المال لا يملكه الجميع ولو كانت الصدقة مقتصرة على المال لحرم أجرها معظم المسلمين ولاحتكرها جمع قليل ممن يملكونه لأنه لا يملك القدرة والانتصار على شح النفس إلا القليل ممن يملك هذا المال مما يحصر الصدقة في عدد قليل جداً من الناس ولتعطل من أجل ذلك الكثير من الخير وتضرر عدد أكبر ممن يحتاجونه، لذلك كله فتح الرسول صلى الله عليه وسلم أبواب الصدقة على مصاريعها .واتاحها للجميع فلا يوجد مسلم على هذه الأرض لا يملك منها نوعاً من الأنواع، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الترمذي وابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنه : " تبسمك في وجه اخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وارشادك الرجل في ارض الضلال لك صدقة وبصرك للرجل الردئ البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة " . إذن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عمل فيه مشقة وتحمل للأذى الذي سيصيب الآمر بالمعروف والناهي من جراء قيامه لهذا الواجب وارشاد الضال فيه تعب وكذلك اماطة الاذى عن الطريق وافراغ الماء في دلو اخيك وكل ذلك فيه انتقال حركة من فرد لاخر ولكن التساؤل قد ينحصر في الابتسامة كيف يعدها الرسول صلى الله عليه وسلم من الصدقات فأين المشقة والحركة والانتقال فيها؟ ويجيء على هذا السؤال محمد قطب حيث يقول : " بلى إنها كذلك فليكن اذن كل اعطاء صدقة ..حتى تبسمك في وجه اخيك صدقة ..انه ذات المنبع وهي عملية نفسية واحدة في جميع الأحوال إن " الحركة " النفسية التي تحدث في داخل النفس وانت تهم باعطاء القرش للرجل او تساعد انساناً على حمل الناس انها ذاتها التي تحدث في نفسك وانت ترفع حجراً من الطريق حتى لا يعثر فيه الناس وهي ذاتها التي تدفع الابتسامة الى وجهك حين ترى وجه اخيك ..انك لو جسمت مشاعر النفوس فتخيلتها جسوماً متحركة لرأيت صورة واحدة في كل مرة صورة النفس وهي تحرك يدها في الداخل حركة الاعطاء . ان المسلم يعطي هذا العطاء لانه يعلم انه مأجور عند اظهار البشاشة والبشر لاخيه اذا لقيه كما يؤجر عند اعطاء المال لمن يستحقه، لا شك ان الابتسامة من اكبر الوسائل لجلب الود، وكسب الآخرين فالناس قد جبلوا على الاقبال لمن يتحلى بهذه الصفة وينفرون من الغليظ المتجهم للوجه والحاد في طباعه ، والبشاشة مصيدة المودة والبر شيء هين ووجه طليق وكلام لين ..افيعجز الدعاة عن هاتين الركيزتين لكسب القلوب ثم يعلق على حديث " تبسمك في وجه اخيك " يقول وفيه رد على العابد الذي يعبس في وجهه ويقطب جبينه كأنه منّزه عن الناس مستقذر لهم او غضبان عليهم " انتهى كلامه . وما اكثر اولئك الذين يعانون قحطاً او جفافاً في وجوههم زاهدين بعلمهم لما يجدونه من العبوس والتجهم . يقول الدكتور ميسرة طاهر استاذ علم النفس بجامعة الملك عبدالعزيز : ان الابتسامة تريح النفس وتساعد على جودة التفكير واتقان العمليات العقلية وتقلل من الجهد العضلي والعصبي كما تقلل من تجاعيد الوجه ..إن الابتسامة تقلل العدوان والمشاجرات، ان الابتسامة تنشر الحب والود والوئام والألفة ..وتثري الاواصر الاجتماعية ..ومع كل ما سبق فإن ابتسامتك في وجه اخيك صدقة . محمد احمد فلاته