إذا كانت الجزائر قد عادت الى الادوار النهائية لكأس العالم لكرة القدم للمرة الاولى منذ 24 عاما وتحديدا مونديال 1986 في المكسيك، فإن الفضل يعود بدرجة كبيرة الى لاعبيها المحترفين في فرنسا ابناء مهاجرين لم ينسوا أصولهم. بلد الاقامة فرنسا، لكن البلد الأم الجزائر. انه العمود الفقري للمنتخب الجزائري لكرة القدم المشارك في نهائيات كأس العالم المقامة في جنوب افريقيا حتى 11 تموز/يوليو المقبل. فعلى غرار جيل المنتخب الفرنسي في مونديال 1998 الذي ضم في صفوفه مزيجا من اللاعبين السود والبيض المهاجرين، فان تشكيلة "محاربي الصحراء" هي الآن في معظمها مؤلفة من المهاجرين. اللاعبون الذين ولدوا في الاراضي الفرنسية من ابوين جزائريين واختاروا جنسية مزدوجة، من الواضح أنهم عادوا الى اصولهم وهم فخورون بذلك، ونجحوا في اعادة البسمة الى الجماهير الجزائرية من خلال حجز بطاقة التأهل الى المونديال للمرة الاولى منذ عام 1986 في المكسيك والثالثة في التاريخ بعد 1982 في اسبانيا. التشكيلة الاساسية للمنتخب الجزائري في التصفيات كانت تضم 8 لاعبين يملكون جواز سفر فرنسي وهم مجيد بوقرة وعنتر يحيى ونذير بلحاج ويزيد منصوري وخالد لموشية وكريم زياني وحسان يبدة وعبد القادر غزال، وسيكون الامر كذلك في جنوب افريقيا ان لم يكن أكثر لان المدير الفني رابح سعدان استدعى 7 لاعبين جدد يحملون الجواز الفرنسي وهم حارس مرمى سلافيا صوفيا البلغاري رايس وهاب مبولحي وكارل مجاني (اجاكسيو الفرنسي) وحبيب بلعيد (بولون الفرنسي) وجمال مصباح (ليتشي الايطالي) ورياض بودبوز (سوشو الفرنسي) ومهدي لحسن (راسينغ سانتاندر) وعدلان قديورة (وولفرهامبتون الانكليزي) وفؤاد قادير (فالنسيان الفرنسي). وكان مراد مغني سيكون بين اللاعبين الفرنسيي الجنسية في صفوف المنتخب الجزائري لولا لم يحزم حقائبه في اللحظة الاخيرة بسبب اصابة في الركبة. تردد مغني مرارا وتكرارا للعب مع المنتخب الجزائري، قبل ان يقرر في نهاية المطاف الدفاع عن الوان بلده الام. الامر ذاته بالنسبة لحسان يبدا الذي فرض نفسه لاعب وسط أيسر. توج بطلا للعالم للناشئين (تحت 17 عاما) مع المنتخب الفرنسي عام 2001 في تشكيلة ضمت مغني وكريم بنزيمة وحاتم ب عرفة. وقال يبدا لاعب وسط بورتسموث الانكليزي في معرض رده عن سؤال لموقع الاتحاد الدولي لكرة القدم في كانون الثاني/يناير الماضي: "والدي ولدا في الجزائر، اخوتي الكبار والكبيرات أيضا. كنت أذهب الى الجزائر حتى قبل اختياري ضمن صفوف المنتخب وأعود متى أردت. الان، أعود الى هناك مرتين كل ثلاثة أشهر" مشيرا الى ان الجزائر هي تقريبا بيته الثاني علما بانه حظي باحتفال كبير في حي عائلته في مكلة خلال التصفيات. اما بالنسبة الى كارل مجاني الذي استدعي للمرة الاولى الى صفوف المنتخب الجزائري قبل بضعة أسابيع، فاكد انه فوجىء باختياره للدفاع عن الوان الجزائر، كونه لم يسبق له ارتداء قميص المنتخب الجزائري. مسيرته مشابهة تماما لمغني ويبدة حيث لعب فترة طويلة في فرق الناشئين والشباب في فرنسا. في عام 2002، حل وصيفا مع المنتخب الفرنسي في بطولة اوروبا للناشئين (تحت 17 عاما). ونجحت الجزائر برئاسة راوراوة، الرجل القوي في كرة القدم الجزائرية والشخصية الصاعدة في سماء الهيئات الرياضية الدولية، في العودة الى نهائيات كأس العالم للمرة الاولى منذ 24 عاما وتحديدا منذ مونديال 1986 في المكسيك، كما انها استعادت عافيتها في كأس الامم الافريقية ببلوغها دور الاربعة للنسخة الاخيرة في انغولا مطلع العام الحالي بعدما كان اخر زهور لها في العرس القاري عام 2004. وقال راوراوة "لا أملك عصا سحرية بالتأكيد. لكن هذا المنتخب شكلت لبنته الاولى خلال ولايتي الاولى على رأس الاتحاد الجزائري بين عامي 2001 و2005. لاحظت بان كرة القدم في بلادنا لم تعد قادرة على تكوين لاعبين من طينة رابع ماجر ولخضر بلومي أو صالح عصاد. لذلك قمت باختيار اللاعبين المحترفين في أوروبا، وبالفعل في عام 2004 مع المدير الفني الحالي رابح سعدان بلغنا الدور ربع النهائي من كأس الامم الافريقية مع كريم زياني وعنتر يحيى".