مع اشتداد تداعيات التباطؤ الاقتصادي المستمر فإن دواء قطاع الطاقة المتجددة قد يكون هو الداء نفسه .. أي سعر أقل للنفط . فقد عمل الدعم الحكومي للاسعار التي ارتفعت الى مستويات قياسية على دعم ازدهار الطاقة البديلة إلا أن هذه العوامل ذاتها بدأت تضر بهذا القطاع . ويعرض الاعتماد على الدعم مصادر للطاقة مثل الرياح والشمس لأهواء الحكومات التي تصارع أولويات أوسع نطاقا للناخبين خلال التباطوء الاقتصادي العالمي . ومع ارتفاع كلفة النفط والطاقة أصبح المستهلكون أقل تقبلا للتكاليف الاضافية التي تحملها لهم شركات المرافق من أجل خيارات الحفاظ على البيئة . وقال بيتر اثرتون محلل المرافق لدى سيتي جروب " الاولويات الحكومية في السنوات الخمس الاخيرة أو نحو ذلك كانت بكل وضوح البيئة وأمن الامدادات وفي اخر القائمة السعر ... وفجأة قفز السعر إلى قمة القائمة ." وأضاف " إذا انخفض السعر مرة أخرى إلى 80 دولارا فإن الحكومة يمكنها على الارجح أن تتعايش معها " مشيرا إلى التكلفة الاضافية التي تفرضها السياسات البيئية . كان ارتفاع أسعار النفط قد أعطى طاقة الرياح من المحطات البرية القدرة على منافسة الغاز الطبيعي بحيث قلل أهمية الاستمرار في دعم سعر الغاز . لكن قطاعات أكثر كلفة في هيكل الطاقة البديلة وبصفة خاصة الطاقة الشمسية ستتضرر كثيرا بالتراجع عن السياسات البيئية الحكومية . وتريد اوروبا والولايات المتحدة والصين والهند رفع انتاج الكهرباء من المصادر التي تنتج كميات منخفضة من الغازات الكربونية مثل الرياح والشمس والمخلفات الحيوية لمكافحة التغيرات المناخية وزيادة الطاقة المولدة محليا لتأمين الامدادات . لكن أهداف انتاج الكهرباء من الشمس أو الرياح ترفع كلفة الطاقة لان شركات المرافق تحمل الزيادة في الاسعار على المستهلك . وقال مايكل ليبرايش رئيس شركة نيو انرجي فاينانس للابحاث " شهدنا تدهورا يرتبط بالضعف الاقتصادي أكثر من غيره . فقد ازدادت صعوبة تمرير التدابير التي ترفع كلفة الطاقة أو حتى الحفاظ عليها كما هي عندما يكون المستهلكون تحت ضغط ." وأضاف " إذا انخفض النفط دون 100 دولار ... فسيتحمله المستهلك ." وقال إن الاحتمالات تبدو أضعف الان مما كانت عليه قبل ستة أشهر لتطبيق خطة أمريكية تفرض حدودا عليا وتنظم التعامل في الانبعاثات الغازية من شأنها أن تفرض كلفة اضافية على الصناعة مقابل انبعاثات الغازات الكربونية . وتظهر أرقام نيو انرجي فاينانس أن الاستثمارات العالمية في الطاقة النظيفة في الربع الثاني من العام كانت أقل من الفترة المقابلة من العام الماضي إذ بلغت 33 مليار دولار لتصبح نحو نصف استثمارات الربع الاخير من العام الماضي . وأظهر مسح أجرته مجموعة مؤيدة لقطاع الاعمال الاسبوع الماضي أن أغلب سكان كاليفورنيا لن يؤيدوا الخطط الطموح لمكافحة الاحتباس الحراري إذا كانت ستؤدي إلى رفع أسعار الطاقة . والنتيجة الاجمالية على مستوى العالم هي سياسات مناخية أقل وضوحا . وقال ستيف سوير الامين العام للمجلس العالمي لطاقة الرياح إن مساعي بكين للحد من عمليات الاقراض والتضخم تلحق الضرر بتمويل مشروعات توليد الكهرباء من الرياح في بلد يتأهب لاحتلال الصدارة كأسرع أسواق طاقة الرياح نموا في العالم . وقال سوير إن صفقة للاتحاد الاوروبي لوضع التفاصيل الخاصة بتحقيق هدف توليد خمس احتياجات الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2020 ربما تتأجل حتى ابريل نيسان بعد أن كانت التوقعات تشير إلى التوصل لاتفاق في ديسمبر كانون الاول وسط مساومات لتخفيف الاهداف . واقترحت بريطانيا تضمين الاهداف تكنولوجيات مثل تجميع الانبعاثات الكربونية من المحطات العاملة بالفحم وتخزينها في باطن الارض . كذلك فإن الانتخابات الامريكية تؤجل اجراءات اخرى . فقد طالت محادثات الاممالمتحدة للاتفاق على معاهدة جديدة للمناخ العالمي إذ ينتظر المفاوضون لمعرفة موقف الرئيس الامريكي الجديد . وربما لا يمكن الوفاء بتمديد التيسيرات الضريبية الامريكية الحالية مقابل توليد الكهرباء من الرياح والشمس وحرارة باطن الارض قبل انتهاء أجلها في 31 ديسمبر المقبل بعد أن أصبحت طرفا في نزاع انتخابي بشأن صلتها بدعم أسعار الوقود الحفري . ويشير دعاة حماية البيئة إلى أن مصادر أخرى للكهرباء من بينها الغاز والفحم والطاقة النووية تحصل على دعم . ويبدو مستقبل الطاقة المتجددة في الاجل الطويل مضمونا إذ يحذر العلماء والاقتصاديون من تغيرات مناخية ستؤدي إلى كوارث إذا استمر العالم في الاعتماد على الوقود الحفري . وقد اجتذب قطاع الطاقة البديلة أسماء كبيرة مثل قطب صناعة النفط تي . بون بيكنز الذي يبني محطة لتوليد الكهرباء من الرياح في تكساس بكلفة تبلغ عشرة مليارات دولار . وتجاوز حجم الكهرباء المولدة من الرياح هذا العام 100 جيجاوات للمرة الاولى وربما تدعمه سلسلة من المشروعات البحرية المقرر تنفيذها في أوروبا . ومن المحتمل أن يتعاظم هذا الاتجاه إذا أدت استثمارات العام الماضي في الطاقة النظيفة التي بلغت 148 مليار دولار إلى خفض التكاليف بما يجعل طاقات أخرى مثل الطاقة الشمسية بديلاً مقنعاً .