في فرنسا بدأ 14 مطعما جديدا للوجبات السريعة، تقدّم الوجبات الحلال فقط، بداية من اليوم 1/9/2010 الموافق 22 رمضان 1431ه، ليرتفع بذلك عدد مطاعم الوجبات الحلال إلى 22 موزّعة في مختلف أنحاء فرنسا. عشرة منها توجد في باريس وضواحيها. وقال المسؤول عن هذه المطاعم المتخصّصة في تقديم الوجبات السريعة، أنّ تجربة الإقتصار على الوجبات الحلال في فرنسا، أكّدت نجاحها، وشجّعت إدارتها على اتخاذ هذا القرار. وكانت هذه المطاعم قد بدأت مطلع العام الجاري تجربة تقديم وجبات حلال في ثمانية من مطاعمها ما أثار حفيظة غلاة العلمانية، واعتبروه اعتداء صارخا على علمانية البلاد وتمييزا دينيا ضد غير المسلمين! وقدّم عمدة مدينة روباي شمال فرنسا، قضية لدى القضاء في فبراير الماضي، احتجاجا على تحويل مطعم مدينته إلى مطعم حلال، في خطوة اعتبرها كثيرون وقتها محاولة للإلتفاف على صيحات المتشدّدين، لكنّه سحب القضية بعد ذلك. وقالت بعض المصادر الإعلامية إنّ هذه الخطوة كان بناء على دراسة أكّدت أنّ تقديم وجبات الطعام الحلال يمكن أن ينقذ عددا من مطاعمها من الإغلاق. وأكّد مسؤول في المجموعة، أنّ مطعم مدينة فيلوربان القريبة من مدينة ليون، قد شهد تحسّنا ملحوظا في رقم معاملاته بعد تحويله إلى مطعم يقدم الأكلات السريعة الحلال، فارتفع دخله بنسبة 30 بالمائة خلال أسابيع قليلة تنافس على سوق الحلال وفي خطوة اعتبرها مراقبون تدخل في إطار التنافس الشّرس على سوق الحلال في فرنسا، وزّعت شركة اخرى أكثر من ستّة آلاف لوحة إعلانية، شملت أكثرمن مائة وخمسين مدينة فرنسية، بدءا بالعاصمة باريس وشارع الإليزية، وغيرها من كبريات المدن الفرنسية، ترغّب في استهلاك اللحم الحلال .ولم تتخلّف بقية الشركات التي دخلت سوق المواد الحلال عن هذه الحملة، لتظفر بأكبر نسبة من المستهلكين المسلمين، الذين أصبح لهم ثقلهم التجاري، في فرنسا، ووجدوا في شهر رمضان المبارك، منافع لهم، وموسما فتح شهيتهم في التنافس على سوق الحلال. فأصبحوا خلال السنوات الأخيرة يعدّون له: يدرسون حاجات الصّائمين، ويوفّرون لهم ما يطلبون، ويتحرّون هلاله، ليقدّموا لهم تهاني دخول الشهر الكريم، ويهدونهم إمساكيته. ترضية المستهلك المسلم وقد سجّل المراقبون خلال العامين الأخيرين، تنافسا شديدا بين الشركات المتخصّصة في المواد الغذائية، في اقتحام سوق الحلال، من خلال تنويع المواد، وتوسيع دوائر عرضها على المستهلكين، وتخصيص ميزانيات ضخمة للإعلانات التي ترغّب في ماركاتهم. فانطلقت حملة التنافس بينهم مبكّرا، لترضية المستهلك المسلم، في شهر رمضان .حملة الإعلانات غير المسبوقة للحم الحلال، في نظر المراقبين ليست سوى نموذج من المعركة الحامية التي تخوضها هذه الشركات، لربح سوق الحلال الفرنسية. وأكّد أحد المسؤولين في سلسلة تجارية في تعليقه على الاهتمام الذي يوليه للمستهلك المسلم "إنّ عدم الإهتمام بحاجات المسلمين، معناه أنّنا لا نحترم مهنتنا". منافسة شديدة كانت شركة قد أطلقت العام الماضي حملة إعلانات واسعة خصّصتها لإنتاجها من المواد الحلال، بعد أن نوّعتها لتشمل الصلصات والأكلات الجاهزة. ثم التحقت بها شركات أخرى في إنتاج مواد غذائية حلال، بدءا باللحم (يشمل لحوم الطيور والدجاج والغنم والبقر) إلى الأطباق الجاهزة والحلوى وحليب الأطفال وغير ذلك من المواد الحلال، بديلا عن مواد تستعمل فيها شحوم الخنازير والكحول المحرّمة فدخلت ماركات كثيرة سوق التنافس. سوق واعدة ظلّ توفّر اللحم الحلال مشكلة حقيقية يعاني منها مسلمو فرنسا حتّى الثمانينيات من القرن الماضي، عندما اتجه بعض المسلمين إلى إقامة مجازر خاصة بهم. ثمّ تطوّرت هذه السوق في منتصف تسعينيات القرن الماضي، عندما أصدرت الحكومة الفرنسية سنة 1995 قرارا يمنع الذبح العشوائي، ويقصر العملية على المسالخ التي تراقبها الدولة ومصالح الطب البيطري. ومنحت ثلاثة مساجد كبيرة صلاحية الإشراف على الذبح الحلال وفق الشريعة الإسلامية في كامل فرنسا، وهي مسجد باريس الكبير، ومسجد أيفري، إحدى الضواحي الجنوبية لباريس، ومسجد مدينة ليون. فارتفع عدد المجارز الإسلامية إلى أن بلغ حاليا تسعة آلاف مجزرة، توفّر نحو 80 بالمائة من حاجة الجالية المسلمة من اللحم الحلال، يوجد معظمها في منطقة باريس الكبرى، وجنوب شرق فرنسا.لكن ارتفاع الطلب فتح شهية الشركات الكبيرة المتخصصة في اللحوم والمواد الغذائية، وأغرى أصحاب المتاجر الكبرى باقتحام هذه السوق، رغم أنّهم غير مسلمين. فانتدبوا للعمل معهم ما يفي بحاجتهم من المسلمين، للإشراف على إنتاج موادهم من الحلال، والبحث معهم عن الطرق الأفضل لتقريبها إلى المستهلكين. وأصبحوا يوفّرون مختلف أنواع اللحم الحلال المذبوح وفق الشريعة الإسلامية، وبشهادة مكتوبة من أحد المساجد الثلاثة المخوّلة حقّ تقديم هذه الشهادة.