاريخ الأمة .. قصة ملحمة البطولة والفداء للملك المؤسس عبدالعزيز
نشر في البلاد يوم 22 - 09 - 2010

تحل ذكرى اليوم الوطني الثمانين للمملكة العربية السعودية غد الخميس 14 شوال لعام 1431 هجرية قمرية المقابل لغرة برج الميزان من العام 1388هجرية شمسية الموافق الثالث والعشرين من سبتمبر 2010 م.
وتحتفي المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا فيه بذكرى إعلان الملك عبدالعزيز رحمه الله توحيد هذه البلاد المباركة تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) واطلاق اسم المملكة العربية السعودية عليها في التاسع عشر من شهر جمادى الأولى من سنة 1351ه بعد جهاد استمر اثنين وثلاثين عاما أرسى خلالها قواعد هذا البنيان على هدى كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين - صلى الله عليه وسلم - سائراً فى ذلك على نهج أسلافه من آل سعود لتنشأ فى ذلك اليوم دولة فتية تزهو بتطبيق شرع الإسلام وتصدح بتعاليمه السمحة وقيمه الإنسانية فى كل أصقاع الدنيا ناشرة السلام والخير والدعوة المباركة باحثة عن العلم والتطور سائرة بخطى حثيثة نحو غد أفضل لشعبها وللأمة الإسلامية والعالم أجمع.
ويستعيد أبناء المملكة ذكرى توحيد البلاد، وهم يعيشون واقعا جديداً، خطط له خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، واقعاً حافلاً بالمشاريع الإصلاحية، بدءاً بالتركيز على إصلاح التعليم والقضاء، مروراً بالإصلاح الاقتصادي، وصولاً إلى بناء مجتمع متماسك، عماده الوحدة الوطنية.
وبالعودة إلى التاريخ، فقد ارتسمت على أرض المملكة العربية السعودية مسيرة توحيد في ملحمة جهادية تمكن فيها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - من جمع قلوب أبناء وطنه وعقولهم على هدف واعد نبيل، قادهم في سباق مع الزمان والمكان في سعي لعمارة الأرض بتوفيق الله وما حباه الله من حكمة إلى إرساء قواعد وأسس راسخة لوطن الشموخ على هدى من كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين صلى الله ‌عليه وسلم فتحقق للملك عبد العزيز هدفه فنشر العدل والأمن بتيسير الله وفضله واستمر في العمل من أجل ذلك سنين عمره.
ويستذكر اليوم أبناء المملكة هذه الذكرى المشرقة باعتزاز وتقدير للملك عبد العزيز طيب الله ثراه في شكر للنعمة والدعاء لمن عمل على تحققها في هذه البلاد مترامية الأطراف ولمواطنيها فكان الخير الكثير بوحدة أصيلة حققت الأمن والأمان بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بفضل جهاده وعمله الدؤوب.
ومثلما يستلهم السعوديون من ذكرى التوحيد همة وعزيمة لمواصلة العمل والعطاء لرقي وطنًا وشعبًا وأمة. يقف الباحثون والمؤرخون وقفة تأمل وإعجاب في تاريخ هذا الكيان الشامخ على البناء وتخطي العوائق والصعاب والتغلب على كل التحديات بفضل من الله وتوفيقه أولا ثم بالإيمان القوي والوعي التام بوحدة الهدف وصدق التوجه في ظل تحكيم شرع الله والعدل في إنفاذ أحكامه لتشمل كل مناحي الحياة.
وكانت الدولة السعودية الأولى 1157ه قامت بمناصرة الإمام محمد بن سعود لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله الهادفة إلى العودة إلى الإسلام الصحيح وتصحيح المعتقدات مما شابها من الشبهات والجهل ولذلك قام بجهود كبيرة فى مؤازرة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وتطلعاته إلى مجتمع تتمثل فى جميع شؤون حياته سمات المجتمع المسلم الصحيحة. وتعاهد الإمام والشيخ فى ذلك العام على التعاون للعودة بالمجتمع‌ في جزيرة العرب إلى عقيدة الإسلام كما كانت عليه في صدر الإسلام ووفقا لما جاء به رسول الأمة محمد عليه الصلاة والسلام وسارا على هذا السبيل لتحقيق هذا الهدف الكبير. بعد ذلك تتابع جهاد آل سعود منطلقين من ذات المنطلق فلم تنطفئ جذوة الإيمان فى قلوب الفئة المؤمنة بانتهاء حكم الدولة السعودية الأولى بعد زهاء ستة وأربعين عاما بسبب التدخل الأجنبي.
وفى العام 1240ه قامت الدولة السعودية الثانية بقيادة الإمام المؤسس الثاني تركى بن عبدالله بن محمد بن سعود رحمه الله الذي واصل ومن بعده أبناؤه نهج أسلافهم نحو ثمانية وستين عاما حتى انتهى حكم الدولة السعودية الثانية عام 1308ه نتيجة عوامل داخلية.
وبزغ فجر اليوم الخامس من شهر شوال من العام 1319ه إيذانا بعهد جديد حيث استعاد الموحد الباني الملك عبدالعزيز رحمه الله مدينة الرياض ملك آبائه وأجداده في صورة صادقة من‌ صور البطولة والشجاعة والإقدام فوضع طيب الله ثراه أولى لبنات هذا البنيان الكبير على أسس قوية هدفها تحكيم شرع الله والعمل بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم‌.
وواصل الملك الموحد عبدالعزيز جهاده لإعلاء كلمة الله ونشر عقيدة التوحيد الصافية والعودة بالأمة في هذه البلاد المباركة على دين الله عودة نصوحا على نهج قويم يحوطه الحزم وقوة الإرادة. ولم يفت في عضد الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصين قلة العدد والعدة وانطلق من الرياض بذلك الإيمان الصادق في جهاده حتى جمع الله به الصفوف وأرسى دعائم الحق والعدل والأمن والأمان‌.توحدت القلوب على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فتوحدت أرجاء البلاد وأينعت تلك الجهود أمنا وأمانا واستقرارا وتحول المجتمع من قبائل متناحرة إلى شعب متحد ومستقر يسير على هدي الكتاب والسنة.
وتفيأ المواطن الأمن والأمان وكذا الحاج والمعتمر وزائر مسجد الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام وأصبحت السبل إلى الحرمين الشريفين آمنة ميسرة وهي الغاية التي كانت هاجس الملك عبدالعزيز الذي لايفارقه بغية خدمة دين الله وخدمة المسلمين كافة. ومثلما أرسى طيب الله ثراه دعائم الحكم داخل بلاده على هدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فقد اعتمد النهج نفسه في علاقات المملكة وسياساتها الخارجية. وانطلاقا من هذا النهج وهذا التوجه الإسلامي القويم دعا رحمه الله إلى التعاون العربي والتضامن الإسلامي وأسهم إسهاما متميزا في تأسيس جامعة الدول العربية واشترك في الأمم المتحدة عضوا مؤسسا كما سجل له التاريخ مواقف مشهودة في كثير من الأحداث العالمية والقضايا الإقليمية والدولية.
وتجسد القضية الفلسطينية أنموذجا بارزا يؤكد دعم واهتمام الملك عبدالعزيز بقضايا أمته وحقوقها فكان رحمه الله عميق الصلة بهذه القضية راسخ التوجه تجاهها متميزا في ذلك بحكم موقعه ومواقفه الأصيلة والثابتة بين الزعماء العرب.
وسخر الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه للقضية الفلسطينية دبلوماسيته المعهودة ودافع عن القضية في اتصالاته المستمرة مع زعماء العالم ونهج استراتيجية واضحة في التعامل مع القضية لإعادة الحقوق المشروعة للفلسطينيين.
ورحل الملك عبدالعزيز رحمه الله بعد أن أرسى منهجا قويما سار عليه أبناؤه من بعده لتكتمل أطر الأمن والسلام وفق المنهج والهدف نفسه المستمدين من شرع الله المطهر كتاب الله وسنة رسوله.وكان الملك سعود رحمه الله أول السائرين على ذلك المنهج والعاملين في إطاره حتى برزت ملامح التقدم واكتملت هياكل عدد من المؤسسات والأجهزة الأساسية في الدولة.
وجاء من بعده رائد التضامن الإسلامي الملك فيصل رحمه الله فتتابعت المنجزات الخيرة وتوالت العطاءات وبدأت المملكة في عهده تنفيذ الخطط الخمسية الطموحة للتنمية.وتدفقت ينابيع الخير عطاء وافرا بتسلم الملك خالد رحمه الله الأمانة فتواصل البناء والنماء خدمة للوطن والمواطن بخاصة والإسلام والمسلمين بعامة واتصلت خطط التنمية ببعضها لتحقق المزيد من الرخاء والاستقرار.وازداد البناء الكبير عزا ورفعة وساد عهد جديد من الخير والعطاء والنماء والإنجاز بعد مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله ملكا على البلاد.
وتميزت الإنجازات في عهده رحمه الله بالشمولية والتكامل لتشكل عملية تنمية شاملة في بناء وطن وقيادة حكيمة فذة لأمة جسدت ما اتصف به الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله من صفات عديدة من أبرزها تمسكه بكتاب الله وسنة رسوله وتفانيه في خدمة وطنه ومواطنيه وأمته الإسلامية والمجتمع الإنساني أجمع في كل شأن وفي كل بقعة داخل الوطن وخارجه إضافة إلى حرصه الدائم على سن الأنظمة وبناء دولة المؤسسات والمعلوماتية في شتى المجالات مع توسع في التطبيقات قابلته أوامر ملكية سامية تتضمن حلولا تنموية فعالة لمواجهة هذا التوسع. ولم تقف معطيات الملك فهد رحمه الله عند ماتم تحقيقه من منجزات شاملة فقد واصل الليل بالنهار عملا دؤوبا يتلمس من خلاله كل ما يوفر المزيد من الخير والازدهار لهذا البلد وأبنائه فأصبحت ينابيع الخير في ازدياد يوما بعد يوم وتوالت العطاءات والمنجزات الخيرة لهذه البلاد الكريمة.
وقد ترك نبأ وفاته رحمه الله يوم الاثنين 26 جمادى الآخرة 1426ه الموافق 1 أغسطس 2005م أثرا وحزنا عميقين في نفوس أبناء المملكة والأمتين العربية والإسلامية بخاصة والعالم بعامة لفقد قائد فذ نذر نفسه لخدمة دينه وأمته‌ منذ اضطلاعه بمسؤولياته وعمل بإخلاص وتفان من أجل قضايا الأمة والعالم أجمع.
وفي يوم الاثنين 26 / 6 / 1426ه الموافق 1 أغسطس 2005م بايعت الأسرة المالكة الكريمة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد ملكا على البلاد وفق المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم وبعد إتمام البيعة أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية اختيار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وليا للعهد حسب المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم. كما بايع على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم خادم الحرمين ‌الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكى الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام المواطنون يتقدمهم أصحاب السمو الملكي الأمراء وسماحة مفتي عام المملكة وفضيلة رئيس مجلس القضاء الأعلى ومعالي رئيس مجلس الشورى وأصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ وأصحاب المعالي الوزراء وكبار قادة وضباط القوات المسلحة والأمن العام.
وقد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله في 28 جمادى الآخرة 1426ه الموافق 3 أغسطس 2005م كلمة للمواطنين والمواطنات قال فيها.. اقتضت إرادة الله عز وجل أن يختار إلى جواره أخي العزيز وصديق‌ عمري خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود تغمده الله ‌برحمته وأسكنه فسيح جناته بعد حياة حافلة بالأعمال التي قضاها في طاعة الله عز وجل وفي خدمة وطنه وفي الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية. في هذه الساعة الحزينة نبتهل إلى الله عز وجل أن يجزي الراحل الكبير خير الجزاء عما قدمه لدينه ثم لوطنه وأمته وأن يجعل كل ذلك في موازينه وأن يمن علينا وعلى العرب والمسلمين بالصبر والأجر.
ومضى حفظه الله قائلا إنني إذ أتولى المسؤولية بعد الراحل العزيز وأشعر أن الحمل ثقيل وأن الأمانة عظيمة استمد العون من الله عز وجل وأسال الله سبحانه أن يمنحني القوة على مواصلة السير في النهج الذي سنه مؤسس المملكة العربية السعودية العظيم جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه واتبعه من بعده أبناؤه الكرام رحمهم الله وأعاهد الله ثم أعاهدكم أن أتخذ القرآن دستورا والإسلام منهجا وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة ثم أتوجه إليكم طالبا منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة وأن لا تبخلوا علي بالنصح والدعاء.
كما أعرب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء يوم الاثنين الثالث من شهر رجب لعام 1426ه بقصر اليمامة في مدينة الرياض‌ عن ألمه والشعب السعودي وأمة الإسلام لوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله الذي اختاره الله لينتقل من دار الفناء إلى دار البقاء وتوجه إلى الله عز وجل أن يتغمد الراحل الكبير بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جناته.
وقال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لقد فقدنا والعالم بأسره قائدا فذا وزعيما نذر حياته لتحقيق الازدهار الشامل لبلاده والرخاء الدائم لشعبه وإحقاق الحق ونصرة وإعانة المظلوم والإسهام الفاعل الشجاع فى توطيد السلام والأمن والاستقرار في أنحاء العالم . وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن المملكة العربية السعودية لن تحيد بعون الله عن السير في النهج الذي سنه ‌جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه وسار عليه من بعده أبناؤه الملوك البررة رحمهم الله متمسكة بشرع الله الحنيف والسنة النبوية المطهرة مدركة مسؤولياتها الجسام بوصفها مهبط الوحي ومنطلق الرسالة ومهد العروبة وأحد أبرز الدول المؤثرة على مختلف الصعد. وشدد الملك المفدى على أن توجهات وسياسات المملكة على الساحات العربية والاسلامية والدولية نهج متواصل مستمر. وأضاف نحن عازمون على مواصلة العمل الجاد الدؤوب من أجل خدمة الإسلام وتحقيق كل الخير لشعبنا النبيل ودعم القضايا العربية والإسلامية وترسيخ الأمن والسلم الدوليين والنمو الاقتصادي العالمي.
وتشهد المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز المزيد من المنجزات التنموية العملاقة على امتداد الوطن في مختلف القطاعات التعليمية والصحية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة والاقتصاد.
فقد أظهرت تقارير المتابعة للسنوات التي مضت من خطة التنمية الثامنة 1425 / 1430ه إنجازات حققت المعدلات المستهدفة في الخطة وفي بعض الحالات فاق النمو المعدلات المستهدفة. وتجاوزت المملكة العربية السعودية في مجال التنمية السقف المعتمد لإنجاز العديد من الأهداف التنموية التي حددها إعلان الالفية للأمم المتحدة عام / 2000 / كما أنها على طريق تحقيق عدد آخر منها قبل المواعيد المقترحة. ومما يميز الرؤية السعودية في السعي نحو تحقيق الأهداف التنموية للألفية زخم الجهود المتميزة بالنجاح في الوصول إلى الأهداف المرسومة قبل سقفها الزمني المقرر والنجاح بإدماج الأهداف التنموية للألفية ضمن أهداف خطة التنمية الثامنة وجعل الأهداف التنموية للألفية جزءا من الخطاب التنموي والسياسات المرحلية وبعيدة المدى للمملكة. وتم اعتماد عدد من البرامج والمشاريع التنموية إضافة لما هو وارد في الخطة الخمسية الثامنة وفي ميزانية الدولة وشملت هذه البرامج والمشاريع مشاريع المسجد الحرام والمشاعر المقدسة وتحسين البنية التحتية والرعاية الصحية الأولية والتعليم العام والعالي والفني والإسكان الشعبي ورفع رؤوس أموال صناديق التنمية.. كما تم تعزيز احتياطيات الدولة، ودعم صندوق الاستثمارات العامة. ويتواصل العمل حاليا في إنشاء مدن اقتصادية منها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل ومدينة جازان الاقتصادية ومدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة إلى جانب مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض وإعلان مطار المدينة المنورة مطاراً دولياً وتوسعة مطار الملك عبدالعزيز بجدة وإنشاء مطار المدينة الاقتصادية برابغ. وتضاعف أعداد جامعات المملكة من ثمان جامعات إلى حوالي خمس وعشرين جامعة إلى جانب افتتاح العديد من الكليات والمعاهد التقنية والصحية وكليات تعليم البنات. وتتابعت في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود المنجزات التنموية على امتداد أنحاء الوطن في كل مناطقة، وتوالت القرارات التي اتخذها في سبل تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، ودعم المخصصات للقطاعات الخدمية، فضلا عن دوره الرائد في خدمة القضايا العربية والإسلامية، وإرساء دعائم العمل السياسي الخليجي والعربي والإسلامي والدولي، وصياغة تصوراته والتخطيط لمستقبله، ودوره رعاه الله في تأسيس الحوار العالمي بين أتباع الديانات والثقافات والحضارات المعتبرة. فقد شهدت البلاد العام الماضي برعاية خادم الحرمين الشريفين العديد من الإنجازات والمشروعات التنموية.
أما استتباب الأمن في البلاد فهو من الأمور التي أولاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جل اهتمامه ورعايته منذ وقت طويل وكان تركيزه الدائم حفظه الله على أن الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية من أهم المرتكزات التى يجب أن يقوم عليها البناء الأمني للمملكة العربية السعودية.
وتم في عهده حفظه الله إصدار العديد من الأنظمة المهمة في بناء الدولة منها نظام هيئة البيعة لتعزيز البعد المؤسسي في تداول الحكم إضافة إلى مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم ومشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء، فيما واصلت المجالس البلدية ممارسة مسؤولياتها المحلية وزاد عدد مؤسسات المجتمع المدني في إسهام بمدخلات القرارات ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية مع تشكيل هيئة حقوق الإنسان وإصدار تنظيم لها وتعيين أعضاء مجلسها كما تم انشاء جمعية أهلية تسمى جمعية حماية المستهلك، وقام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بدوره في نشر ثقافة الحوار في المجتمع وأسهم في تشكيل مفاهيم مشتركة بشأن النظرة إلى التحديات التي تواجه المجتمع وكيفية التعامل معها. وحظي قطاع البحث العلمي بنصيب وافر من الدعم والمساندة في وقت تشهد المملكة نهضة شاملة في مختلف المجالات حيث تعد تقنية النانو فتحا علميا جديدا تنتظره البشرية بالكثير من الترقب والآمال العريضة في استثمار هذه التقنية في الكثير من المجالات العلمية والاقتصادية المهمة التي تتصل اتصالا مباشرا بحياة الإنسان الذي تتعقد احتياجاته الحياتية وتتزايد بحكم التطور الحضاري الكبير الذي شمل مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية.
ولأهمية هذه التقنية والطفرة التي ستحققها للعالم خلال القرن الحادي والعشرين تبرع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله في شهر ذي القعدة 1427ه بمبلغ ستة وثلاثين مليون ريال من حسابه الخاص لتمويل استكمال التجهيزات الأساسية لمعامل متخصصة في مجال التقنية متناهية الصغر المعروفة بتقنية / النانو / في ثلاث جامعات هي جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وبنصيب اثني عشر مليون ريال لكل جامعة. واستمرت مبادرات المملكة العربية السعودية في الأعمال الإنسانية وحضورها داعما مساعدا للمنكوبين والمحتاجين في إطار حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رعاه الله على أن تكون المملكة سباقة في مد يد العون لنجدة أشقائها في كل القارات في أوقات الكوارث التى تلم بهم.
وتوج الملك عبدالله بن عبدالعزيز - ملك الإنسانية - ذلك بصدور أمر ملكي بإنشاء مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية إسهاماً في الأعمال الخيرية التي تهدف إلى خدمة الدين والوطن والأمة والإنسانية جمعاء، ونشر التسامح والسلام، وتحقيق الرفاهية، وتطوير العلوم.
وثمن العالم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بكل اعتزاز وتقدير المبادرات الإنسانية التي يقوم بها ملك الإنسانية لمساعدة الأشقاء والأصدقاء وعلاج المرضى وإغاثة المنكوبين في النوازل والكوارث.
وشغلت قضايا الأمة الإسلامية وتطوراتها دوما اهتمام خادم الحرمين الشريفين وكانت محور اهتمامه ونشط في قضايا أمته ومن ذلك دعوته لعقد القمة الإستثنائية الثالثة في مكة المكرمة يومي 5 و6 ذي القعدة 1426ه الموافق 7 و8 ديسمبر 2005م إيمانا منه بضرورة إيقاظ الأمة الإسلامية وإيجاد نوع من التكامل الإسلامى بين شعوبها ودولها والوصول إلى صيغة عصرية للتعامل فيما بينها أولا ومع الدول الأخرى التى تشاركنا الحياة على هذه الأرض إضافة إلى العمل الجاد على حل مشكلات الدول الفقيرة من خلال صندوق خاص لدعمها وجعلها تقف على قدميها.
وقال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته التي افتتح بها أعمال القمة إن الوحدة الإسلامية لن يحققها سفك الدماء كما يزعم المارقون بضلالهم فالغلو والتطرف والتكفير لا يمكن له أن ينبت فى أرض خصبة بروح التسامح ونشرالاعتدال والوسطية وهنا يأتى دور مجمع الفقه الإسلامى فى تشكيله الجديد ليتصدى لدوره التاريخى ومسؤوليته فى مقاومة الفكر المتطرف بكل أشكاله وأطيافه كما أن منهجية التدرج هى طريق النجاح الذى يبدأ بالتشاور فى كل شؤون حياتنا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للوصول الى مرحلة التضامن باذن الله وصولا الى الوحدة الحقيقية الفاعلة المتمثلة فى مؤسسات تعيد للامة مكانها فى معادلات القوة .
وعبر حفظه الله عن تطلعه إلى أمة اسلامية موحدة وحكم يقضي على الظلم والقهر وتنمية مسلمة شاملة تهدف للقضاء على العوز والفقر كما أتطلع الى انتشار الوسطية التي تجسد سماحة الاسلام وأتطلع الى مخترعين وصناعيين مسلمين وتقنية مسلمة متقدمة والى شباب مسلم يعمل لدنياه كما يعمل لآخرته دون افراط أو تفريط .
وفي جانب آخر من الاهتمام بالإسلام والمسلمين تواصل المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عنايتها بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما بكل ما تستطيع فأنفقت أكثر من سبعين مليار ريال خلال السنوات الأخيرة فقط على المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة بما في ذلك توسعة الحرمين الشريفين وتتضمن نزع‌الملكيات وتطوير المناطق المحيطة بهما وتطوير شبكات الخدمات والانفاق والطرق‌.
وفي المجال السياسى حافظت المملكة على نهجها الذى انتهجته منذ عهد مؤسسها الراحل الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه القائم على سياسة الاعتدال والإتزان والحكمة وبعد النظر على الصعد كافة ومنها الصعيد الخارجى الذى يهدف لخدمة الإسلام والمسلمين وقضاياهم ونصرتهم ومد يد العون والدعم لهم فى ظل نظرة متوازنة مع مقتضيات العصر وظروف المجتمع الدولي وأسس العلاقات الدولية المرعية والمعمول بها بين دول العالم كافة منطلقة من القاعدة الاساس التى أرساها المؤسس الباني وهي العقيدة الإسلامية الصحيحة. وفى ذلك قال الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود رعاه الله فى افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الرابعة لمجلس الشورى بتاريخ 3ربيع الأول 1427 ه إن منهجنا الاسلامى يفرض علينا نشر العدل بين الناس لا نفرق بين قوي وضعيف وأن نعطي كل ذي حق حقه ولا نحتجب عن حاجة أحد فالناس سواسية فلا يكبر من يكبر إلا بعمله ولا يصغر من يصغر إلاّ بذنبه .
وما برحت السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية تعبر بصدق ووضوح مقرونين بالشفافية عن نهج ثابت ملتزم تجاه قضايا الأمة العربية وشؤونها ومصالحها المشتركة ومشكلاتها وفى مقدمتها القضية الفلسطينية واستعادة المسجد الاقصى المبارك والعمل من أجل تحقيق المصالح المشتركة مع التمسك بميثاق الجامعة العربية وتثبيت دعائم التضامن العربي على أسس تكفل استمراره لخير الشعوب العربية. وجاءت زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العديدة للدول العربية والاسلامية والصديقة لتشكل رافدا آخر من روافد اتزان السياسة الخارجية للمملكة وحرصها على السلام والأمن الدوليين‌حيث قام حفظه الله بزيارة عدد من الدول الشقيقة وأجرى محادثات مطوله مع القادة والمسؤولين فى هذه الدول استهدفت وحدة الامة العربية إضافة إلى دعم علاقات المملكة مع الدول الصديقة وكانت بفضل الله زيارات ناجحة انعكست نتائجها بشكل إيجابي على مسيرة التضامن العربى والأمن والسلام الدوليين.
وتصدرت قضايا الاقتصاد والتعاون التنموى موضوعات زياراته حفظه الله‌وفتحت آفاقا جديدة ورحبة من التعاون بين المملكة وتلك الدول‌. كما بحث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع قادة ورؤساء الدول الشقيقة والصديقة الذين زاروا المملكة العربية السعودية القضايا والمشكلات الاقليمية والدولية للوصول الى قرارات ونتائج فاعلة لما يشغل الرأى العام.ولخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أياد بيضاء ومواقف عربية واسلامية نبيلة تجاه القضايا العربية والاسلامية وفى مقدمتها القضية الفلسطينية حيث استمر على نهج والده الملك عبدالعزيز رحمه الله فى دعم القضية سياسيا وماديا ومعنويا بالسعي الجاد والمتواصل لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطينى فى العودة الى أرضه واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطنى وتبنى قضية القدس ومناصرتها بكل الوسائل.
ويبرز في هذا السايق الموقف التاريخي للملك عبدالله بن عبدالعزيز في مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية (قمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة) التي عقدت في الكويت في شهر يناير الماضي حيث أعلن حفظه الله عن تجاوز مرحلة الخلافات بين العرب وأسس لبداية مرحلة جديدة في مسيرة العمل العربي المشترك تقوم على قيم الوضوح والمصارحة والحرص على العمل الجماعي في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
وفي ذلك يقول خادم الحرمين الشريفين حفظه الله (ومن هنا اسمحوا لي أعلن باسمنا جميعا أننا تجاوزنا مرحلة الخلاف وفتحنا باب الأخوة العربية والوحدة لكل العرب دون استثناء أو تحفظ وأننا سنواجه المستقبل بأذن الله نابذين خلافاتنا صفا واحدا كالبنيان المرصوص مستشهدين بقوله تعالى ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
كما أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود عن تبرع المملكة العربية السعودية بمبلغ /1000/ مليون دولار لإعادة اعمار غزة وشدد على أهمية وحدة الفلسطينيين في هذه المرحلة المهمة حيث قال // وتقضي الأمانة هنا أن نقول لأشقائنا الفلسطينيين أن فرقتهم أخطر على قضيتهم من عدوان إسرائيل. وأذكرهم بان الله عز وجل ربط النصر بالوحدة وربط الهزيمة بالخلاف مستذكرا معهم قوله تعالى // واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا //.
ونبه الكيان الإسرائيلي إلى أن الخيار بين الحرب والسلام لن يكون مفتوحا في كل وقت وأن مبادرة السلام العربية المطروحة لن تبقى على الطاولة إلى الأبد حيث قال حفظه الله // إن على إسرائيل أن تدرك أن الخيار بين الحرب والسلام لن يكون م فتوحا في كل وقت وأن مبادرة السلام العربية المطروحة على الطاولة اليوم لن تبقى على الطاولة إلى الأبد //.
وفى هذا الإطار قدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز / عندما كان وليا للعهد / لمؤتمر القمة العربية فى بيروت عام 2002م تصورا للتسوية الشاملة العادلة للقضية الفلسطينية من ثمانية مبادئ عرف باسم // مشروع الأمير عبدالله بن‌عبدالعزيز للسلام // وقد لاقت هذه‌المقترحات قبولا عربيا ودوليا وتبنتها تلك القمة وأكدتها القمم العربية اللاحقة خاصة قمة الرياض الأخيرة وأضحت مبادرة سلام عربية.
كما اقترح حفظه الله فى المؤتمر العربى الذى عقد فى القاهرة فى اكتوبر من عام 2000م إنشاء صندوق يحمل اسم انتفاضة القدس برأس مال قدرة مئتا مليون دولار ويخصص للإنفاق على أسر الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا فى الانتفاضة وإنشاء صندوق آخر يحمل اسم صندوق الأقصى يخصص له ثمانمائة مليون دولار لتمويل مشاريع تحافظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس والحيلولة دون طمسها وأعلن حفظه الله عن إسهام المملكة العربية السعودية بربع المبلغ المخصص لهذين الصندوقين.
ووجه رعاه الله في يوليو عام 2006م بتخصيص منحة قدرها مائتان وخمسون مليون دولار للشعب الفلسطيني لتكون بدورها نواة لصندوق عربي دولي لإعمار فلسطين. وعندما حدث خلاف بين الفلسطينيين سارع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله بتوجيه الدعوة لأشقائه قادة الشعب الفلسطيني لعقد لقاء في رحاب بيت الله الحرام بمكة المكرمة لبحث أمور الخلاف بينهم بكل حيادية ودون تدخل من أي طرف والوصول إلى حلول عاجلة لما يجري على الساحة الفلسطينية. واستجاب القادة الفلسطينيون لهذه الدعوة وعقد كل من فخامة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس / أبو مازن / ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ودولة رئيس الوزراء الفلسطيني انذاك إسماعيل هنية اجتماعات في قصر الضيافة في مكة المكرمة بحضور عدد من المسئولين في حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين.
وتوجوا تلك الاجتماعات باتفاق مكة الذي أعلن بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله في قصر الصفا بجوار بيت الله الحرام في العشرين من شهر محرم 1428ه.
وفيما يتعلق بلبنان الشقيق عندما حدث الاعتداء الإسرائيلي السافر على بيروت وعلى الجنوب اللبنانى في شهر يوليو من العام 2006 م دانت المملكة بشدة تلك العمليات العسكرية وحذرت المجتمع الدولى من خطورة الوضع في المنطقة وانزلاقه نحو أجواء حرب ودائرة عنف جديدة من الصعب التنبؤ بنتائجها خاصة في ظل التراخي الدولي في التعاطي مع السياسات الاسرائيلية ودعت المجتمع الدولى الى الاضطلاع بمسؤلياته الشرعية والانسانية لإيقاف العدوان الاسرائيلى السافر وحماية الشعب اللبنانى الشقيق وبنيته التحتيه ودعم جهود الحكومة اللبنانية الشرعية للحفاظ على لبنان وصون سيادته وبسط سلطته على كامل ترابه الوطنى. وبادرت المملكة بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الاتصال بالمجتمع الدولي وسعت من خلال علاقاتها مع الولايات المتحدة ودول العالم الأخرى ومن خلال الامم المتحدة إلى رفع ماوقع على لبنان وتم التوصل إلى وقف الغارات الإسرائيلية البشعة على العاصمة اللبنانية والهجوم البرى على الجنوب اللبنانى. ولم تكتف المملكة العربية السعودية بالتحرك السياسي بل شعرت بالمأساة الإنسانية التى خلفها العدوان الاسرائيلي على لبنان. ومن هذا المنطلق وجه خادم الحرمين الشريفين رعاه الله الدعوة لحملة تبرعات شعبية. كما وجه حفظه الله بإيداع وديعة بالف مليون دولار فى المصرف اللبنانى المركزى دعما للاقتصاد اللبناني.
واستجابة لنداء دولة رئيس وزراء لبنان فؤاد السنيورة وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله بتحويل مبلغ خمسين مليون دولار بشكل فوري ليكون تحت تصرف دولة رئيس الوزراء لصرفه على الاحتياجات الاغاثية العاجلة وتوفير الخدمات اللازمة للتخفيف من معاناة الشعب اللبنانى الشقيق في ظل الظروف الصعبة التى يعيشها اللبنانيون جراء الاعتداء الاسرائيلي الذي مس الشعب اللبنانى باسره وعرض الأبرياء لأسوأ الظروف الانسانية.
كما وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتخصيص منحة قدرها خمسمائة مليون دولار للشعب اللبنانى لتكون نواة صندوق عربي دولي لإعمار لبنان.
وفي مؤتمر باريس 3 الذي عقد في شهر يناير من العام الماضي 2007 م قدمت المملكة العربية السعودية للبنان مساعدات بلغت مليار دولار لدعم مشاريع التنمية في لبنان من خلال الصندوق السعودي للتنمية وبالتنسيق مع الحكومة اللبنانية إضافة الى تقديم منحة بمبلغ 100 مليون دولار للحكومة اللبنانية لدعم الميزانية العامة لديها.
وفيما يتعلق بالعراق فقد أكدت المملكة الحاجة الماسة الى التعاون الدولى من أجل أن يعود العراق الى الساحة العربية والدولية دولة ذات سيادة كاملة تنعم بالامن والاستقرار.
وضاعفت الدبلوماسية السعودية جهودها على الساحتين الإقليمية والدولية لما تمر به المنطقة من أزمات وصراعات وذلك عب انتهاج الحوار والتشاور وتغليب صوت العقل والحكمة في سبيل درء التهديدات والأخطار والحيلولة دون تفاقمها والعمل على تهدئة الاوضاع وتجنب الصراعات المدمرة وحل المشاكل بالوسائل السلمية وذلك وفق ما تفرضه تعاليم ديننا الحنيف ويمليه ضميرنا وشعورنا بالمسئولية. وقد اضطلعت المملكة العربية السعودية خلال هذه الفترة الحرجة بمسؤوليتها خاصة أن المملكة قد استضافت القمة الاستثنائية التي عقدت في مكة المكرمة وتسلمت رئاسة قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في الرياض ورئاسة الدورة الحالية للقمة العربية التي عقدت في الرياض كذلك.
وأضحى من واجب المملكة وهي تحرص على إصلاح أحوال العرب والمسلمين وجمع كلمتهم أن تبادر قبل غيرها إلى صياغة دور فاعل خليجيا وعربيا وإسلاميا لكي تتمكن من تفعيل أسس التعاون في سبيل الحفاظ على هوية الأمة العربية والإسلامية والدفاع عن قضاياها وصيانة مصالحها، والتصدي لأخطار الفتنة والانقسام والصراع التي تهدد كيانها، ويأتي في مقدمتها تصاعد الفتنة بين المذاهب الاسلامية وإشعال فتيل النزاع الطائفي في أماكن مختلفة من عالمنا الإسلامي وخاصة ما يحدث في العراق ولبنان.
واستشعارا من المملكة العربية السعودية لأهمية مكانتها ودورها في العالم الإسلامي والعربي فقد حرصت دوما على عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية والإسلامية الأخرى ووقفت دوما على مسافة واحدة من جميع المذاهب والفرق والطوائف التي تتشكل منها مجتمعات الدول الأخرى وكانت دوما داعية إلى الحوار والتفاهم والمصالحة ورأب الصدع ولم الشمل في أي منطقة تظهر فيها بذور الفتنة والانقسام.
فقد تم في الثاني من شهر مايو من العام الماضي 2007 في الرياض التوقيع على اتفاق ثنائي لتطوير وتعزيز العلاقات بين جمهورية السودان وجمهورية تشاد برعابة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله حيث قام فخامة الرئيس عمر حسن البشير وفخامة الرئيس إدريس ديبي أتنو بالتوقيع على الاتفاق الثنائي لتطوير وتعزيز العلاقات بين بلديهما.
وفي الاطار نفسه عقدت في جدة مساء يوم الأحد الرابع من رمضان الجاري الموافق 16 سبتمبر 2007م برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله الجلسة الختامية لمؤتمر المصالحة الوطنية الصومالية التي شارك فيها فخامة الرئيس الصومالي عبدالله يوسف أحمد ودولة رئيس البرلمان آدم محمد نور ودولة رئيس الوزراء علي محمد جيدي ورئيس لجنة المصالحة الوطنية علي مهدي محمد ومشايخ القبائل وممثلو الفصائل وكبار الشخصيات الصومالية. وقال خادم الحرمين الشريفين في كلمة الفاها خلال الجلسة // إن الوصول إلى الاتفاق خطوة أولى ولا بد أن يعقبها التزام كامل ببنوده وأحكامه وعمل جاد لوضعها موضع التنفيذ وإنني متفائل بأنكم قادرون / بعون الله/على أن تجعلوا الاتفاق فجرا لعهد جديد يحمل الأمن والازدهار لأبناء الصومال الشقيق ويعزز السلام والمودة بين الصومال وجيرانه.
ويبرهن خادم الحرمين الشريفين في هذه المصالحة وفي غيرها من المصالحات على أنه رجل السلام الأول كما يبرهن على مدى حرصه على لم شمل هذه الامة وتجنيبها ويلات الفتن والخلافات والصراعات الجانبية.
كما أن للمملكة إسهاماتها الواضحة والملموسة في الساحة الدولية عبر الدفاع عن مبادئ الأمن والسلام والعدل وصيانة حقوق الإنسان ونبذ العنف والتمييز العنصري وعملها الدؤوب لمكافحة الإرهاب والجريمة طبقا لما جاء به الدين الإسلامي الحنيف الذي اتخذت منه المملكة منهجا في سياساتها الداخلية والخارجية بالإضافة إلى جهودها في تعزيز دور المنظمات العالمية والدعوة إلى تحقيق التعاون الدولي في سبيل النهوض بالمجتمعات النامية ومساعدتها على الحصول على متطلباتها الأساسية لتحقيق نمائها واستقرارها.
ففي مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات أثمرت جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ودعوته في أكثر من مناسبة إلى تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات المختلفة وإلى ضرورة تعميق المعرفة بالأخر وبتاريخه وقيمه وتأسيس علاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والاعتراف بالتنوع الثقافي والحضاري بانعقاد المؤتمر العالمي للحوار في العاصمة الأسباينة مدريد في شهر يوليو عام 2008 م ليؤسس بذلك منتدى عالميا للحوار بدأت ملامحه تتشكل من خلال تأسيس لجنة المتابعة لحوار أتباع الأديان عقدت أول اجتماع لها في العاصمة النمساوية فيينا في شهر يوليو الماضي لمتابعة سبل تنفيذ مباردة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات التي أطلقها في افتتاح المؤتمر العالمي للحوار.
وفي ظل معاناة الكثير من الدول من الارهاب ومنها المملكة العربية السعودية والمزاعم التي ترددها وسائل الإعلام الغربية أن الاسلام دين عنف وإرهاب في محاولة لإلصاق الإرهاب بالإسلام دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله إلى عقد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب وذلك في مدينة الرياض وعقد المؤتمر في الخامس من شهر فبراير 2005 برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله بمشاركة اكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والاقليمية والعربية.
ودعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله في كلمة افتتح بها المؤتمر إلى إقامة مركز دولي لمكافحة الإرهاب حيث قال رعاه الله // إن أملى كبير فى أن هذا المؤتمر سوف يبدأ صفحة جديدة من التعاون الدولى الفعال لانشاء مجتمع دولي خال من الإرهاب وفى هذا الجانب أدعو جميع الدول الى إقامة مركز دولى لمكافحة الإرهاب يكون العاملون فيه من المتخصصين فى هذا المجال والهدف من ذلك تبادل وتمرير المعلومات بشكل فوري يتفق مع سرعة الاحداث وتجنبها إن شاء الله قبل وقوعها //.
وتحل مناسبة اليوم الوطني ال80 والمملكة ترتقي سلم المجد نحو مزيد من العز والازدهار والنماء لتبوأ بين أمم الأرض أعلى المراتب وتسهم في خدمة الإنسانية بقيادة رشيدة عاملة بجد وتفان بتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولى عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله وسدد خطاهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.